شباب المصريين بالخارج مهنئا الأقباط: سنظل نسيجا واحدا في وجه أعداء الوطن    صوامع الشرقية تستقبل 423 ألف طن قمح    التخطيط: 6.5 مليار جنيه استثمارات عامة للإسماعيلية للعام المالي الحالي    الجيش الإسرائيلي يفرض حظر نشر على حادث كرم أبو سالم    أخبار الأهلي: موقف كولر من عودة محمد شريف    رونالدو: الهدف رقم 900؟ لا أركض وراء الأرقام القياسية ... 66 هاتريك أغلبها بعد سن الثلاثين، رونالدو يواصل إحراج ليونيل ميسي    «قطار الموت» ينهي حياة فتاة داخل مدينة ملاهي بأكتوبر    الجد الأعظم للمصريين، رحلة رمسيس الثاني من اكتشافه إلى وصوله للمتحف الكبير (فيديو)    اعرف حظك وتوقعات الأبراج الاثنين 6-5-2024، أبراج الحوت والدلو والجدي    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة بطوخ    "خطة النواب": مصر استعادت ثقة مؤسسات التقييم الأجنبية بعد التحركات الأخيرة لدعم الاقتصاد    التنمية المحلية: استرداد 707 آلاف متر مربع ضمن موجة إزالة التعديات بالمحافظات    وزير الإسكان: قطاع التخطيط يُعد حجر الزاوية لإقامة المشروعات وتحديد برامج التنمية بالمدن الجديدة    «شباب المصريين بالخارج» مهنئًا الأقباط: سنظل نسيجًا واحدًا صامدًا في وجه أعداء الوطن    نتنياهو: إسرائيل لن توافق على مطالب حماس وسنواصل الحرب    إعلام عبري: حالة الجندي الإسرائيلي المصاب في طولكرم خطرة للغاية    روسيا تسيطر على بلدة أوتشيريتينو في دونيتسك بأوكرانيا    زعيم المعارضة البريطانية يدعو سوناك لإجراء انتخابات عامة عقب خسارة حزبه في الانتخابات المحلية    صحة غزة: ارتفاع إجمالي الشهداء إلى 34 ألفًا و683 شخصًا    كنائس الإسكندرية تستقبل المهنئين بعيد القيامة المجيد    البابا تواضروس: فيلم السرب يسجل صفحة مهمة في تاريخ مصر    حمدي فتحي: مستمر مع الوكرة.. وأتمنى التتويج بالمزيد من البطولات    وزير الرياضة يتفقد منتدى شباب الطور    بين القبيلة والدولة الوطنية    في إجازة شم النسيم.. مصرع شاب غرقا أثناء استحمامه في ترعة بالغربية    «الداخلية» في خدمة «مُسِنّة» لاستخراج بطاقة الرقم القومي بمنزلها في الجيزة    التعليم: نتائج امتحانات صفوف النقل والاعدادية مسؤلية المدارس والمديريات    رفع حالة الطوارئ بمستشفيات بنها الجامعية لاستقبال عيد القيامة المجيد وشم النسيم    بالصور.. صقر والدح يقدمان التهنئة لأقباط السويس    «سلامة الغذاء»: تصدير نحو 280 ألف طن من المنتجات الزراعية.. والبطاطس في الصدارة    ماري منيب تلون البيض وحسن فايق يأكله|شاهد احتفال نجوم زمن الفن الجميل بشم النسيم    أنغام تُحيي حفلاً غنائيًا في دبي اليوم الأحد    بعد انفصال شقيقه عن هنا الزاهد.. كريم فهمي: «أنا وزوجتي مش السبب»    بالتزامن مع ذكرى وفاته.. محطات في حياة الطبلاوي    الليلة.. أمسية " زيارة إلى قاهرة نجيب محفوظ.. بين الروائي والتسجيلي" بمركز الإبداع    حفل رامى صبرى ومسلم ضمن احتفالات شم النسيم وأعياد الربيع غدا    الإفتاء: كثرة الحلف في البيع والشراء منهي عنها شرعًا    دعاء تثبيت الحمل وحفظ الجنين .. لكل حامل ردديه يجبر الله بخاطرك    «الإسكان» تنظم ورش عمل مكثفة للمديريات حول تطبيق التصالح بمخالفات البناء وتقنين أوضاعها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت