مع البحر أجري أسابقه ويسابقني، البدر يضحكُ، والكلماتُ تطير علي شفتيَّ وتلعب في الرملِ.. تخلط أحرفَها وتبعثرُ أسماءَها. ولكنها خطوةُ البحرِ أكبرُ... قلبي صغيرٌ ومرتعش كعيون العصافيرِ والبحرُ تلعب موجتُه في كلامي وتكبر خطوتُه في حروفي؛ يعلّمها كيف تصطاد سنجابةً في غصون القوافي وكيف تريق علي طفلةٍ ماءَها. ويسبقني.. يضحكُ البدرُ أكثرَ يا بحرُ قلبي صغيرٌ ولكنّ فيه قطارًا من العاشقينَ وأغنيةً لم تجدْ فيكَ ميناءَها. وأسبقهُ فيقفز نجمٌ صغيرٌ علي شجر التوتِ، يا بحرُ لا تتقِ اللهَ فيّ وعِشْ رجلاً عاويًا فوق صدر الرمالِ كتغريدة الموت فيكَ، ودُمْ واحدًا سيدًا لذنوبي كضحكةِ غرقاكَ حين تغنّي حناجرُهم بالمياهِ وقد رتّبوا فيكَ أحلامَهم كمراهقةٍ في الصباحِ تلوّن ضحكتَها وتبعثر أشياءَها. وأسبقُ أسبقُ... لكنه البحرُ يلعقُ قلبي فيجري علي موجةٍ وتبعثرُهُ في الرمالِ... "أنا لستُ بحرًا لأن النوارسَ تلعبُ حافيةً فوق صدري ولا أنا بحرٌ لأن الغيومَ تقبّلني وتطيرُ لتُطعِمَ من شفتيّ قُراها وصحراءَها، ولكنني البحرُ حين يجيءُ إلي صخرتي عاشقانِ ويختبئان معي في كلامِهما يرحلانِ علي قبلة فوق مائي فيندفق الأفقُ في رحمي موجةً موجةً وتكتشف الأرضُ صدري طريًّا جميلاً لعل كلامًا أراد المحبّونَ نسيانَه فاستبدَّ بهم، لعل خيولاً تجرّ السماءَ إلي عشبها المستحيلِ إذا مغرمٌ شاءَها". لقد أصبح البحرُ أزرقَ من أغنياتي وأصبحتُ تقفزُ أسماكُ قلبي إليهِ فأتبَعُها ضاحكًا ضاحكًا هذه اسْكندريةُ تحمل صوتَ "كفافسَ" طفلاً علي كتفيْها وتجري علي البحرِ، تنثُرُ فيروزَها... اسْكندريةُ شاعرُها جاءَها اسْكندريةُ شاعرُها جاءَها.