انعقاد القمة العربية – الإسلامية في الدوحة جاء ليؤكد أن مرحلة الصمت أو الاكتفاء بالتنديد قد انتهت. القمة حملت رسائل قوية لإسرائيل، ورسائل أوضح للداخل العربي والإسلامي بأننا أمام اصطفاف جماعي جديد في مواجهة التهديدات الإسرائيلية التي لم تعد تقف عند حدود غزة، بل باتت تهدد معادلات السلام القائمة والاستقرار الإقليمي. أولًا: رسائل مصر الحاسمة من الدوحة الرئيس عبد الفتاح السيسي وجّه خلال كلمته ست رسائل محورية، تمثل جوهر الموقف العربي في هذه اللحظة: 1. ما تفعله إسرائيل يهدد اتفاقات السلام، وإذا استمرت في سياساتها ستكون العواقب وخيمة. 2. رسالتنا اليوم واضحة: لن نقبل بالاعتداء على سيادة دولنا أو المساس بمقدراتها. 3. لا تسمحوا بأن تذهب جهود السلام سدى، لأن الندم حينها سيكون بلا جدوى. 4. الاصطفاف صفًا واحدًا دفاعًا عن الحقوق العربية والإسلامية لم يعد خيارًا بل ضرورة. 5. إنشاء آلية عربية إسلامية تمكّن من وضع إطار حاكم للأمن الإقليمي العربي خطوة مطروحة بقوة. 6. التمسك بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة ورفض التهجير بشكل قاطع. هذه الرسائل لم تكن مجرد خطاب، بل بمثابة إنذار استراتيجي لإسرائيل بأن تجاوز الخطوط الحمراء سيقود إلى إعادة النظر في الاتفاقيات التي اعتُبرت لسنوات ركيزة الاستقرار في المنطقة. ثانيًا: موقف القمة الجماعي • القمة أكدت أن الممارسات الإسرائيلية من استيطان وحصار وتجويع ليست فقط جرائم حرب، بل محاولات لفرض واقع جديد بالتهجير والتطهير العرقي. • مسودة البيان الختامي حذرت من أن التطبيع لا يمكن أن يستمر في ظل هذه السياسات، وأن التحالف العربي – الإسلامي في القاعة كان أبلغ رد على محاولات عزل أي دولة أو ابتزازها سياسيًا. • التضامن مع قطر جاء تعبيرًا عن أن أي استهداف لدولة عربية سيُقابل بموقف جماعي رافض، ما يعكس بداية تغيير في معادلات الردع. ثالثًا: نحو إجراءات عملية القمة لم تكتفِ بالتحذيرات، بل طرحت مسارات للتحرك العملي، منها: • إمكانية اتخاذ إجراءات اقتصادية ودبلوماسية ضد إسرائيل. • تحريك ملفات قانونية دولية حول الإبادة الجماعية وجرائم الحرب. • وبالأخص، فتح النقاش حول إنشاء قوة عربية – إسلامية بقيادة مصر، وهو ما يمنح القرار بُعدًا تنفيذيًا يتجاوز التنظير. رابعًا: قراءة تحليلية يمكن القول إن قمة الدوحة مثلت رسالة ردع سياسية بامتياز: • فهي أعادت مصر إلى مركز القيادة الإقليمية. • ووضعت إسرائيل أمام معادلة جديدة: إمّا التراجع عن التصعيد أو مواجهة تهديد استراتيجي بمستقبل اتفاقيات السلام. • كما أنها رسمت ملامح مرحلة مختلفة عنوانها أن الأمن العربي لا يمكن تركه رهينة لسياسات القوة الإسرائيلية أو الابتزاز الأمريكي. خاتمة قمة الدوحة لم تكن مجرد اجتماع عابر بل منعطف سياسي يربط بين حماية الحقوق الفلسطينية وصيانة الأمن القومي العربي. وإذا كانت رسائل الرئيس السيسي قد وضعت الخطوط الحمراء فإن التحدي القادم هو في مدى قدرة الدول العربية والإسلامية على ترجمة هذه الرسائل إلى آليات تنفيذية تفرض معادلات جديدة على أرض الواقع.