ما يزال الحوار الذي أجرته أخبار الأدب مع الدكتور علاء الأسواني يثير الكثير من الجدل.. وفي العدد السابق نشرنا رداً للكاتب الصحفي حمدي عبدالرحيم حول تعقيب الروائي رءوف مسعد. عبدالرحيم رأي أن مسعد متحامل كثيراً علي الأسواني، ولخّص رأيه في أن رد صاحب "بيضة النعامة" صادر عن "البغض المطلق المجاني للنجاح. هنا ننشر تعقيباً علي التعقيب لرءؤف مسعد. تحمس الأستاذ حمدي عبد الرحيم في "الرد" علي ما كتبته في أخبار الأدب بالنسبة ل"أقوال " الدكتور علاء الأسواني عن أشياء كثيرة منها ما قاله عن ريشار جاكمون وعن "خيانة" المثقفين المصريين.. ولست هنا بمعرض إعادة أقوالي مرة أخري وتفهيمها لمن لم يفهمهما، فهذا شان الكتاتيب الأدبية، ولست _ مرة أخري _ في معرض الدفاع عن نفسي ؛ فأنا أدري بكينونتي وبدوري (المتواضع) فيما أتصدي له من أفعال وردود أفعال. لكني سأقوم هنا بدور "الأستاذ " وأشرح للسيد حمدي عبد الرحيم الفرق بين النقد الأدبي والهجوم الشخصي.. راجياً من القرّاء تحمل مشقة قراءة شرح ما هو بسيط وواضح! بالطبع أنا فخور بسنوات سجني السياسي، والمقولة التي نقلتها عن صلاح عيسي، مضحكة، يمكن وضعها في الملف الخاص بالمقولات الفكهة لصلاح عيسي، فليست مقولات صلاح عيسي كلها صائبة. فخور أنا _ كذلك - ولا أمن - حسب قولك _ فالعمل الوطني لا ينبع من تضخم الذات لكن من ذوبان الفرد داخل المجموع.. تاريخ الحركة الوطنية المصرية، وأنا أشكّل ذرة صغيرة منه "اختياري" أي أن الذين ضحوا، اختاروا التضحية ولم تُفرض عليهم؛ فالمعتقل ليس نزهة ومزاجاً مثل "سيجارة" صلاح عيسي..إن العمل السياسي _ وتبعاته _ قرار شخصي لكن ليس "مزاجنا " أن نقاوم ونتشرد ونُعتقل. أما حكاية العمودية في امستردام فهو لغو لا يستحق الرد، أما وأني تشرفت بمعرفتهم نتيجة أني قابلتهم خلال عملي المؤقت في مهرجان روتردام الدولي للأفلام مثل داوود عبد السيد والقليوبي وسلطان الكاشف، فقد أضافوا إلي زادي المعرفي ولم أضف أنا لهم شيئا. أما عن الزبدة الهولندية فإني أقول دائما وأكرر بفخر أن زوجتي الهولندية كفلت لي عيشا كريما بعيدا عن ذهب السلطان وسيفه! موقفي من الدكتور علاء الأسواني ليس عن ضغينة أو حسد.. وكذا موقفي من جاكمون ليس عن اعتراف بجميل أو انتظار لمعروف. موقفي من الدكتور علاء نابع من قناعاتي الأدبية، وهي مماثلة لما قالته الأستاذة مني البرنس عن تحليل جاكمون وأكثرية من النقاد العرب علي رأسهم فيصل دراج والراحل فاروق عبد القادر والدكتور صبري حافظ، وجابر عصفور لكتابات مثل "يعقوبيان" وقفوا بشجاعة ضد تسويق كتابات تحط من قدر الإنجازات الحقيقية في الأدب المصري والعربي..وليس كما تغمز وتلمز أن ما يحركني هو ضغينة شخصية. أما أني "حاطط الدكتور في دماغي" فغير صحيح فقد نشرت _ من زمن _ مقالا وحيدا في الأهرام عند صدور الطبعة الإنجليزية من "يعقوبيان" وقارنت "التصليحات " التي أوردها المترجم الخاصة بألفاظ مثل شذوذ في العربية وشذبها هو إلي ألفاظ مسموح بتداولها في الأدب الغربي وإلا وقع كاتبها تحت طائلة القانون الأوربي.