السماء ليست للبيع

أعتقد أن جريمة قيام أميرة «مضيفة طيران، وخبيرة بعلم الطاقة» بقتل ابنتها الرضيعة «يارا» هو أمر جلل اجتماعيا وأسريا وإنسانيا.
ولا أعرف تحديدا ماذا يعنى أنها خبيرة الطاقة؟ ما هي مجالات هذه الخبرة؟ وما هي معايير اختيار خبرائها؟ وما هي مجالات عمل خبراء الطاقة، خاصة أنها تقصد الطاقة الروحية التي يروج لها باعتبارها علاجا سمائيا للروح الإنسانية، وما لتلك الكلمات من بريق يخدع الكثيرين؟.
من نص التحقيقات المنشورة قالت إنها خاضت تجربة روحية قوية أثناء عملها كمضيفة، وقالت إن هذه التجربة جعلتها تسمع وترى ما لا يستطيع أحد رؤيته أو سماعه.. ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على بال بشر.
لم تتوقف تلك الحالة عند ما سبق فقط، لكنها صرحت بأنها بدأت تتلقى ما وصفته بأنه هواتف تجليات أسهمت في زيادة جرعات طاقتها الروحية، وذكرت أن النبيين موسى وعيسى عليهما السلام قالا لها إنها العذراء مريم. تطورت حالتها حتى إنها عقدت جلسات طاقة روحية بمنزلها بالتجمع الخامس للعلاج من العزلة والوحدة.
وعن قتل صغيرتها قالت إن تلك الطاقة الروحية ألهمتها بانتهاء رحلتها ورسالتها على الأرض، وجاء أوان صعودها مع طفلتها إلى السماء، وكأنها تعليمات السماء الإلهية. قتلت طفلتها ولم تتمكن من الانتحار الذي كانت مقبلة عليه.
جريمة إنسانية بالدرجة الأولى. جريمة تنبهنا لبعض الممارسات الخطيرة في المجتمع، جريمة تستدعى إعادة النظر فيما يحدث من خداع الكثيرين، إما باسم الموارد البشرية أو باسم أوهام الطاقة الروحية. وجميعهم يدعون أنها علوم ومناهج وتدريبات وجلسات، وربط ذلك افتراضيا بما يطلقون عليه علوم الفضاء، رغم أنها لا تمت للعلوم والنظريات العلمية بأى صلة سوى توظيف الإيحاءات النفسية بالمطلوب.
جريمة تستدعى التوقف أمامها اجتماعيا ونفسيا وقانونيا. اجتماعيا بسبب استغلال حاجة الشباب وطموحهم في أوهام. ونفسيا لما يمكن أن يحدث لهم من تحولات تصل بهم إلى حد الإجرام بدون وعى. وقانونيا لوقف مثل هذه المراكز التي تروج لهذه الخزعبلات ومعاقبة القائمين عليها بتهمة النصب والاحتيال.
الملاحظ أن تقرير الحالة النفسية الذي طلبته المحكمة أكد أنها لا تعانى من أي أمراض نفسية تجعلها تقوم بقتل ابنتها، بل وأكد التقرير أنها تتمتع بكامل قواها العقلية، وأنها كانت في كامل قواها العقلية وحالة إدراك تام وقت قتل ابنتها.
من الآخر..
اللعب بالحالة النفسية واستغلالها أمر جلل خطير.. يحتاج إلى التجريم العلمى والقانونى، وقبلهما التجريم الإنسانى.