هو واحد ممن لعبوا أدوارا كثيرة ومتعددة في التاريخ المصري.. سجل إسمه باعتباره ثالث مصري يحصل علي درجة الدكتوراه، وهو - أيضا- صاحب مسيرة كبيرة في الكفاح الوطني، بالإضافة إلي أن عبد الحميد سعيد خاض مجموعة كبيرة من المعارك البرلمانية، لذا لقب ب" أسد البرلمان الثائر" قال عنه ثروت أباظة أنه " أسطورة وطنية ودينية"، وشبهه الشيخ عبد العزيز البشري، بأنه أبوزيد الهلالي أو الزناتي خليفة العصر الحديث، أما عبد الرحمن الرافعي فأجمل سيرته الذاتية قائلا: " كان قوة عاملة في الحركة الوطنية والنهضة الاجتماعية، كان زعيما مجاهدا، قوي الإيمان، راسخ العقيدة، ثابت الفؤاد، عالي الهمة، جريئا مقداما، لا يهاب إلا الحق، ولا يعمل إلا للحق، وقف حياته علي خدمة مصر والإسلام". وفي محاولة منه لتخليد ذكري خاله عبد الحميد سعيد، خرج د. إبراهيم عثمان عن خطط مؤلفاته التي نبعت من تخصصه في العلوم المحاسبية، ليقدم للمكتبة العربية كتابه " عبد الحميد سعيد.. أسد البرلمان الثائر"، الذي يلقي فيه الضوء علي مسيرة وحياة هذه الشخصية المتفردة في التاريخ المصري من حيث تنوع عطاءاته في مجالات متعددة، فقد كان مشهورا بمناصرته وتبنيه للقضايا القومية مثل وحدة مصر والسودان والقضية الفلسطينية ودعم الجيش المصري، كما أسس جمعية الشبان المسلمين عام 1927 وانتخب أول رئيس لها، وظل يشغل هذا المنصب حتي وفاته 1940. وقد خاض عبد الحميد سعيد غمار العمل العام وهو إبن الخامسة عشر، عندما أنضم إلي الزعيم مصطفي كامل " فسخره مصطفي كما سخر شعب مصر معه، فعاش حياته راهبا في سبيل مصر، وسافر مثله إلي فرنسا ليدرس الحقوق وليصبح مثله محاميا متفرغا لخدمة قضية واحدة أساسية، هي قضية مصر، وليموت مثله دون زوجة أو ولد وبنفس المرض بعد أن عاش حياته كلها مجاهدا في سبيل وطنه، وليكمل مسيرة أبيه إبراهيم سعيد الذي بدأ حياته عضوا بمجلس نواب الثورة العرابية ومناصرا لعرابي وهاربا من حكم إعدام محتمل من قوات الاحتلال الزاحف.. وأنهاها كأحد الزعماء البارزين لثورة 1919، حيث كان زعيما للجنة المركزية للوفد المصري وكان اليد اليمني لصديق عمره سعد وزغلول". وقد أختار عبد الحميد سعيد أن تكون رسالته للدكتوراه التي حصل عليها في جامعة الحقوق بباريس عن " تاريخ مصر السياسي من عهد محمد علي إلي الثورة العرابية ودخول الجيش المحتل" . وعبد الحميد سعيد قاد مبكرا وهو طالب في باريس (1908-1912)، معارك ضد الصهيونية العالمية ومخططاته تجاه فلسطين العربية ، وكانت يومئذ في مراحلها الأولي.. لكن ملامحها كانت قد بدأت في الظهور، وقرر عبد الحميد منذ تلك الفترة أن تكون القضية الفلسطينية هي أحد مجالات كفاحه الوطني، ومن مواقفه الثابتة أيضا- أنه كان من المؤمنين بوحدة مصر والسودان. هذا الكتاب هو جزء من تاريخ مصر، يلقي فيه الضوء علي مسيرة شخص وهب نفسه لقضايا وطنه.