لكن يبدو أن السيد حمدي لا يقرأ الإنجليزية وسمع ملخصا مغرضا لمقالي. وما قلته في حوار قديم مع أخبار الأدب _ وأتمسك بكل حرف فيه _ عن حواري مع مترجم الرواية، . ومقالي في الويكلي عن موقف كاتب يعقوبيان من المهمشين وحددتهم بالأقباط والنوبيين..وانت تعلم مثل ما يعلم غيرك اني لست "متعصبا دينيا " .ثم نشرت مقالا صغيرا في الحياة ( منذ سنتين علي ما أظن ) تعقيبا علي ما نشره الأسواني في صحيفة الشروق بمناسبة معرض تورينو الإيطالي الذي وُجهت لي دعوة حضوره مع سبعة كتاب مصريين بالإضافة إلي الأسواني والدكتورة نوال السعداوي من إدارة المعرض. والسبب؟ أن بعض أعمالنا قد تمت ترجمتها إلي الايطالية.. تشرفت بصحبة كوكبة لامعة هم إبراهيم اصلان وخيري شلبي وإبراهيم عبد المجيد وسلوي بكر وخالد الخميسي وآخرين. الدكتور علاء قدم بمفرده من القاهرة وأقام بمفرده في فندق..بعيدا عنا،.وكان تعقيبي ردا _ أيضا _ علي تهجم الدكتور علاء علينا واتهامه لنا بما يعني أنه قد تم "تسفيرنا " إلي إيطاليا باعتبارنا صنيعة وزارة الثقافة ولغو آخر حول أهميته غير المسبوقة في المهرجان (!).ثم مقالي الأخير في أخبار الأدب الذي أشرت إليه أنت. بل والأدهي أنك تقول اني كتبت " ضده" وأنا رددت وكتبت عن كتاباته وليس عن شخصه؟ و"تمن عليّ أو "تهدد" بأن الدكتور لم يمسني شخصيا "مرة بسوء" فهل كان يجب عليّ التزام جانب الأدب والذوق؟ وإذا أصابني رشاش من أقواله، أسكت صابرا حتي يقضي الله امره في الأرض ومن عليها؟! ولماذا يمسني الدكتور بسوء أصلا.. حياتي، وكتبي ومقالاتي؛ ولابد لك بعض العلم بها رغم عدم شهرتي العالمية؛ هي كتاب مفتوح. أما بالنسبة لزيارة الأسواني إلي هولندا..إلخ فأود أن أعترف بأني لم آخذ علما بتلك الزيارة (إن كان قد زارها ) فلم تحتفل الميديا الهولندية به حتي أسمع بأخبار قدومه. لكنك لا تعلم أني رفضت أن التقي بسلمان رشدي حينما وجهت لي الجهة الهولندية الداعية له دعوة للقائه إبان زيارة له لهولندا بمناسبة احتفال سنوي هام للكتاب وكان رشدي ضيف الشرف فيه وفي عز مجده الإعلامي.والسبب بسيط وقد أرسلته مع رفض الدعوة هو عدم تقديري له ككاتب يستخدم الدين الإسلامي مطية للشهرة.. موقفي هذا يا أستاذ حمدي ناجم من تربيتي السياسية النضالية، ومن سنوات سجني بسب قراري بالعمل السياسي السري وعمري سبعة عشر عاما، ونتيجة أني التقيت في السجن بأساتذة، تعلمت منهم كيف أتخذ قراراتي وأدافع عنها.. وكيف _ أعتذر أيضاً_ عن خطأ قراراتي. دوري كمثقف أو ادعائي بأني مثقف، يحرضني علي الوقوف دائما ونقد ما أراه يهين ويحط من قدر هذه الثقافة والمثقفين المصريين والعرب وحتي الخواجات مثل جاكمون.. الذين يشتغلون بالهم الثقافي. هذا هو دوري وهو أقل بكثير من دور "دون كيخوتا دي لا مانشه" الذي حارب الطواحين الهوائية.. وهاجم كل من ظن أنه يجترئ علي "محبوبته".. فقد تخلد في التاريخ الإنساني دور واسم وجواد وتابع السيد كيخوتا ولكن أمثالي مجرد "عساكر" بسطاء، يأتون، ويذهبون، لا يتركون شيئا وراءهم سوي " النمرة"!