لم يكن بخاطرى يوما أن أخبر يوم مولدي بما هو آتٍ، ولم أعلم بما يخبئه لي مستقبلي، ولكن أعلنها جهرا ولسائر الأيام، أنك ستنتهى يوما ما وتصبح ذكرى في عقول البعض وآخرين سيتذكرون فقط يوم مماتي وتصبح الذكرى الأهم والأطول في الحقيقة، فإليك نصيحتين لذلك اليوم.. الأولى: تذكر دائما أنك أتيت بهذه الدنيا لمهمة ما وستعود من حيث أتيت في يومٍ ما وهذا اليوم يقترب مهما طال الزمان. الثانية: اعمل للغد كأنه اليوم، عندما يأتي يوم النهاية ويجدونك بلا حراك ويصبح العمر كله مجرد ذكريات وبصمة واضحة عند البعض سواء الأهل أو الأصدقاء. البعض سيتذكر يوم مولدك والبعض سيتذكر يوم وفاتك والبعض سيتذكر يوم زواجك ...الخ. والأهم الذي سيتذكره العالم كله حينما تكون نافعا وناجحا ومواقفك النبيلة تتحدث عنك في غيابك أكثر من وجود وهذا حال كل البشر. فكل من سبقونا نتذكر لهم الحسنات أو السيئات، ونقول: الله يرحمه له ما له وعليه ما عليه. وأحيانا يمحى من ذاكرة الإنسانية، ولكن البعض منهم ترك لنا بصمه نتذكره بها للأبد ونترحم عليه. وكأننا نقول: للجميع ولأنفسنا بالمقام الأول (منْ كان له دور واضح وفعال سيبقى له أثر مدى الأجيال )، كمثال الجندي المجهول المنتصر في المعارك يطلق عليه مجموعة ألقاب الشهيد والمنتصر وعظيم الرجال والمكافح والصالح ... الخ ومنهم من يفوز بلقب المخترع والعبقري و متحدي الإعاقة... الخ ومنهم من يقال عليه ابن الوطن البطل الهمام من رفع اسم بلده عاليا بكل ما قدم من إنجازات بكل المجالات وما أكثر أولادنا المتفوقين في مجالات الرياضة و العلم والأدب والفنون والهندسة والعمارة .... الخ. ولذلك يا يوم مولدي! لا تترك هذه الحياة حتى يكن لك بصمة وأثر وعمل يحتذى به ويشهد عليه محبينك والأبناء والأحفاد والأصدقاء والكثير من الناس .لا تكون مجرد ذكرى عابرة كمن رحلوا دون أثر .لكن هناك مثل الأبطال والشهداء والعظماء من ضحوا بالوقت والمجهود والصحة والمال، هؤلاء هم من استحقوا التكريم بحياتهم أو بعد مماتهم. تذكر يا يوم مولدي رحمة الله وكثرة إحسانه و ستره، تذكر كل من أخذ بيدك إلى بر الأمان. تذكر المخلصين الأوفياء من كانوا معك في الضراء قبل السراء. تذكر من كان لك خير مرشد وناصح على مدى الأيام . تذكر كل من أحسن إليك وتذكره بالخير إلى منتهى الأيام. وتجاهل كل إساءة وجهت لك واشكر صاحبها من له الفضل في تعليمك وثقل خبراتك بتلك الأيام. ومن عام إلى عام يا يوم مولدي قدم ما تستطيع من محبة وعطاء وبذل وتضحية لكل الناس دون محاباة ولا تفرق بين غني أو فقير ولا بين كبير أو صغير، الجميع على حد سواء، تذكر من أحسن إليك بالخير ومن منحك دروس الحياة، تذكر وأمتن من أهداك الورود و لا تتذكر من طعنك بالكلمات. دع الخلق للخالق وانتظر يوم الحساب، فالجميع أمام الله يحاسب بنوايا القلوب وخفايا العقول وما يضمره الضمير قبل الأقوال والأفعال.