كنانة في طوخ    رئيس هيئة الرعاية الصحية يبحث تعزيز التعاون مع ممثل «يونيسف في مصر» لتدريب الكوادر    لتجنب التسمم.. نصائح مهمة عند تناول الرنجة والفسيخ    "الرعاية الصحية" بأسوان تنظم يوما رياضيا للتوعية بقصور عضلة القلب    فاينانشال تايمز: الاتحاد الأوروبي يضغط لاستبعاد قطاع الزراعة من النزاعات التجارية مع الصين    الأهلي يجدد عقد حارسه بعد نهائي أفريقيا    الاتحاد يواصل تدريباته استعدادًا لمواجهة الأهلي.. وأتوبيسات مجانية للجماهير    «التعليم»: المراجعات النهائية ل الإعدادية والثانوية تشهد إقبالا كبيرًا.. ومفاجآت «ليلة الامتحان»    «منتجي الدواجن»: انخفاضات جديدة في أسعار البيض أكتوبر المقبل    البابا تواضروس خلال قداس عيد القيامة: الوطن أغلى ما عند الإنسان (صور)    السيطرة على حريق شقة سكنية في منطقة أوسيم    ضبط دهون لحوم بلدية غير صالحة للاستهلاك الآدمي في البحيرة    المديريات تحدد حالات وضوابط الاعتذار عن المشاركة في امتحانات الشهادة الإعدادية    «الدفاع المدني الفلسطيني»: 120 شهيدا تحت الأنقاض في محيط مجمع الشفاء بغزة    مختار مختار: عودة متولي تمثل إضافة قوية للأهلي    محمود البنا حكما لمباراة الزمالك وسموحة في الدوري    هل يجوز السفر إلى الحج دون محرم.. الإفتاء تجيب    شم النسيم 2024 يوم الإثنين.. الإفتاء توضح هل الصيام فيه حرام؟    رسالة دكتوراة تناقش تشريعات المواريث والوصية في التلمود.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يري أن كل النقاط المضيئة كانت بمبادرات فردية من أشخاص تم تعيينهم بالصدفة أو بالخطأ
خالد رؤوف: الدولة لا تملك رؤية للترجمة
نشر في أخبار الأدب يوم 25 - 09 - 2015

في هذا الحوار يتحدث المترجم والأكاديمي خالد رؤوف عن الترجمة من اليونانية، ليغير ما كان قراءة العربية قد اعتادوه عن لغه كان يتم التعامل معها عبر وسيط. صدرت لخالد رؤوف مؤخراً ترجمته لرواية "أليكسيس زوربا..سيرته وحياته" لنيكوس كازانتزاكيس. الكتاب الصادر عن المركز القومي للترجمة يعد أول ترجمة مباشرة عن اليونانية للعمل. كما سبق أن صدرت لخالد ترجمة مختارات من شعر يانيس ريتسوس حملت عنوان "جيران العالم" (2010- جدار للنشر)، وقد سبق أن قام كل من الشاعرين سعدي يوسف ورفعت سلام بترجمة أعمال الشاعر اليوناني عبر لغات وسيطة.
تقديم ترجمة جديدة لنصوص يونانية مسألة يجيدها رؤوف، يراها عملية أقرب لإحياء إبداع كاتب في ثقافة ولغة أخري. فقد سبق أن أطلّع قارئ العربية علي النص الأشهر لكازانتزاكيس من خلال ترجمات سابقة، لتكون ترجمة خالد عن اللغة الأصلية مدخلا للحديث مرة جديدة عن مسألة الترجمة من اللغة الأصلية أو عبر لغة وسيطة، ولفتح الباب لمترجم الآداب اليونانية ليكشف للقارئ كيف تتلقي مصر هذه الآداب بعد ترجمتها.
يكشف خالد لأخبار الأدب أسباب تعدد أشكال الاسم الواحد، حيث يجد القارئ أسماء مثل "أخيل" أو "أكيل" أو "إيكيل"، وذلك يرجع لكونها تكتب هكذا بالإنجليزية أو الفرنسية والصحيح هو "أخيليوس" أو "أخيلياس"، لكن الأسماء ليست الفاجعة الوحيدة، حسبما يؤكد خالد، لكنها تدل علي أن عبق الثقافة الأصلية لا يصل لقارئ العربية. في هذا الحوار يتحدث خالد رؤوف عن مشاكل أخري مرتبطة بالترجمة مثل التعليم، النشر، وإلي نص الحوار.
