"جذور" هو عنوان سلسلة جديدة تصدرها دار "بيت الياسمين"، وتخصصها للكتب والدراسات التي تعكس صورة الأزمنة القديمة. وافتتحت السلسلة إصداراتها بكتاب "مذكرات عربجي" للفنان سليمان بك نجيب، الذي كتبه متقمصا فيه دور "عربجي" يلف ب"الحنطور" في شوارع القاهرة يري ويشاهد أحوال مصر في هذه الفترة. وكان سليمان نجيب قد بدأ حياته المهنية بالكتابة في مجلة الكشكول الأدبية الساخرة تحت عنوان "مذكرات عربجي"، منتقدا الأحوال في مصر في عشرينات القرن الماضي بلغة عذبة وحافلة بالمواقف الإنسانية اللطيفة. جاء في كلمة الناشر: "إطلالة العربجي ابن العربجي كما تدعي المقالات علي حدائق وشوارع القاهرة ومقاهيها وعلي العشاق وعلي الشباب والكبار وعلي الساسة والناس الضائعة. لا تفارق البسمة فمك وأنت تقرأ ويجسد لك أرواح المصريين من كل الطبقات وتطلعاتهم وضياعهم وأملهم. سليمان بك نجيب شغل مناصب عديدة في حياته هو الذي تخرج من كلية الحقوق، فاشتغل بوزارة الأوقاف ثم بالسلك الدبلوماسي قنصلا لمصر في اسطنبول، وعمل بوزارة العدل، وأيضا رئيسا لدار الأوبرا المصرية. هنا هو عربجي جاء باسم الأسطي حنفي أبو محمود يضرب بسوطه أعناق انتهازيي السياسة المصرية عقب ثورة 1919م، فيذيع سرهم ويكشفهم أمام العامَّة بأسلوبٍ أدبيٍّ ساخر، يأسر العقل والروح، وهكذا يمضي منتقدًا مجتمع »القاهرة « وأخلاق شبابها وبناتها. وعلي قدر ما يحمل موضوع الكتاب من إثارة، تحمل أيضًا هُوية مؤلِّفه المزيد منها، فكاتبه الأديب والفنان المصري » سليمان نجيب « نشره تحت اسمٍ مُستعار هو »الأسطي حنفي أبو محمود« الذي جعله يجوب شوارع القاهرة في عشرينيات القرن الماضي، مرافقًا نخبة المجتمع، ورجال السياسة آنذاك. وقد أثار هذا الإنتاج الأدبيُّ إعجاب المفكر والأديب » فكري أباظة« فقدَّم له، ومدحه وأثني علي صاحبه بما يحمل من أصيل الأدب الشعبي. والفصول التي نشرت مسلسلة في مجلة (الكشكول) بعد الثورة الشعبية في مصر عام 1919 صدرت في كتاب عام 1922 وتستعرض المجتمع بعد ثورة 1919 برصد مفارقات تثير استياء المؤلف الذي اتخذ شخصية حوذي يقول "لو أتيح لي أن أستعمل بدلا من القلم كرباجي (السوط) إذا لقدر الله لوجوه كثيرة أن ينزل عليها مفرقعا في الهواء تاركا أثرا أسود علي خدود ليس للدم فيها أثر." الكتاب يعتبر قراءة ممتعة في فترة من فترات تاريخ مصر لا نعرف عنها إلا الحراك السياسي، وثورة 1919، أما الجوانب الاجتماعية فلا نعرف عنها إلا القليل."