وزير التنمية المحلية يهنئ رئيس مجلس الوزراء بمناسبة عيد العمال    مجلس جامعة مطروح يناقش الاستعدادات النهائية لامتحانات الفصل الدراسي الثاني    موعد إجازة عيد العمال وشم النسيم ل القطاع الخاص 2024    إطلاق مسابقة الحلول الابتكارية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة بجامعة بنها    نيابة عن الرئيس السيسي.. «المشاط»: 462 مليون مواطن بمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء يعانون من الفقر    بدء تسليم وحدات إسكان الشباب في الإسماعيلية 8 مايو.. اعرف التفاصيل    وفد سياحي ألماني يزور منطقة آثار بني حسن بالمنيا    محكمة العدل الدولية ترفض دعوى نيكاراجوا ضد ألمانيا بشأن غزة    ترامب: نتنياهو يتحمل مسؤولية أحداث 7 أكتوبر    دورتموند يستعيد نجوم الفريق قبل مواجهة سان جيرمان بدوري الأبطال    بسبب الأزمة المالية.. برشلونة مهدد بفقدان أحد صفقاته    تشكيل بايرن ميونخ المتوقع ضد ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا    للعام الخامس على التوالي.. بنك مصر يرعى الاتحاد المصري للتنس    أفكار لقضاء يوم شم النسيم 2024 بأقل التكاليف    غرق بمياه ترعة.. العثور على جثة شخص في الصف    "بتكلفة بسيطة".. أماكن رائعة للاحتفال بشم النسيم 2024 مع العائلة    مدحت العدل: هناك نصوص أدبية تسري بين سطورها روح الدراما    زاهي حواس يوضح سبب تجاهل الفراعنة لوجود الأنبياء في مصر.. شاهد    حفل ختام فعاليات مهرجان الإسكندرية ل الفيلم القصير في الدورة العاشرة    استشاري مناعة: آن الأوان لتعليق استخدام لقاح استرازينيكا (فيديو)    وزير الصحة يبحث مع وزيرة التعاون الدولي القطرية فرص الاستثمار    قبل عرضه .. تعرف على قصة مسلسل «انترفيو» ل رنا رئيس    وزير الأوقاف : 17 سيدة على رأس العمل ما بين وكيل وزارة ومدير عام بالوزارة منهن 4 حاصلات على الدكتوراة    أمير الكويت يصل مطار القاهرة للقاء السيسي    رئيس وزراء بيلاروسيا: مستعدون لتعزيز التعاون الصناعي مع مصر    غدًا.. «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف الإعانة الشهرية لشهر مايو    الاتحاد الأوروبي يخصص 15 مليون يورو لرعاية اللاجئين السوريين بالأردن    حملات مكثفة بأحياء الإسكندرية لضبط السلع الفاسدة وإزالة الإشغالات    سرعة جنونية.. شاهد في قضية تسنيم بسطاوي يدين المتهم| تفاصيل    "بحبها مش عايزة ترجعلي".. رجل يطعن زوجته أمام طفلتهما    النيابة توجه كلمات مؤثرة للمتهمة بقتل طفلها أمام جنايات المنصورة (فيديو)    موعد غلق باب التقديم للالتحاق بالمدارس المصرية اليابانية في العام الجديد    رجب أبو سرية يكتب //انتصار نتنياهو يعني التهجير فقط    جهاز مشروعات التنمية الشاملة ينظم احتفالية لحصاد حقول القمح المنزرعة بالأساليب الحديثة    مجهولون يلقون حقيبة فئران داخل اعتصام دعم غزة بجامعة كاليفورنيا (فيديو)    وزير التنمية المحلية يُهنئ الرئيس السيسي بمناسبة الاحتفال بعيد العمال    19 منظمة حقوقية تطالب بالإفراج عن الحقوقية هدى عبد المنعم    الليلة.. حفل ختام الدورة العاشرة ل مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير    "دمرها ومش عاجبه".. حسين لبيب يوجه رسالة نارية لمجلس مرتضى منصور    لحظة إشهار الناشط الأمريكي تايغ بيري إسلامه في مظاهرة لدعم غزة    لبيب: نحاول إصلاح ما أفسده الزمن في الزمالك.. وجوميز أعاد مدرسة الفن والهندسة    كيف تجني أرباحًا من البيع على المكشوف في البورصة؟    الصحة: الانتهاء من مراجعة المناهج الخاصة بمدارس التمريض بعد تطويرها    استشاري طب وقائي: الصحة العالمية تشيد بإنجازات مصر في اللقاحات    عشان تعدي شم النسيم من غير تسمم.. كيف تفرق بين الأسماك الفاسدة والصالحة؟    إصابة 4 أشخاص بعملية طعن في لندن    إلغاء رحلات البالون الطائر بالأقصر لسوء الأحوال الجوية    "عايز تتشهر ويجيبوا سيرتك؟".. متحدث الزمالك يدافع عن شيكابالا بهذه الطريقة    اليوم.. آخر موعد لتلقي طلبات الاشتراك في مشروع العلاج بنقابة المحامين    مفتي الجمهورية مُهنِّئًا العمال بعيدهم: بجهودكم وسواعدكم نَبنِي بلادنا ونحقق التنمية والتقدم    دعاء آخر أسبوع من شوال.. 9 أدعية تجعل لك من كل هم فرجا    رئيس اقتصادية قناة السويس يناقش مع «اليونيدو» برنامج المناطق الصناعية الصديقة للبيئة    كينيا تلغي عقد مشروع طريق سريع مدعوم من البنك الأفريقي للتنمية    هل ذهب الأم المتوفاة من حق بناتها فقط؟ الإفتاء تجيب    المتحدث باسم الحوثيون: استهدفنا السفينة "سيكلاديز" ومدمرتين أمريكيتين بالبحر الأحمر    الإسماعيلي: نخشى من تعيين محمد عادل حكمًا لمباراة الأهلي    برج القوس.. حظك اليوم الثلاثاء 30 أبريل: يوم رائع    حفل زفاف على الطريقة الفرعونية.. كليوباترا تتزوج فى إيطاليا "فيديو"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حين تمتزج الأستاذية بالأبوة!


