تلقيت هذه الرسالة المعنونة «حديث السفه» من محسن شعلان تعليقا علي ما كتبته في هذا العمود في الأسبوع الماضي: السيد الدكتور اللندني .. صبري حافظ تحية وبعد. أسفت كثيرا لما تناولته في مقالك بأخبار الأدب من مغالطات عجبت أن تصدر منكم. ليس في حقي فقط. ولكن في حق جريدة طالما حملنا لهاش كل التقدير والإحترام لمصداقيتها وتعففها عن مثل هذه الإنزلاقات. فكونك تتناول الراحل الكبير عبد الحكيم قاسم بهذه الحفاوة وهذا الوفاء النادر. كان لابد أن ترقي بنفس السمو في نقدك لي. فأنت لا تعرفني حتي تنعتني بالسفه! وهو لفظ في إعتقادي لا يختلف عن كلمة (زباله) التي أثارت حفيظتك ... مع ملا حظة انني استخدمت هذا اللفظ علي لوحة. أي نتاج بشري وإنساني ولم أصف أو أجرح بها إنسان. ومع ذلك فإني اوشك أن أجزم بأنك لم تكلف خاطرك بمشاهدة اللوحة قبل سرقتها. وإن خاب ظني وكان هذا قد حدث. فكان يجب عليك إصطحاب فنان أو ناقد متخصص ليشرح لك أن هذه اللوحة كانت في بدايات فان جوخ وفي مرحلته التعليمية الأولي. وأنا لا أدافع بهذا القول عن ذلة (كذا) لساني بفعل المي الداخلي وقهري بعد سجني. والقضاء لم يقل بعد كلمته الأخيرة في إتهامي بالإهمال. والتفاصيل كثيرة في ذلك ولكنه ليس موضوعنا الآن. ومازالت أجهزة المباحث تبذل جهودا كبيرة في الوصول الي اللوحة والسارق. فالقضية لم يطويها (كذا) النسيان كما تدعي أنت. ولا نحن مكلفين (كذا) بالبحث عنها وتكاسلنا. وادهشني انك عشت في اوروبا، ولم تنتبه أن أعتي المتاحف هناك تسرق ومنذ أن عرف الإنسان كلمة متحف. هذا علي الرغم من إحكام التأمين التكنولوجي والبشري والذي لا نملك نحن واحدا علي ألف منه. ومع ذلك لا أعتقد أن إعتبر (كذا) أحد كتابهم أن نائب الوزير هناك سفيها! ولم نسمع أيضا عن حبس وكيل أول وزارة بتهمة الإهمال بعد سرقة لوحة أو أربعة معا في بعض الأحيان. والله هذا سفه بعينه إذا أعجبتنا كلمة سفه. وسفه وحماقة أن ندعي حزننا علي لوحة غربية لمجرد عقدة الخواجة بينما لوحات محمود سعيد سرقت وكذلك حامد ندا. غير آثارنا المكدسة في المتاحف العالمية والمتحف البريطاني بالتحديد أيها اللندني الغيور علي لوحات الغرب ولم يهتز ضميرك للوحات رائد الفن المصري وشيخ المصورين الراحل محمود سعيد! العالم كله يختلف علي الجيوكندا. ويصورونها بشوارب وأحيانا برأس حمار. وأهم النقاد يتناولونها بأبشع الأوصاف ... حرية ... وبجد! أما الدكتور صبري اللندني فنجده متأففا من كلمة زبالة ... أنظر حولك يادكتور!! سامحك الله الفنان وليس السفيه محسن شعلان [email protected] **** ولن أتوقف هنا عند نغمة السخرية الفجة والاستعلاء الممجوج التي يكتب بها السيد شعلان عني، ولا عند أخطائه الإملائية والنحوية التي لا يقع فيها تلميذ مبتدئ لا يفرق بين الذل والزلل، ولا يعرف الفرق بين النصب والجزم. إذ تبدو أن قدرته علي القراءة ليست أفضل من قدراته الإملائية والنحوية، فلم يدرك أن ما أشرت له في مقالي عندما قلت «لوحة فان جوخ التي لاتقدر ملكية مصر التاريخية لها بأي مال، ناهيك عن قيمتها المادية الكبيرة» هو غيرة علي مصر وتاريخها في امتلاك اللوحات العالمية الرفيعة وليس من قبيل ما دعاه بعقدة الخواجة. خاصة وأن الأمر جاء في سياق تعديد إخفاقات الوزارة التي يعمل فيها من حريق بني سويف إلي آخر القائمة. لكن ما استفزني في رده هو هذا اليقين الغريب الذي يتصور معه أنه وحده من يملك الحقيقة، ومن يعرف قيمة اللوحه التي وصفها بأنها «زبالة» وهي كلمة تكشف بحق عن لغة فنان متخصص لا يستحق أن يوصف بالسفه. أليس فنانا، ونائب وزير، ووكيل أول وزارة، كما يصف نفسه. وبنفس اليقين الأصولي يوشك أن يجزم أنني لم أر اللوحة، وأنني حتي لو كنت شاهدتها، (وأقول له أنني من الذين زاروا متحف محمد محمود خليل عدة مرات عندما كان في مكانه الأصلي، وقبل الاستيلاء علي قصره، ومن الذين يذكرون كيف تبددت مع عملية النقل والاستيلاء بعض أهم كنوزه) فقد كان لابد أن أصطحب معي شخصا من عينته، كي يشرح لي أنها من أعمال فان جوخ الأولي، أو يقنعني بأنها كما وصفها «زبالة». فالسيد شعلان، المولع بمدح نفسه، والذي وصف لوحاته التي رسمها في محبسه، بأنها جيدة بالمقارنة إلي «زبالة» فان جوخ، لم يشاهد بالقطع المعرض الأخير لكتابات فان جوخ واسكتشاته ورسائله الكثيرة لأخيه «ثيو» والذي نظمته الأكاديمية الملكية في لندن قبل أقل من عام. وإلا لادرك أهمية هذه اللوحات الأولي وما تنطوي عليه من بحث جاد عن تأثير الضوء وزاوية الرؤية ودرجات الألوان. ناهيك عن أن يكون قد قرأ الكتاب الكبير الذي صاحب هذا المعرض. أو أن يكون قد تتبع مثلي فان جوخ من أوترلو وأمستردام حتي آرل وسان ريمي، ومن متحف كرولر مولر حتي متحفه في أمستردام، ولوحاته العديدة في كل متاحف العالم. ولحديث السفة بقيه في الأسبوع القادم.