يضم ديوان "علي خيط نور.. هنا بين ليلتين" للشاعر والروائي إبراهيم نصر الله مجموعة قصائد تندرج في خيط بنائي محدد، تجمعها عناوين أساسية: (بالمرارة أو ببقايا العسل)، (طبيعة ثرثارة)، (بلا موكب أو نشيد)، (الجدار)،(مقامات عربية)، (المواويل تليها الأغاني)، (خيط نار)، (أزمنة مختلفة)، (معرض مشترك)، (ثلاث مسرحيات عابثة)، (لقاءات غير خاطفة)، (امرأة البحر)، (فيلم قصير). تحت كل عنوان من هذه العناوين هناك عدة قصائد تدور في المجال الدلالي لهذا العنوان، وتتحرك في سياق محدد بعينه، وتنطلق من نبرة شعرية خاصة. تعتمد قصائد الديوان جميعا، أيا كانت الدوائر التي تنتمي إليها، علي جماليات أساسية تتحرك في وجهات ثلاث: وجهة تحتفي بجماليات المشهد البصري، ووجهة تنهض علي منحي حواري واضح، ووجهة تستمسك بروح الغنائية المرتبطة بصوت "أنا" متكلم، محدد، وإن اتسع هذا الصوت ليشمل جماعة كبيرة، قد تغدو في بعض السياقات، ببعض القصائد، شعبا بأكمله. في القصائد كلها أيضا تتكرر وتتردد، تردادات لافتة، مفردات وتناولات بعينها، تشير إلي سنوات طويلة مرت، ومشاهد للقمع تتالت، وبلاد غاب نشيدها وغابت رايتها، وجنود وطغاة، ومدرعات، وقضبان سجن، ومدرعات. وكل هذه المفردات والتناولات تقع في مواجهة مفردات وتناولات أخري، تلوح كأنها قادمة من زمن غائب أو منسيّ، كأنه وطن غائب وإن لم يكن منسيا، وكلها متصلة بالعصافير، والسماء، والورود، والألفة، واللوز، والأمل، والأغنيات. في قصائد الديوان إحالات ذات طابع ثقافي إلي أفلام ومخرجين (روبرت فروست، بازوليني..)، ومثل هذه الإحالات تصل قصائد الديوان ببعض تجارب الإبداع الإنساني، وتخرج بهذه القصائد من نطاق التعبير المباشر، المحدود، عن قضية محددة، إلي مجال التعبير الإبداعي الإنساني الرحب.