مع الدكتور الطاهر مكي
يقول تشارلز سيميك بترجمة تحسين الخطيب: »رقة كائن آدمي تجاه الآخر في أزمنة الكراهية الجماعية والعنف الجماعي تستحق احتراماً أكثر من كل وعظ الكنائس منذ بدء الزمان»‬. بداية أوجه الشكر للكاتبة منصورة عز الدين التي أتاحت لي هذه الفرصة لأخط شيئا من البحر الذي غمرنا به دكتور علي المنوفي. فور طلبها سارعت إلي صندوق الثرثرة اللحظية علي فيسبوك لأستعيد بعض المواقف وبداية المراسلات بيني وبين د. علي. هنا يكمن جمال النبش في صناديق أحاديثنا الخاصة مع من أحببنا وتقاربنا معهم. أول رسالة من جهتي كانت بعض لقاءات عديدة تخص اللغة الإسبانية سواء في المركز الثقافي الإسباني أو خارجه. كنت أشكره في رسالتي الأولي لأنه في ندوة الليلة السابقة في مركز (ثربانتس) لفت نظره أثناء تقديم النقانق للحضور في نهاية اليوم أنني خجلي نوعاً ما ، رغم ما يبدو عليّ من الجوع. أخذت شيئاً وزاغ بصري فإذا به يعزم عليّ مجدداً ونحن نتجاذب أطراف الحديث بالمزيد قائلا: خدي شكلك جعانة زيي.
توالت اللفتات الإنسانية من أستاذي الفاضل وتوالت النصائح رغم أنني لم أكن من خريجي جامعة الأزهر التي يُدرِّس فيها أستاذنا: بداية استحسن اسمي وخاصة اسم أبي لما له من تاريخ يرتبط بزعيم –والذي وإن اختلفنا علي دوره- فقد أتاح مجانية التعليم لأبي وأجيال متوالية حتي الآن مما يدفع الآباء لتسمية أبنائهم علي اسمه. أرسل لي في صندوقي رداً علي رسالتي: »‬علي اتصال إن شاء الله. شئ جميل تواصل الأجيال، عليكم محاولة كسر هذا البُعد بين أقسام اللغة الإسبانية وكأن كل واحد في كوكب. وهو كذلك». توالت الرسائل والاستفسارات من جهتي رغم أن أستاذي لم يكن محاضرا في كليتي (آداب القاهرة). بدأت التساؤلات منذ 2012- كنت أُفكر في دراسة الأدب المقارن في دراساتي العليا وترشيحه لكتابات عليّ قراءتها- إلي 2017 . أتذكر نصائحه الأولي والأخيرة في رسالة الماجستير الخاصة بي والتي لحسن حظي كانت تتعلق بالترجمة. كان دكتور علي مشرفاً علي رسالة زميلتي شيماء من جامعة الأزهر ودعاني لمشاركتهم يوم المناقشة في موضوعات رسالتها التي تخص ترجمات نجيب محفوظ للإسبانية. وبالفعل في أحد سلاسل مقاهي شارع محمد محمود تبادلنا أطراف الحديث ليشمل موضوعات مختلفة تخصنا لا تقتصر علي الدراسة فحسب، وبأبوية مسؤولة وحانية لم يسمح لأي منا أن ندفع مقابل ما طلبناه فضلا عن علمه الذي نهلنا من نبعه.
