منذ نشر الحلقة الأولي من هذه السلسلة في صحيفة "أخبار الأدب" وأنا أتلقي ملاحظات كثيرة حولها، بداية من العنوان المثير، الذي يثير بعض الملاحظات والأسئلة لدي بعض المتابعين، ومن دواعي سعادتي أن المقالات وجدت طريقها لتطرح تساؤلات ربما لم تكن مطروحة من قبل، وعدم طرح الأسئلة علي هذا النحو،ليس لغفلة النقاد والكتّاب والباحثين، ولكن هناك استقرارا شبه كهنوتي علي أسماء ومصطلحات تم اعتمادها لدي معامل نقدية ذات تأثير إعلامي واسع وراسخ. وهذه الأسماء والمصطلحات يتم تداولها بدرجات تصل إلي حد النقل والتكرار الممل والمخل في الوقت نفسه، حتي وصل هذا التكرار عند نقاد وكتّاب كبار كرروا ماقيل من قبل، وهناك كذلك قوة الإشاعات التي تم اختراعها تماما، وعندنا أمثلة فادحة لتلك الإشاعات المتداولة، مثلما زعموا أن كاتبا مثل محمد صدقي، يعتبر جوركي مصر، وعندما حاولت العثور علي أي جملة تفيد بأن أحدا قال ذلك، لم أجد، وتأكدت تماما بأن هذه الشائعات ليست من صنعة الصدفة، ولكن هناك غرضا يختفي خلف تلك الإشاعات، ربما لتنفير القارئ من كتابات هذا، وإبداعات ذاك. وبالفعل تم تجاهل كتاب كثيرين، ووضعهم في صف طويل اسمه صف المجاهبل، أو صف المستبعدين تماما، والتعامل مع أسماء تم تكريسها بقوة، وربما تكون هذه الأسماء لم تعد صالحة للبحث، لأنها قتلت بحثا، وتم تفريغها، ورغم ذلك فإنها تكون مقصد كثير من الباحثين، ومحل طرح عناوين لا تناسبها، وهذا يحدث في كافة المراحل، وعلينا أن ننظر إلي ظاهرة مثل ظاهرة "شعراء السبعينيات"، فنحن نجد أن كثيرا من الباحثين الشباب، يقفون عند اسمين أو ثلاثة أسماء، لمجرد أنهم انتشروا، ووجدوا في الميديا بشكل ما، وتجد الباحث من هؤلاء، يكاد يكون فاقد المعرفة تماما بإنتاج ذلك الشاعر المقصود، ولكنه يضع العناوين والمحاور والأهداف مسبقا، ويضع الخطة قبل التعامل مع أي نص من نصوصه. ومن دواعي سعادتي أنني أتلقي بعض الآراء التي تطرح اختلافات موضوعية، مثلما يفعل صديقي الكاتب الكبير يوسف الشاروني، والذي تحفظ علي عنوان "ضحايا يوسف ادريس"، وعندما قلت له إنني سوف أبحث عن عنوان أكثر دقة مثل "عصر يوسف ادريس"، وجدت أن الدهشة تزداد لديه، والتحفظ يأخذ صورة أخري، وقال بأنه عصر القصة القصيرة، هذا العصر الذي يضم الشاروني وادوار الخراط وآخرين، وبالطبع فله كل الحق في كل مايطرحه ومايبديه من أفكار. ولكن هناك حقيقة موضوعية بعيدة عن عنوان الحلقات الحاد، وهو أن عددا من كتّاب الخمسينيات تم تجاهلهم واستبعادهم وتجهيلهم بقوة، والتكريس لأسماء أخري، وهذا مادفع ناقدا أكاديميا كبيرا، أعطي جل عمره للبحث في القصة القصيرة، أن يبحث في شأن هؤلاء الكتاب المستبعدين، وأعتقد أن أحدا بعده لم يستكمل جهوده الرائدة في ذلك المجال، وعلي رأس تلك الجهود، أنه وضع ببلوجرافيا وافية شافية منذ عام 1910 حتي عام 1961، تتضمن أغلب مانشر من القصص القصيرة في الدوريات المصرية والعربية، وهذه الببلوجرافيا ضمت كافة الأسماء التي ساهمت في تراث القصة القصيرة، وتابع النساج هؤلاء الكتاب في كافة الدوريات المشهورة وغير المشهورة، إنه جهد بالغ الأهمية والضرورة، وأتمني أن تجد هذه الببلوجرافيا طريقها للنشر مرة أخري، لكي تكون بين أيدي الباحثين الذين يبحثون في تاريخ هذا الجنس الأدبي، ولا يجدون المراجع المهمة مثل ذلك المرجع. وعندما راح د.