نشرت صفحة الكاتب الفرنسي أونوريه دي بلزاك في يوم وفاته، الذي وافق 18 أغسطس الجاري، مقالًا ل كريستوفر فريزل في جريدة "ذا سترينجر" التي تصدر في واشنطن، يتحدث فيه عن أهم العادات التي كان يمارسها بلزاك علي الإطلاق، وهي شرب القهوة بجنون. كان أونوريه دي بلزاك يشرب القهوة لأيام وأسابيع دون توقف، وعلي معدة خاوية، وإنها ربما تكون السبب في موته، حيث توفي الكاتب الفرنسي في القرن التاسع عشر بسبب "تسمم الكافيين"، وأشيع أنه كان يشرب بشكل يومي 50 فنجانا من القهوة، إلا أنه لم يهتم بعدد ما يشرب، ويبدو أنه كان يشرب عددا أكثر من ذلك حين يواتيه مزاجه. تقول المدونة الإنجليزية "ريبيكا براون" - التي تأكدت من إدمانه للقهوة فور رؤيتها مكتبه: "أمتلك ورقة من المنزل الذي عاش فيه بلزاك قرب نهاية حياته وأثناء تهربه من دائنيه، وهي من الأشياء المفضلة لدي. كان المكتب الذي يستخدمه للكتابة متواجدا بالمنزل أيضا، وبدا سطحه مهترئاً ومنبعجا إثر ضغط الرجل عليه أثناء الكتابة تحت تأثير الكافيين، كما أن لدي صورة لوعاء القهوة الذي كان يستخدمه. أظن الناس يحبون تقليد من يعجبونهم، وفي بعض الأحيان يحاولون الحصول علي قطعة تخصهم أو حتي الاقتراب منها." ويذكر المقال أيضا ما كتبه بلزاك نفسه عن القهوة: "القهوة قوة عظمي في حياتي؛ لاحظت آثارها علي نطاق شديد الاتساع يكاد يكون ملحميا، فالقهوة تحمص دواخلك. كثير من الناس يدّعون أن القهوة من أبواب الإلهام السحرية، ولكن كما يعلم الجميع، فهي تجعل الأناس المملين أكثر مللا. عليك أن تفكر في الأمر: فعلي الرغم من أن أكثر محلات البقالة في باريس تظل مفتوحة حتي منتصف الليل، إلا أن روحانية الكُتاب لا تزال كما هي بل وتضمحل أيضا". وأوصي الرجل من يستطيعون تحمل القوة المفرطة بشرب فنجان تلو الآخر علي معدة خاوية: "تهبط القهوة إلي معدتك كهبوطها في كيس مخملي مطرزة دواخله بالمتذوقات والحليمات، وتنتهز عدم وجود أي شيء آخر بداخل الكيس لتهاجم البطانات الرقيقة والحسية للمعدة، فتفعل كما يفعل الغذاء وتطالب بعصارات هضمية، وتأخذ في العصر والتلوي طلبا لهذه العصارات، كما تتضرع الأفعي لإلهها، وتقسو علي بطانات المعدة الجميلة كما يلهب سائق العربة ظهور الخيل، فتشتعل جديلة الأعصاب ويتصاعد الشرر إلي الدماغ. ومن هنا يبدأ كل شيء في الفوران، تزحف الأفكار في خطوة سريعة ككتائب جيش كبير متجهة صوب أرض قتال أسطورية، ثم يحمي وطيس المعركة. تتحرك الذاكرة في اندفاع، وترتفع البيارق الملونة، ثم ينتشر فرسان المجاز بسرعة رهيبة، وتنطلق مدفعية المنطق تجر العربات الصاخبة والذخيرة، يصوب القناصة ويطلقون النار بأوامر من المخيلة، ثم تظهر النماذج والأشكال والشخصيات فجأة وينتشر الحبر علي الورق، فالعمل الليلي يبدأ وينتهي بسيول من الماء الأسود، كما تبدأ المعركة وتختتم بفعل المسحوق داكن اللون".