في البداية ما رؤيتك لفكرة الترجمة، وكيف تري دور المترجم؟
موضوع كبير، لكن سوف أحاول أن ألخص رؤيتي لفكرة الترجمة. أعتقد إن عملية الترجمة هي عملية إبداعية، بمعني أنها أقرب إلي الفن منها إلي "العلم" كما يحلو للبعض أن يطنطن كنوع من الفذلكة الكلامية، حيث لا تنطبق شروط توصيف العلم علي الترجمة. لكن ليس هذا هو الموضوع هنا. هي بالفعل عملية إبداعية يمكن تسميتها بالصنعة بمعني أنها تحتاج إلي معرفة وخبرة وتدريب مستمر من جانب المترجم. التدريب هنا يعني القراءة والكتابة المستمرة، من الممكن أن نقول أيضا أنها عملية إحياء لإبداع الكاتب بلغة أخري أو لغة جديدة. الترجمة جسر يربط بين الثقافات والحضارات، وهي العامل الأول والأساسي فيما نسميه التفاعل الثقافي والحضاري أي الحوار الثقافي بين الشعوب. وهذا شيء مطلوب للغاية بالأخص في الفترة التاريخية التي نعيشها وبما أنني أترجم أدبا بشكل أكثر أريد أن أتكلم عند دور الترجمة الأدبية وأهميتها في تحقيق مستوي مختلف من الحوار الثقافي لأن الإبداع له لغة خاصة وأبعاد مختلفة، علي المستوي الإنساني والشعبي والإبداعي وهذه الأبعاد تجعل فهمه أكثر صعوبة، علي سبيل المثال، من الترجمات الصحفية.
أما دور المترجم أن يكون مؤهلا للقيام بهذا الدور، وذلك بأن تتوفر لديه المعرفة اللازمة باللغتين المنقول منها وإليها وأعني الثقافتين، لأن المترجم ينقل ثقافة من لغة إلي لغة أخري، وهذا ما أقصده بالمعرفة. دور المترجم يبدأ باختيار الكتاب والكاتب، ولماذا يكون هذا الاختيار، إذا لم يكن الأمر بالتكليف.. وفي مصر هذا أمر نادر بالمناسبة. لا توجد سياسة للترجمة، أو بشكل أدق، لا توجد إستراتيجية واضحة، سواء بالنسبة للنشر الرسمي أو دور النشر الخاصة. كل منها له ما له وعليه ما عليه والمسألة معقدة، لهذا فأنا أري أن دور المترجم يتلخص في فهم ما يريد أن يقدمه من الثقافة التي ينقل منها إلي ثقافة اللغة المنقول إليها. لابد أن يكون دائم الإطلاع وعلي معرفة بتاريخ الثقافة واللغة والكتابة والكتّاب في اللغة والثقافة التي ينقل منها وبالتالي علي معرفة بتطور كل هذه الأشياء حتي لحظة البدء في ترجمة الكتاب الذي بين يديه.
من الممكن أن نتحدث عن نقل العمل من اللغة مباشرة وليس عبر لغة وسيطة، وبشكل خاص في مجال الأدب اليوناني.
