في ظل تصاعد التوترات الجيوسياسية في أوروبا والتحذيرات المتزايدة من أجهزة الاستخبارات الغربية بشأن احتمال قيام روسيا بهجوم على إحدى دول حلف شمال الأطلسي قبل عام 2029، أعلنت فرنسا سلسلة من القرارات والخطط الدفاعية التي تُعدّ الأبرز منذ نهاية الحرب الباردة، في محاولة لتعزيز جاهزيتها العسكرية والمدنية لمواجهة أي سيناريو محتمل. وأثارت التصريحات الحادة لرئيس أركان الجيش الفرنسي، الجنرال فابيان ماندون، موجة جدل سياسي داخل البلاد بعدما دعا الفرنسيين إلى الاستعداد لتضحيات كبيرة، بما في ذلك فقدان الأبناء، في حال اندلاع صراع مباشر مع روسيا، كما طالبت الحكومة الفرنسية المواطنين بإعداد خطة طوارئ من تخزين الطعام والأدوية.
1- تخزين المواطنين للغذاء والدواء وعدة طوارئ أصدرت الحكومة الفرنسية دليلاً شاملاً للطوارئ، يدعو الأسر إلى تجهيز عدة الطوارئ لمدة ثلاثة أيام تشمل المياه، الأغذية، الأدوية، والراديو اليدوي والمصابيح. ويهدف هذا الدليل إلى رفع مستوى جاهزية المدنيين لمواجهة أي سيناريو، سواء كان حرباً أو كارثة طبيعية أو أزمة وطنية. ويؤكد هذا الإجراء أن الحكومة تعزز مفهوم الأمن الشامل الذي يدمج بين الدفاع العسكري والجاهزية المدنية.
2- إطلاق الخدمة العسكرية الطوعية للشباب أعلنت فرنسا بدء برنامج جديد للخدمة العسكرية الطوعية اعتباراً من الصيف المقبل، يستهدف الشباب بين 18 و19 عاماً، بمدة تدريب تمتد إلى عشرة أشهر. ويهدف هذا البرنامج إلى تعزيز القدرات البشرية للجيش الفرنسي عبر انتقاء المتطوعين الأكثر استعداداً للمهام العسكرية، مع توفير زي وتجهيزات وتعويض مالي. ويُعد المشروع خطوة أساسية في خطة باريس لإعادة توجيه جزء من جيل الشباب نحو خدمة الدفاع الوطني.
3- إمكانية تحويل الخدمة إلى إلزامية فى حال وقوع أزمة كبرى رغم تأكيد الرئيس إيمانويل ماكرون على أن الخدمة ستظل طوعية، إلا أنه فتح الباب أمام تحولها إلى إلزامية في حال نشوب أزمة كبرى أو حرب. وفي هذا السيناريو، يجوز للبرلمان استدعاء الشباب الذين خضعوا لتقييم مهاراتهم مسبقاً، ليصبحوا جزءاً من منظومة التعبئة الوطنية، ويؤكد هذا الموقف أن فرنسا تستعد لسيناريوهات أكثر خطورة وتتخذ إجراءات تمنح الدولة مرونة في التحرك السريع.
4- إلغاء وحدة الخدمة الوطنية الشاملة أعلن رئيس الوزراء الفرنسي عن إلغاء الوحدة المكلفة ببرنامج الخدمة الوطنية الشاملة، وذلك في إطار إعادة هيكلة منظومة التجنيد والتعبئة، ويأتي هذا القرار تمهيداً لتوجيه الموارد نحو برنامج الخدمة العسكرية الطوعية الجديد، ودمج الجهود في إطار واحد أكثر فعالية يتوافق مع متطلبات المرحلة الأمنية الراهنة التي تشهد تصاعد التهديدات.
5- خطة لرفع عدد قوات الاحتياط إلى 105 آلاف بحلول 2035 تعمل الحكومة الفرنسية على مضاعفة القدرات الاحتياطية للبلاد، من نحو 45 ألف عنصر حالياً إلى 105 آلاف بحلول عام 2035. وتُعد هذه الخطة جزءاً من رؤية طويلة الأمد لإعادة بناء جيش قادر على خوض عمليات واسعة وعالية الكثافة في حال نشوب نزاع في أوروبا. ويشمل ذلك تدريباً متقدماً وتنسيقاً أكبر بين الجيش والاحتياط، استعداداً لاحتمال مواجهة مباشرة مع روسيا.
6- اعتماد خطة تعبئة عسكرية ومدنية ضمن الاستراتيجية الدفاعية 2025 كشفت باريس في التقرير الاستراتيجي الوطني 2025 عن خطط للتعامل مع احتمال تدخل عسكري عالي الكثافة في أوروبا بين عامي 2027 و2030. وتستند هذه الاستراتيجية إلى تعزيز التصنيع الدفاعي، تطوير القدرات القتالية، وتوسيع التعاون في إطار الناتو. وترى فرنسا أن التهديد الروسي قد يصبح مباشراً خلال السنوات القادمة، ما يفرض عليها الانتقال من مرحلة التحذير إلى مرحلة الاستعداد الفعلي.