دور الأب فى حياة ابنته بالنسبة لى أهم دور فى الحياة بشكل عام، لأنه هو الدور الذى يصنع، ويعلم، ويضع الثقة، ويعطى حبًا، ويشكل الشخصية التى يعيش بيها أبناؤه فى حياته وبعد مماته . قصتى مع أبى تختلف كثيرا..نظرا لأن أبى لم يعيش معى دور الأب فقط .. بل عاش معى دور الأخ نظرا لأننى أبنته الوحيدة و ليس لديه سواى و عاش معى بدور الصديق و الحبيب الذى أعطانى حب غير مشروط حب كنت أشعر به من نظرة عينه لأنه كان شخص لم يجيد التعبير عن الحب الصريح و لكنه كان يعبر عنه لاخوف و الدعم و الأفعال . أبى بالفعل صنع شخصيتى التى أعيش بها الآن التى لا تقبل إلا ما تريد لأنه كان يصنع لى ما أريد أيا كان ..حتى أطلقت عليه " سوبر هيرو " لأني حقًا ما طلبت شيئًا لم ينفذ. صداقتى مع أبى بدأت منذ نعومة أظافرى، وأنا أذهب معه إلى عمله، وأجلس مع أصدقائه، وعندما نخرج سويا بمفردنا نتناول السحلب فى مقاهي خان الخليلى وأنا فى مرحلة الابتدائى. أبى هو من صنع شغلى وحبى وشغفى للصحافة الرياضية، عندما كنت أذهب معه مدرجات استاد القاهرة والكلية الحربية وغيرها لنشاهد مباريات الزمالك ومنتخب مصر ..حتى تشكل حبى لكرة القدم، حتى أصبحت صحفية رياضية بدعمه وثقته رغم أنها ليست مهنة سهلة على بنت، ولكن هو من فرش لى الصعاب بالورود ووقف بجانبى لأننى بدأت المهنة و عمرى 21 سنة . أتذكر جيدا موقف لوالدى عندما كان عمرى فى الرابعة و العشرون و تم إختيارى للسفر مع منتخب اليد لتغطية بطولة العالم فى قطر، وأنا كنت وقتها شخصية تخشى السفر بمفردها والبعد عن أهلها ولكنه قال لى فى حالة رفضك لهذه المهمة، سأقرر عدم ذهابك للعمل مرة أخرى لأنك لم تصلين لشيء، ولم تتعلمين شيئًا جديدا، ومن وقتها أصبحت أوافق على كل تجربة جديدة وأتذكر كلامه الذى كان يدفعنى دائما للأمام . أتعامل حاليا مع فكرة فقدان أبى الذى فقدته فى عمر ال 25 على أنه معى بروحه، وفى كثير من المواقف أتحدث مع نفسى بصورته لأننى مقتنعة أن الذى رحل هو الجسد فقط ولكنه يتواجد بداخلى بكل ما تركه لى من أثر أعيش عليه وأتعامل بيه مع المواقف حتى الآن.. أفتقده كثيرا ولكنه يتواجد بداخلى طول الوقت .. رحمك الله يا من صنعت ما أنا عليه الآن، ويا من مهدت لى الطريق وآمنت بي وصنعت حلمًا كان يبدو صعبًا على شخصية كانت تبدو أيضا "فرفورة"، ولكن منحها الثقة، قرار صنع منها أنثى قوية أمام الصعاب والتحديات، وأولها كان السير فى الحياة بمبادئ وقيم وروح.