أنا من أشد المؤيدين للترجمة عن اللغة الأصلية و الرافضين إلي حد كبير للترجمة عن طريق لغة وسيطة لأسباب كثيرة، لأن الترجمة، حسبما أوضحت قبل ذلك، هي نقل للثقافة. وأهم عامل في هذه الثقافة هي اللغة، فإذا كنا نتحدث عن أدب/ شعر/ فن فالأمر يكون صعبا جداً، عبر لغة وسيطة، أن تنقل ثقافة أو سمها تفاصيل وأبعاد تلك الثقافة. حينما أطالع ترجمات عبر لغات وسيطة لكُتّاب قرأت أعمالهم باللغة الأصلية ودرستها أيضاً كنت أجد في هذه الترجمات أن اسم الكاتب خطأ، وأسماء الأماكن والأبطال كذلك، والأقرب إلي الصحة منها ليس صحيحاً، لأن المترجم يترجم عبر لغة وسيطة، وغالباً تكون الإنجليزية أو الفرنسية فتجد مثلاً اسم "أخيل" أو "أكيل"، أو "إيكيل" لأنها ببساطة تكتب هكذا بالإنجليزية أو الفرنسية والصحيح هو "أخيليوس" أو "أخيلياس"، وغيرها من الأخطاء الشائعة في ترجمات موجودة مثل الكاتب الألماني الكبير نعرفه بأسماء مثل "غوتة" أو "جوتة" بينما هو "جيتيه" بالألمانية، وبالمثل كاتب الإلياذة والأدويسية "هوميروس"، نجده "هومير" أو "أومير"، لنفس السبب، لكن الأسماء ليست الفاجعة الوحيدة، لكن تدلل علي أن عبق الثقافة الأصلية لا يصل وقس علي هذا التشبيهات والصور والمجازات التي من المفترض أن يحاول المترجم جاهداً أن ينقلها إن لم تكن كما هي لأن هذا يصعب أحياناً تحقيقه، لكن علي الأقل تحقيق ما يعطي المتلقي إحساسا بالبيئة واللحظة الزمنية وثقافة الكائن في ذلك المكان البعيد وهذا الكاتب وثقافته. هناك مترجمون عن لغات وسيطة أعجب بترجماتهم ولا أجد فيها ما يزعجني لأنهم يهتمون بمذاكرة الثقافة والكاتب بشكل جيد، فتكون النتيجة مرضية. كما أظن أن في حالة الترجمة عن طريق لغة وسيطة، لا تكون هناك مراجعة، لهذا عادة ما تجد كوارث مثل أن تكون فصول قد تبدلت، أو فقرات قد ألغيت، أو إضافات من المترجم تعتبر فذلكة لا مجال لها. خاصة أن الهدف الرئيسي للترجمة هي توصيل أفكار وفلسفة الكاتب كما هي دون تحريف وعلي المترجم أن ينقلها إلي المتلقي الذي يقرأ الترجمة بنفس السلاسة والبساطة التي يقرأ بها القارئ باللغة الأصلية وأن تصله نفس الأفكار والمعاني وكل هذه الأمور يصعب تحقيقها في حالة الترجمة عبر لغة وسيطة.
ما هي الأمثلة التي تراها جيدة في حالة الترجمة من لغة وسيطة؟ هل تري ذلك مقبولا في حالات محددة؟
اللغات التي لا يتوفر مترجمون علي دراية بها أظن أنها قليلة جداً، الأيرلندية مثلاً، وبعض اللغات الصغيرة الأخري كالأستونية. وذلك حسب علمي، لكن يعجبني ما يقدمه أحمد شافعي، هو مترجم رائع، أحيانا ما يقوم بالترجمة عن طريق لغات وسيطة، هو ماهر وشاطر وقارئ متمرس وكاتب موهوب، ما يترجمه شافعي ترجمات محترمة للغاية. كما قام عبد الرحيم يوسف بترجمة مختارات من القصة الأيرلندية عن الإنجليزية، وهي ترجمة رائعة، قد يكون ذلك لأن الكتّاب أنفسهم شاركوا في ترجمة نصوصهم إلي الإنجليزية لهذا فإن الموضوع مختلف، وفي جميع الأحوال تكون الترجمة عن طريق لغة وسيطة مقبولة إذا كان المترجم متخصصا في مجال النص المترجم، أو دارس لمجاله ومتعمق فيه.
