إسناد المسئولية واتخاذ القرار لعديمي الكفاءة والخبرة، هو كلمة السر وراء الحالة المتعثرة التي وصلت إليها أغلب شركات قطاع الأعمال، فقد أدي سوء إدارة تلك الشركات لإغلاق عشرات المصانع، وسرح مئات العمال، وحوَّل قلاعاً صناعية عملاقة إلي كيانات مهجورة لا إنتاج فيها ولا عمل، هذا ما يؤكد عليه الدكتور سيد محمود السيد، أستاذ التسويق والإدارة بجامعة عين شمس، والذي يحدثنا في الحوار التالي عن أبرز الآليات التي يمكنها أن تساعدنا في النهوض بشركات القطاع العام، وأبرزها التسويق الجيد والإدارة الواعية لهذه الشركات. • في الوقت الذي تسعي فيه الدولة لإعادة هيكلة شركات قطاع الأعمال، كيف يمكن تطبيق الأساليب الحديثة في تسويق منتجات تلك الشركات لانتشالها من عثرتها؟ حتي يتم تطبيق الأساليب الحديثة في التسويق لشركات قطاع الأعمال لابد من إعادة النظر في القواعد البيروقراطية أو اللوائح والقوانين التي تعيق متخذ القرار عن تحقيق المصلحة، ولابد أن يتم تغيير هذه اللوائح لأنها ليست قواعد إلهية بل هي من صنع الإنسان، وهو من يتحكم في التغيير لتحقيق أعلي معدلات الإنتاج وبيعها، فقد ابتدع باركنسون نظرية يقول فيها إن كمية العمل تنمو وتمتد حتي تملأ الوقت المتوافر لإنهائها، مشيرا بذلك إلي انعدام روح المسؤلية وانخفاض درجة الكفاءة عند موظفي الحكومات والشركات لهذا لابد من الإصلاح الإداري. ما رؤيتك للإصلاح الإداري بشركات قطاع الأعمال؟ الإصلاح يجب أن يتم عن طريق اعتماد الأساليب الإدارية الحديثة في تنفيذ الأعمال وتدريب الموظفين والعمال في المؤسسات وتشجيع العمال بالحوافز المادية والمعنوية التي من شأنها أن تشرك الموظفين والعمال في مسؤولية إدارة المؤسسات وفي الحصة التي قد ينالونها من إنتاجها المالي عند تحقيق الأرباح بالإضافة إلي البعد التام عن المصالح الشخصية لرجال الأعمال وهي التي أنتجت وهن القطاع العام وأخلت باقتصاد الدولة في السنوات الماضية وضرورة الاستعانة بأهل الخبرة والكفاءة وهم متواجدون داخل وزارة قطاع الأعمال كما أنه لابد أن تتواجد الخبرات التنافسية والشراكة الاستراتيجية والأجنبية لتبادل الخبرات بالقطاعات المختلفة ولا بد ان يعرف الجميع أن النجاح لايكمن في الإنتاج بل في التفكير في تسويق المنتج قبل الإنتاج يعني لابد أن نحلم للزبائن ونحقق لهم الإمكانيات التي يرغبون فيها قبل أن يفكروا فيها. ما أبرز تلك الأساليب الحديثة للتسويق؟ من بين الأساليب الحديثة للتسويق أن يمتلك قسم التسويق لغات عديدة بالإضافة إلي قدرته علي تلبية احتياجات الزبائن من خلال الحلم لتحقيق منتج عالٍ بإمكانيات مختلفة وتكون أمام المستهلك قبل أن يفكر فيها وتناسب الأسواق العالمية قبل المحلية، ولابد للخروج من فكرة الإعلان التقليدي للمنتجات والاعتماد علي التسويق الإلكتروني. ما أفضل الأساليب الإلكترونية للتسويق؟ العالم الآن عبارة عن قرية صغيرة تأتي إلي العميل عن طريق الموبايل أو الكمبيوتر ونظرا لسهولة حمل الموبايل أصبح الجميع يتعامل إلكترونيا والبحث عن كل ماهو جديد أو مستعمل من خلال الموبايل وليس الكمبيوتر والأمر لايقتصر علي فئة الشباب فحسب بل إنه يمتد إلي الكبار أيضا فلا يوجد بيت الآن يخلو من النت أو الموبايل، الجميع يتبادل ويعلن عن المنتجات عن طريق هذه الوسائل الحديثة، بدلا من أن ننتظر الوسائل التقليدية عن طريق الإعلان بالجرائد صفحة أو نصف صفحة في الوقت الذي يري فيه الموقع آلاف المستهلكين ويستطيعون المفاضلة وعقد صفقة الشراء عن طريق السوشيال ميديا فلابد أن نغير نظرتنا في طرق التسويق كما أن التسويق الإلكتروني الناجح يطبق نظرية 20 % تسويق و80 % تفاعل وتواصل ونجاح التسويق بشكل عام يكمن في جذب العملاء وترغيبهم في الشراء أو الاستفادة من الخدمات. ما الخطوات الأولي التي يجب أن تُتبع لإحياء تاريخ شركات قطاع الأعمال عن طريق التسويق؟ يجب تحرر متخذ القرار من أي قيود أو لوائح مؤسسية تعيق تنفيذ مشروعه بالإضافة إلي إجراء بحوث تسويقية لتلبية احتياجات المستهلك العالمي قبل المحلي حتي يتسني لهذه الشركات أن تصدر منتجاتها وضرورة إحياء المعرفة لعراقة وتاريخ هذه المؤسسات مثل باتا وعمر أفندي وصيدناوي. وإحياء مصانع الغزل والنسيج ومعرفة الأجيال الحالية بتاريخ هذه الشركات وجودتها وماركاتها فيما مضي والعمل علي إحيائها حاليا وتقديمها في شكل يتناسب مع طبيعه العصر بل ويناسب العالم أجمع حتي يتسني لنا أن نصدر منتجاتنا وذلك يتم بداية من المواقع الإلكترونية وينتهي إلي إعلانات الطرق لتعلن عن عودة الشركات العملاقة بقطاع الأعمال إلي الأسواق وتقدم صورة نهائية من المنتج مع جملة عن تاريخية الماركة القديمة. ما الروشتة التي تقدمها لوضع الخطوط العريضة لتسويق منتجات قطاع الأعمال؟ أولا، لابد من توفير جهاز إداري وقيادي متخصص وذي خبرة عالية، وثانيًا السرعة في تنفيذ الأعمال وذلك انطلاقا من البحوث التي أجريت علي السوق العالمي والمحلي، وثالثا انتقاء المشروعات وفق أسس ومعايير مهنية واضحة تحقق مصالح العلامة التجارية للشركة مثل الالتزام والمصداقية والشفافية العالية مع مختلف الثقافات، ورابعا ضرورة الاستعانة بالخبرات والكفاءات المختلفة وهو ما يطلق عليه الشراكة الاستراتيجية وتبادل الخبرات، وخامسا قبل أن ننفذ الإنتاج نضع نصب أعيننا التسويق، أي لمن سوف أوجه هذه السلعة وما هي احتياجات هذه الفئات وضرورة أن أحلم أنا للزبائن أي أفكر لهم في تطوير المنتجات قبل أن يفكر هو وهذا هو نجاح التسويق. كما يجب بعد إعداد المنتج أن أستعين بطرق التسويق الحديثة مثل التسويق الإلكتروني وذلك لأن العالم كله أصبح قرية صغيرة وأستطيع من خلال محرك البحث علي الموبايل أن أتصفح أكثر من صفحة إعلانية لأكثر من منتج، والتأكيد علي القاعدة الأهم في التسويق تقول: انفق علي التسويق دولارا يعطيك ألف دولار ويمكن أكثر، ولابد أن يعلم رؤساء شركات قطاع الأعمال أهمية قسم التسويق وأنه لابد أن يعمل قبل الإنتاج ويضع أسئلته التي تساعده علي إنتاج سلعة ذات إمكانيات حديثة وتسبق أحلام الجميع ثم يفكر في التسويق لها. وأخيرًا، لابد من تحليل الأسواق واستعمال استراتيجية التركيز والتخطيط لدراسة المنطقة الجغرافية المستهدفة والابتعاد عن التقليد وخلق فكرة وأسلوب جديد يتفوق علي المنافسين ويترك آثار العلامة التجارية عبر الزمن، أي كن سابقا ولا تكن تابعا. ما النصيحة التي توجهها للقائمين علي إحياء شركات قطاع الأعمال؟ ضرورة النظر إلي الفساد الإداري داخل هذه الشركات والنظر إلي الكفاءات المتواجدة بها قبل أن تستعين بالخارج لأن مصر بها الكثير من الخبرات والكفاءات التي تستحق أن ننظر إليها وضرورة العمل علي الإحلال والتجديد للقيادات بما يتناسب مع مصالح هذه الشركات وليس المصالح الشخصية والوقوف علي كل صغيرة وكبيرة بملف قطاع الأعمال لأنه يعتبر عصب الاقتصاد المصري وإذا تم إحياؤه نستطيع وقتها أن نقول إننا دولة صناعية وزراعية أيضا.