النساج يبحث في شأن هؤلاء الكتاب، وضع لهم تعريفا خاصا جدا، وكذلك وجد هذا التعريف شدّا وجذبا ورفضا وقبولا بين كثر من الكتاب، وهذا التعريف الذي جري استخدامه علي اعتبار أنه مصطلح يشمل هؤلاء الكتاب المستبعدين، وهو مصطلح "الحلقة المفقودة في القصة القصيرة المصرية"، ووضع النساج كتابا لدراسة هذا المصطلح، وتعيين الأسماء التي تندرج تحته، وصدر الكتاب بالفعل في 15 أغسطس سنة 1990، عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، وبعد وضع مقدمة قصيرة تفي بشرح المصطلح، أخضع بعضا من هؤلاء الكتاب للدرس النقدي، وهم عبدالله الطوخي وأحمد عادل ومحمد كمال محمد وسليمان فياض ومحمد أبو المعاطي أبو النجا وفاروق منيب وعبد الفتاح رزق، وترك الباب مفتوحا لإضافة أسماء أخري، عانت ظروفا مثلما عاني هؤلاء. وبالطبع فهو أعاد اكتشاف هؤلاء الكتاب، وذلك مثلما فعل الباحث الشاب محمد علام في بحثه الشيق والجميل والمهم، الذي نشر في العدد الماضي من "أخبار الأدب" عن الكاتب حمدي أبو الشيخ، والذي قرأت مجموعته منذ سنوات، وأنا أندهش أين ذهب هذا الكاتب، وهناك مثل هذا الاسم كثير من الكتاب الذين طحنتهم عجلات الإعلام القاسي مثل ابراهيم عبد العاطي ورمضان جميل وبدر نشأت الذي قدم لمجموعته القصصية "مسا الخير ياجدعان" أحمد بهاء الدين عام 1956، وغيرهم من كتّاب نأمل استعادتهم مرة أخري، عبر البحث الجاد والمخلص، بعيدا عن تلك الأبحاث المتكررة والمملة. يقول الدكتور النساج في مقدمته: "يحاول هذا المبحث الموجز، الاقتراب من العالم الفني، لعدد من كتاب القصة القصيرة المصرية، يمثلون ما اتفق البعض علي تسميتهم بجيل الوسط، في حين ذهب آخرون إلي اعتبارهم "الجيل المدشوت"، وكلهم يجمع علي عدم احتفال الدراسات الأدبية والنقدية بهم، دون سبب معقول، ومن غير مبررات موضوعية، فقد خلت المكتبة العربية من دراسة واحدة تستهدف هذه المجموعة من كتاب القصة في مصر ،تحلل نتاجهم ،وتقارن بينه وبين ماخلفه معاصروهم، أو الذين سبقوهم ،وتجهد في أن تقدم لنا حكما علميا سليما علي ما أبدعوه، وتحدد موقعهم ،وحجمهم الحقيقي بالنسبة لتاريخ القصة القصيرة المصرية". وربما لم يمر هذا المصطلح الذي كان قد طرحه النساج منذ أوائل الثمانينيات ،أي قبل صدور الكتاب بنحو عشرة أعوام مرور الكرام ،ولكنه وجد من ينقده ،ويضعه محل هجوم ،ففي منتصف الثمانينيات أصدر المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية أربعة عشر مجلدا تحت عنوان "المسح الاجتماعي الشامل للمجتمع المصري من 1952 حتي 1980"، وهذا المسح تضمن كثيرا من الخدمات ومجالات الإنتاج المتعددة ،وأحوال السكان والأسرة والتدرج الاجتماعي الطبقي، إلي آخر كافة الأشكال الاجتماعية الأخرة ،وتضمنت المجلدات قسما