حينما تترجم عملا تعرف أنك أول من يترجمه عن اللغة الأصلية، كيف تتعامل مع الترجمات السابقة التي تمت عبر لغات وسيطة، هل تهتم بأن تقرأها؟ أو أنها تكون دافعاً لك لإعداد الترجمة من اللغة الأصلية مثلا؟
الترجمات السابقة في الغالب ما أكون قد قرأتها بالفعل، وفي بعض الأحيان أعيد قراءتها مرة أخري قبل الشروع في الترجمة، وذلك لأسباب كثيرة منها المقارنة بينها وبين الأصل، في الغالب أجد كوارث، لكن مرات قليلة يحدث العكس. لكن أصبحت معتادا علي أن أمسك بكتب مترجمة عن لغات أعرفها، أو أترجم منها، و أنا أمسك بيدي الأخري قلم رصاص، لأضع خطوطا علي الأخطاء الشائعة غالباً في النقل، وهذا لا يقدم لي دافعاً للترجمة، لكنه يدفعني بشكل ما لأن أكون دقيقا قدر الإمكان بحيث إن تكون ترجمتي أقرب ما تكون نسخة طبق الأصل في الأفكار والمعاني وإن أمكن تعكس أسلوبية الكاتب في اللغة الأصلية، وبحكم إنني باحث أتعامل مع الترجمة كمرجع، أحيانا أقول يمكن أن يكون ذلك مرجعا للباحثين فيما بعد. ممكن أن يقوموا بتعديله أو تصحيحه. لكن الأصل في الموضوع، والواقع كذلك، أن الكتاب المترجم يترجم خلال سنوات. أنا أترجم عن اللغة اليونانية، ولا يوجد الكثير من المترجمين، لكن في أقسام في الكليات تدرس لغة يونانية قديمة وحديثة، وأغلبهم لا يعمل حسب دراسته، لكن بالتأكيد إذا أتيحت لأي منهم فرصة قد يسعي للتعرف علي هذه الثقافة، وهو ما يرجعنا للحديث عن مشكلة التعليم أكثر مشكلة تؤرق حاضر ومستقبل هذا الوطن المريض!
حسنا لنتحدث عن التعليم، كيف تقيم تأثير التعليم علي الترجمة؟ وكيف يتم إعداد المترجمين بالجامعة؟
لدينا أزمة أسطورية في التعليم بمصر، وهذا الكلام ليس جديدا، بل هذا الأمر معروف بالنسبة للجميع أنها سبب أغلب مشاكل البلد والطريق لحل 90٪ من مشاكلها. أحب أن أبدأ بمثال، ربما يكون خارج السياق، لي خال كبير في العمر. وأنا طالب في الثانوية العامة، كان يزورنا، وحينما يري الأوراق والكتب الخاصة بي كان يقول لي علي بعض الأخطاء فيما أكتبه بالعربية والإنجليزية والفرنسية، مثل أن المعني ليس دقيقا هنا أو أن ال accent هنا خطأ، ونطقه في الإنجليزية كان واضحا و بريطاني جداً. خالي كان يعمل بيده في أرضه الزراعية في الصعيد، وكان حاصلا علي تعليم أقل من المتوسط، ولغته العربية وخطه أحسن مني في وقتها، وحتي الآن، رغم كوني من الطلبة المتفوقين في حينها علي الأقل في مواد اللغات. لو تكلمنا عن الترجمة الأدبية بشكل خاص فنحن نتحدث بالضرورة عن اللغة بخلاف معرفته باللغات والثقافات التي يترجم عنها وإليها فنحن نتكلم عن اللغة. كيف يتم تدريس اللغات ومنها اللغة العربية في مدارسنا وجامعاتنا، ومستوي المعلمين والأكاديميين المزري، أنا درست في مصر وخارجها، وعملت كمترجم وأكاديمي كذلك لهذا أقدر أقول أن الفروق شاسعة وكثيرة. لنتكلم في متوسط الثقافة التي يتحصل عليها الطالب في المدارس والجامعات..هل هناك مثلاً تدريس من أي نوع في المدارس للأدب العالمي، شعر وقصة ورواية وتاريخ، قارن بين المناهج هنا ومناهج أي دولة صغيرة مثل اليونان أو إيطاليا ستجد فواجع.. نحن متخلفين جداً!