لن أنسي لدكتور علي وقوفه كأب معي ومع غيري، لن أنسي حينما حدثني المترجم والصديق أحمد عبد اللطيف عن مؤتمر اقتصادي بشرم الشيخ والحاجة لفريق عمل للترجمة من وإلي الإسبانية ورشحني مع زملاء آخرين لدكتور عليّ. اتصلت بأستاذي وقتها لأستفهم فسألني إن كنت عملت من قبل بالترجمة الفورية فنفيت الأمر. لم يهب الأستاذ المحنك المقامرة ووافق علي انضمامي للفريق رغم افتقاري لأبجديات المهنة. كنت أصغر أعضاء فريق العمل للغة الإسبانية سنا وخبرة وربما أكثرهم لا مبالاة. استمر دعم أستاذي منذ وصولنا واصطحب أصغرنا سنا أول يوم في كابينة الترجمة الفورية فكنت ثالثة ثلاثة. فور وضعي للسماعات للبدء في التدريب والترجمة أخذت أرتعش ولم أستطع ترجمة فقرة واحدة. هنا أخذ يطمئنني ويهدئ من روعي قائلا: مش مهم تشتغلي، ممكن تسمعي بس مع المترجمين وتتعلمي. علل ذلك بأن أي رد فعل مخالف لما فعله ربما ينهي علاقتي بالترجمة الفورية وكبائنها وكل ما يرتبط بها ربما لأبد الدهر. هذه الحكمة وهذا اللطف دفعاني لتأمل روح الفريق والتعاون بين أفراده تحت إشرافه. كان بوسعه لعن اليوم الذي قرر فيه اصطحاب عديمي التجارب السابقة خاصة في فعالية ذات طابع مؤسسي وأهمية دولية فضلا عن صورته الشخصية التي يمكنها أن تهتز وسط لفيف المترجمين من اللغات المختلفة في الحَدث. أخذت أتأمل فكرة احترام إيقاعات البشر وثباتهم الانفعالي وتجاربهم الخاصة وخططهم البديلة حال الإخفاق. لم يوجه لي وربما لغيري أي عبارة لوم أو توبيخ. كان الفريق كباقة متجانسة ومختلفة الألوان من الزهور. كان هناك ورد متفتح من جامعات القاهرة وعين شمس والأزهر والمنيا ومن أعمار وخلفيات ثقافية مختلفة. مرت الأيام بسلاسة وسلام وبعد انتهاء المؤتمر أجري أستاذي عملية جراحية خرج منها سالما لمواصلة عمله.
شاهدته مجددا في ثربانتس أثناء قيامه بالترجمة في ندوة ما وداعبني قائلا: هجيبك في مرة كده وأخليكي إنتي اللي تترجمي. طمأنتني عبارته فها هو يزرع الأمل من جديد ولم يفقده في علي الأقل. ثمة فقد يستشعره زملاؤه وطلبته علي الفضاء الافتراضي قبل الواقع الأرضي خلفه فقده اليوم لما كان يضيفه بتعليقاته علي الأحداث الجارية وتأملاته لها علي حسابه في الموقع الأزرق. ففور قراءتي للخبر علي نفس الموقع تتالت المنشورات الناعية لفقيدنا الغالي. نعاه الأفراد والمؤسسات التي عمل بها وأشرف عليها. ترحم عليه المهتمون بالثقافات الناطقة بالإسبانية في الوطن العربي وكذلك الصحافة الإسبانية. كتبت صحيفة »‬لا بانجوارديا» عن وفاته وسط تلامذته من طلبة الدراسات العليا...يا لها من خاتمة حينما تتوفاك المنية وأنت تؤدي عملك ووسط حوارييك في رسالتك المقدسة. كتبت الجريدة أيضاً عن مكانته ولكنهم لم يعرفوا شيئا عن إسبانيته المنطوقة الممتازة التي يشيد بها متحدثو اللغة والناطقين بها وبغيرها وكأنه إسباني علي حد الشهادات التي سمعتها بأذني في غيابه. اليوم وقبل أن أُرسل شهادتي طالعت صفحته الشخصية علي فيسبوك فإذا بالموقع يُحدث بياناته ويستشرفها بوردة رقيقة وعبارة: علي المنوفي في قلوبنا. نتمني أن يتحلي الأشخاص الذين يحبون د.علي بالصبر ويجدون راحتهم في زيارة ملفه الشخصي وتذكر حياته. هنا أتذكر حديث انقطاع الأعمال بعد الموت إلا من ثلاث وأستشعر أن ثلاثتهم قد وفاها أستاذنا وأبانا الروحي حقها ، فها هي الصدقة الجارية بذرتها داخل كل عبارة من عبارات تظاهرات الحب التي خلفها موته وها هو العلم الذي يُنتفع به تزخر به عقولنا وقلوبنا ومكاتبنا وها هم أولاده الصالحون يجوبون العالم وألسنتهم تبتهل دعاء له. رحم الله أستاذنا وجعله في أمكنة أجمل وربط علي قلوب محبيه أينما كانوا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.