عن حالة الفنون والآداب . وكان الكاتب الكبير الراحل سليمان فياض ،أحد الموجوعين بالمصطلح الذي وضعه الدكتور النساج ،ولذلك لم يفوّت فرصة هذه المجلدات وراح يعلّق عليها بسخريته المعهودة ،وقسوته الشهيرة ،وكتب مقالا طويلا في مجلة الهلال الصادرة في أكتوبر عام 1986 تحت عنوان "أوهام الحلقة المفقودة ،وتزييف التاريخ الأدبي"، ورغم أنه لم يأت علي ذكر سيد حامد النساج في مقاله ،إلا أن النساج ومصطلحه حاضران بقوة في المقال ،واستعرض فياض سريعا ماجاء في الممجلدات ،وتوقف عند قسم الفنون والآداب ،ووصف ذلك القسم بأنه نقطة الضعف الوحيدة والأساسية في المجموعة ،واعتبرها نشازا كبيرا عن الجهود المضنية التي بذلت في تلك الموسوعة ،وسخر من قلة الأرقام والأدلة التي تخدم التقرير الذي يشمل الفنون والآداب ،ولأن البحث في الفنون والآداب في الموسوعة ،لا يفي بالأرقام والإحصائيات ،فلذلك تنتفي عنه صفة المسح المزعومة ،ولذلك وقع التقرير في أشكال من التخبط والتوهان ،وإطلاق الأحكام السريعة والآراء الشخصية ،حسب أهواء كاتبي التقرير ومواقفهم الحياتية. ووصف سليمان بأن هذه التقارير كتبت علي عجل ،ودون جمع وتوثيق وتصنيف للإحصاء ،والدليل علي ذلك ،هو التقسيم الجزافي لتاريخ القصة القصيرة ،وفي سياق المقال ،يلوم فياض صديقه ورفيقه ومجايله وجاره الناقد الدكتور صبري حافظ ،والذي كان ضمن اللجنة التي وضعت هذا التقرير . ويتوقف فياض عند الإسهاب الطويل الذي أفرده التقرير ليوسف ادريس ،ليمنحه امتيازا وشرفا خاصين ،عندما يقول التقرير :"لقد كان عالم يوسف ادريس واسعا يشمل الريف والمدينة"، ثم ينتقل التقرير بعد إعطاء الحديث عن يوسف ادريس مساحة كبيرة من الشرح والتحليل ،إلي مجموعة كتاب آخرين ،وكأنهم كما يكتب فياض كانوا ملحقين بقاطرة يوسف ادريس ،مثل محمود السعدني وعبد الرحمن الشرقاوي وعبد الله الطوخي وفاروق منيب وآخرين ،ويستطرد فيّاض في نقد ورجم كاتبي التقرير ،خاصة عندما يصل إلي جملة تقول في التقرير بأن هؤلاء "لم يمتلكوا دوافع مثل يوسف ادريس وحساسيته ..والذين ساروا علي دربه ،فكانوا جيلا ضائعا كما وصفهم التقرير"،وعيّن التقرير حوالي خمسة وعشرين كاتبا أجملهم دفعة واحدة ،بقسوة ،ولذلك كانت قسوة سليمان فيّاض الذي تم إدراج اسمه ضمن الجيل الضائع ،لائقة بما جاء في التقرير. ولكننا نعود ونقرر أن هناك كتابا بالفعل ،في الماضي والحاضر يتم إغفالهم دون أي مبررات تتعلق بالقيمة ،ولو بحثنا في زمننا الحاضر عن الدراسات التي شملت إبداعات كاتب كبير وشامخ مثل كتابات الراحل محمد ناجي ،لن نجد مايليق بها ،وربما نجد أن نوعا من البروجرانادا تصاحب بعض الكتابات الأخري دون أن تستحق ذلك علي الإطلاق، وربما بعض الكتّاب يموتون كمدا من كثرة التجاهل والتهميش والاستبعاد. وإذا كنا قد رصدنا بعضا من هؤلاء الذين سبقوا المرحلة الخمسينية ،أي المرحلة التي سادت فيها مفاهيم الواقعية بأشكالها المختلفة ، وتناولنا سريعا كتّابا مثل محمود البدوي ومحمود كامل المحامي وصلاح ذهني وسعد مكاوي ،وبالطبع هناك غيرهم