مثلاً ابنتي لديها 18 سنة وقد التحقت بجامعة في إنجلترا، وكانت قد تخرجت في مدرسة إيطالية حكومية. لكنها منذ خمس سنوات يعني منذ أن كان عمرها 13 سنة تقريباً تقرأ ونتناقش سويا ونتبادل نفس نوعية الكتب تقريباً... ليس كل الكتب لأن هذا الجيل يقرأ الكثير من الخيال العلمي. هذا يفتح الباب للعديد من الأسئلة حول التعليم في مصر مثل كيف يتم إعداد المترجمين بالجامعة؟ هل يتم تدريس الترجمات بأنواعها في أقسام اللغات في الجامعات؟ هل يتم تدريبهم؟ يعني هل يتم تدريبهم في صحف مثلاً؟ حتي لو تكلمنا عن الترجمة الصحفية هناك مشاكل كبيرة في مصر. هل يتم تدريبهم مع مترجمين متمرسين ينقلون لهم خبراتهم في المهنة؟ وقس علي هذا الترجمات بأنواعها. لو تحدثنا مثلاً عن الترجمة الأدبية لطلاب وأساتذة في أقسام لغات لا يعرفون شيئا أو القليل جداً عن كُتّاب وأدباء اللغة التي يدرسونها، وبالتالي يمكننا تخيل ما الذي يعلمه هؤلاء الأساتذة للطلاب حينما يكون المدرس مثلا غير مطلع علي تطوّر اللغة وآدابها. بالتأكيد لدينا مترجمون ومجتهدون، لكن تفوقهم نتاج لجهودهم الذاتية، واشتغالهم علي أنفسهم وتطويرهم لأدواتهم..وهذا دور المترجم في كل الأحوال، لكن لو الأساس من التعليم الأساسي حتي الجامعي كان صحيحا كنّا اختصرنا وقتا وجهداكبيرا ووصلنا لنتائج أفضل من الموجودة كذلك.
لا توجد سياسات للترجمة ما هو الحل الأنسب من وجهة نظرك؟
الأمر يرتبط بالطبع بالأساس مع وجود سياسة ثقافية أو استراتيجية ورؤية ثقافية تندرج أسفلها الترجمة، لأن عدم وجود سياسات ثقافية يؤدي إلي عدم وجود أي "حاجة شبيهة" لها علاقة بالترجمة. أولاً علي مستوي الدولة، لا يوجد أي تنسيق من أي نوع بين كل الجهات المعنية بالترجمة، كل السلاسل والمؤسسات والهيئات جزر منعزلة، وإن كان بعضها يصدر عناوين مهمة، مثل سلسلة الجوائز (هيئة الكتاب) أو المركز القومي للترجمة و"آفاق عالمية" (قصور الثقافة) وغيرها، إنما كل هذه النقاط المضيئة تكون بسبب مبادرات فردية من أفراد إما تم تعيينهم بالصدفة أو بالخطأ، أو عندهم رؤية ومنهم من مارس الترجمة بالفعل، فربما يكون بالفعل صاحب رؤية لكن البيروقراطية تخنقه. نشرت لي ترجمة "أليكسيس زوربا..سيرته وحياته" عن اليونانية، هي أول ترجمة عن اللغة الأصلية، بعدها نشرت ترجمة أخري عن اليونانية أيضاً. وقد كتب علي غلافها أنها الأولي عن اللغة الأصلية وقد قام بها الدكتور حمدي ابرهيم كان ذلك عن سلسلة أفاق. أورد هذا المثال لأؤكد علي غياب التنسيق، كما أنني سلمت خلال السنوات الأربعة الأخيرة لجهات رسمية عشرة ترجمات، وحصلت علي حقوقي كمترجم، ودفعت 90٪ من حقوق الملكية، ولم ينشر منها كتابا حتي الآن. من ناحية أخري قد يكون صدور أكثر من ترجمة لعمل واحد جيداً لأنه سيصب في مصلحة القارئ والعمل نفسه. أما عن دور النشر الخاصة فحدث ولا حرج، المترجم في الغالب يعامل كأنه "بقال" أو كاتب بالقطعة في أحسن الأحوال، إذا كان الموضوع "بياع" يكون هناك اتفاق، وإذا لم يكن كذلك يقال له :"متوجعش دماغنا". دائما لا توجد أموال، إلي جانب وجود حالة من عدم الاحترام، وحدث لزملاء مواقف مهينة مع دور نشر كبري. في السابق كان لا أحد يهتم بنشر الشعر الآن يحدث الأداء نفسه مع الترجمة، قد يكون ذلك مفهوما لأنها مكلفة، هناك حقوق ملكية، طباعة وأجر المترجم.