كثيرون ،إلا أن المرحلة الخمسينية ذاتها ، تتضمن كتابا آخرين تم إغفالهم واستبعادهم بشكل متعدد الجوانب ،وعلي رأس هؤلاء الكاتب فاروق منيب، ومحمد صدقي، وعبدالله الطوخي ،وبدر نشأت. هؤلاء الكتاب وغيرهم الذين أثروا الحياة الأدبية بكتاباتهم المتنوعة ،وقد تعرض كل منهم إلي أشكال من المعوقات التي عطلت مشاريعهم الإبداعية ،ولو تناولنا الكاتب محمد صدقي مثلا ،هذا الكاتب الذي أتي من دمنهور عام 1951، وكان قد طرد من المدرسة وهو في السابعة من عمره ،لعدم قدرته علي سداد المصاريف ،والتحق بعدة أعمال متواضعة،فعمل منجّدا ثم نجارا ثم استورجيا ،وكان مع ذلك يحفظ القرآن ،والتحق معهد اسكندرية الديني ،وكان أثناء دراسته يعمل بعد الظهر عاملا في مصانع النسيج بكرموز ،حتي هاجر بسبب الحرب مع أهالي الاسكندرية كما جاء مدونا في سيرته الذاتية إلي الريف ،حيث اشتغل عاملا زراعيا بتفتيش أوقاف الوسط بالقرب من دمنهور في تنقية الدودة. ويحفل سجّل محمد صدقي بالأعمال اليدوية ،وتعلّم النضال النقابي ،وجاء إلي القاهرة ،وكان قد بدأ كتابة القصة القصيرة عام 1946، وعندما استقر به يالحال في القاهرة ،راح ينشر قصصه في صحف ومجلات مرموقة مثل "صوت الأمة ،الجمهور المصري ،الكاتب ،الغد ،التحرير ،الثقافة الوطنية ،وكتابات مصرية ،وروز اليوسف ،وصباح الخير "،والتقي بتيار اليسار ،الذي انضم إليه ،واندرج في أنشطته بشكل جارف ،وأصبح عضوا في لجنة الفنانين أنصار السلام. وفي عام 1956 أصدر مجموعته الأولي "الأنفار "،وكتب له المقدمة الناقد محمود أمين العالم ،واحتفي به بدرجة كبيرة ،وكان العالم في ذلك الوقت ،هو القائد الأعلي لتيار الواقعية ،وكان يكتب بكثافة في المجلات المصرية والعربية مبشرا بهذا التيار ،وكان احتفاؤه بكتابة صدقي خاصا جدا ،من حيث إنه رأي أن الطبقة العاملة المصرية ،بدأت تفرز فنانيها وكتابها ،ويسرد في المقدمة وقائع بعض العمال الذين يمدون مجلات الحائط في المصانع بقصص ومقالات أدبية ذات شأن كبير ،وهو ينتظر منهم المزيد ،وينتظر منهم رافدا جديدا في الحياة الأدبية المصرية والعربية ،ويضرب مثلا من الحياة العربية ،بمحمد ابراهيم دكروب ،الكاتب اللبناني ،الذي انبثق من بين صفوف الطبقة العاملة ،ليصبح في الصفوف الأولي من الكتاب التقدميين المرموقين في العالم العربي. وأعتقد أن محمود العالم كان مفرطا في التفاؤل الأيديولوجي ،عندما كان يبشرنا بجيل من الأدباء سيأتي في المستقبل ،وضرب مثالا بمحمد دكروب ،مع العلم أن الدافع الذي جعل محمد دكروب كاتبا كبيرا ،وذلك يرجع لاستعداده للقراءة والتنقيب والكتابة ،كانت عوامل كبيرة في أن يكون أديبا ،وكذلك محمد صدقي الذي شقّ حياته فيما بعد بشكل طبيعي ،فأصدر مجموعته الثانية "الأيدي الخشنة" عام 1957. وفي مقدمة محمود العالم ،راح يفحص القصص فحصا أيديولوجيا سياسيا ،ويربطها دوما بالأحداث الوطنية الكبري ،ولكن العالم لم يذكر في تلك المقدمة من قريب أو من بعيد الكاتب الروسي مكسيم جوركي ،ولم تحدث أي مقارنة علي الإطلاق بينهما ،وماقيل في ذلك الشأن