أين دور الدولة هل تري أن الوزارة يجب أن تلعب دورا في دعم الترجمة !؟
لا توجد رؤية، ولا ميزانيات كذلك، الترجمة ليست التوقف عند الترجمة من لغات أخري إلي العربية، بل دور الدولة أن تخلق طرقا لترجمة ثقافتها للآخرين، سواء كانت ثقافات مركزية أو غير مركزية، مثلما يحدث في دول كثيرة تدعم هذه الطرق، والمسألة ليس لها علاقة بالأموال فقط، وإنما من الممكن تقديم تسهيلات للمترجمين واتفاقيات مدروسة مع هيئات ووزارات وأماكن معنية بالثقافة والترجمة في الخارج. المركز القومي للترجمة، علي سبيل المثال ومع احترامي لكل العاملين به، ليس دار نشر، ولا ينبغي له أن يكون كذلك، لكن دوره يجب أن يكون أكبر. أعتقد أنه لو هناك نقابة للمترجمين يمكن أن تتولي الجزء الأكبر مما لا تفعله الدولة أو تقوم بتقنين وترتيب الكثير من الأمور فيما يخص الترجمة. إنما في النهاية تقريباً 90٪ فيما يحدث من إيجابيات في حقل الترجمة في مصر واقع بشكل فردي علي مبادرات واجتهادات المترجمين، وقليل من المسئولين في سلاسل الترجمة التابعة للدولة.
لنتحدث بشكل أكثر تحديدا ما الدور الذي يجب أن يلعبه المركز القومي للترجمة من وجهة نظرك؟
أتخيل أن يكون له دور تنظيمي لعملية الترجمة، ووضع المترجم بصفة عامة، عن طريق الاهتمام بموضوعات مثل تقنين أوضاع المترجمين، والعمل علي وضع معايير للترجمة، باختصار أن يقوم بالدور الذي يقوم به نظيره في أي دولة عادية لها مراكز ثقافية تعني بالشأن الثقافي العام، بأن يكون له رؤية ودور فيما يترجم عنّا إلي لغات أخري، وهذا ما تقوم به جمعيات المترجمين في دول كثيرة علي سبيل المثال. حينما تصدر جمعية المترجمين أو النقابة بيانا أو قرارا، دور النشر تنشره وتعمل وفقا لما جاء به و تخبر كل المتعاملين والمتعاونين معها بالإجراءات الجديدة. بما يعني أن الجمعية لها دور حقيقي وملزم في أحيان كثيرة. من الممكن الاهتمام بحقوق الملكية أكثر ووجود قاعدة بيانات أو أرشيف للترجمات، هذا قد يكون مفيدا، لكن نحن نتكلم عن دولة لا تمتلك قاعدة بيانات للمواطنين بشكل علمي أو منظم أو قاعدة بيانات أصلاً !
نعود لمشاكل المهنة، إذا قرنا وضع المترجم إلي اللغة العربية مع مترجمين في ثقافات أخري كيف ستقيم وضع المترجم العربي؟
المقارنة بين المترجم في المنطقة العربية وغيرها، أو بين شمال حوض البحر المتوسط وجنوبه، حسب دراسة تناولت مقارنة بين الترجمة شمال وجنوب حوض المتوسط من حيث الكم والكيف تجد أن الطريف مثلاً أن متوسط إنتاج المترجم شمال المتوسط تقريباً 8 كتب في العام، في بعض الدول هذا كان الحد الأدني. بالنسبة للأجر بالنسبة لي مثلاً حينما أترجم من العربية إلي اليونانية مثلاً يكون الأجر من 3 إلي 10 أضعاف ما أتقاضاه من دور نشر مصرية، وأنا أقصد الأفضل منها فيما يخص التعاملات المالية مع المترجمين، بمعني أن هذه الجهة تضع في حسبانها إن الترجمة عن اللغة الأصلية، أو أنها لغة نادرة فيكون التعامل خاصا فيما يخص الأجر، لكن لم أتعامل مع دور نشر عربية حتي أكون رأيا أو مقارنة بينها وبين دورنا.
ما الحل؟
المشكلة معقدة ومتشابكة لأنها أزمة ثقافة عامة وأزمة كتاب كذلك، لا يمكن أن نتحدث عن أجر المترجم دون الحديث عن المشكلة نفسها عند الكاتب. الناس بس معاملة الناشر للكاتب أيضاً بها مشاكل، بالأخص فيما يخص الأجر. نادرا ما يتلقي الكاتب أجرا مقابل النشر من أي جهة مثلاً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.