محض افتراء ،وربما ننقد نقاد اليسار في بعض المواضع ،ولكن الإفراط في نقده ،وادعّاء مالم يأت به اليسار ،يصبح نوعا من التزيد والضرب المغرض ،وللأمانة فإن محمود العالم وجّه نقدا لصدقي ،ورصد بعض المآخذ التي لمسها في المجموعة القصصية ،مثل بعض النهايات للقصص ،والتي جاءت مقحمة علي النص بشكل واضح ،مما يفقد القصة جماليات البناء المطلوبة في القصة الواقعية. ورغم كل هذه المؤاخذات ،إلا أن العالم يقول في نهاية المقدمة :"إن هذه المجموعة من القصص المصرية ليست من إبداع محمد صدقي وحده ، بل هي ثمرة سنوات خصبة من الكفاح الوطني والاجتماعي لجيل واع من شباب مصر ، شارك جميعا في الإبداع ،وتطوير القيم ودفع المواكب المظفرة ،ولهذا فهذه القصص جزء عزيز من معركتنا المتصلة من أجل السلام والتقدم والرفاهية "،وهنا نجد أن محمود العالم لا ينحرف عن مقولة فلاديمير إيليتش لينين ،قائد الثورة السوفيتية عندما قال "إن الأدب والفن جزء من الثورة ،يعملان كتروس الآلة في ماكينة التقدم". وبعد أن أصدر محمد صدقي مجموعتيه اللتين نوهنا عنهما ،دخل في تغريبة وصلت إلي خمس سنوات ،وتم اعتقاله منذ عام 1959 حتي عام 1964، ليخرج مستكملا مشروعه الإبداعي ،ويقدم نصوصا ،لم يتم تناولها بالشكل الذي يليق به وبها حتي الآن. وإذا كان محمد صدقي نموذجا للطبقة العاملة المصرية واضحا وضوحا تاما ،وقدّم ما يفصح عن ذلك ،فهناك كاتب آخر ،جاء من الريف إلي القاهرة عام 1952، وكتب قصصا عن الريف وشخصياته وأحداثه ومآزقه ،هذا الكاتب هو الأديب فاروق منيب ،والذي تعرّف علي مجموعة من المبدعين والشعراء مثل نجيب سرور وجيلي عبد الرحمن وغيرهما من كتاب ،وبدأ ينشر قصصه في مجلات روز اليوسف وصحيفة الجمهورية ،ثم عمل محررا في جريدة المساء ،وكانت مقالاته وتحقيقاته لافتة للنظر ،وأصدر مجموعته الأولي "الديك الأحمر" عام 1960، وكتب لها دراسة نقدية الناقد عبد المحسن طه بدر . كانت قصص منيب تتناول أحوال الريف البسيطة والمعقدة في آن واحد ،وكانت القصص تتعامل مع المآزق الطبقية والاجتماعية لأبناء الريف ،ففي القصة الرئيسية "الديك الأحمر"، هذا الديك البارز والذي يصيح دوما بشكل قوي ،تضطر سيدة الدار أن تبيعه ،لأن ابنها سيحرم من دخول المدرسة ،إذا لم يأت بالمصروفات ،فتضطر الأم لبيع هذا الديك وبضع دجاجات حتي تكون قادرة علي سداد المصروفات ،وبالطبع فمنيب يتناول تفاصيل عديدة في القصة ،يطرح فيها طبائع شخصيات الريف المركبة. وهذا المدرّس الذي يتوقف أمام عقاب أحد تلاميذه عندما يعلم أن والده ،هو البقال الذي يسحب منه بعض احتياجاته "ع الحساب"، وهنا تنهار شخصية المدرس أمام شخصية ابن صاحب البقالة. وتتميز جمل وكتابة فاروق منيب القصصية ،بسلاسة ورقة وحماس ،وأصدر مايربو علي سبع مجموعات قصصية ،ولكنه يصاب بمرض الكلي ،ويظل مدة للعلاج في لندن ،ويموت هناك وحيدا ،بعد أن يوصي بدفن جثمانه هناك ،ورغم هذا العطاء الثري ،لم تخضع كتابات منيب إلي الدرس النقدي اللائق، ربما يلتفت إليه الباحثون ليكون علي مائدة البحث الأكاديمي والنقدي .