نفرتيتي.. تقول لا للباحثين عن الشهرة

خبر نشر فى وسائل الإعلام وأثار موجة من الغضب بين مجتمع الأثريين ومحبى الفنون وعاشقى الملكة الفرعونية "نفرتيتي"، يقول الخبر الذى أعلنه أحد المتخصصين فى مجال الفنون وهو هنرى ستيرلين Henri Stiertin - سويسرى الجنسية: إن رأس الملكة "نفرتيتي" الموجود بمتحف برلين هى رأس مزيفة وليست أصلية.
بالطبع لم يمر الخبر مرور الكرام، وعبر الكثيرون عن سخطهم وغضبهم لهذا الافتراء، وأنا لا أعرف الهدف الحقيقى من وراء هذا الخبر، فهل أراد هنرى ستيرلين أن يشتهر ويذاع اسمه على حساب ملكة مصر الجميلة "نفرتيتي"؟! وصاحب الخبر قصة هى أشبه بقصص الأفلام البوليسية، وقد نقل بعض الصحفيين الألمان نقلاً من كتاب هنرى ستيرلين بعنوان هل رأس نفرتيتى خديعة علم المصريات؟ وفيه يشير إلى أن عمر الرأس لا يزيد عن 100 عام، وأنها من عمل فنان استأجره عالم الآثار الألمانى لودفج بورخاردت، الذى قام بالحفائر بتل العمارنة بمصر الوسطى.. عاصمة الملك "إخناتون"، والتى أطلق عليها أخت آتون بمعنى (أفق أتون).. ويقال إن السبب فى نحت الرأس كان لاختيار الصفات القديمة، وهناك قصص حول بورخاردت نفسه تشير إلى أنه كان مولعا بتقليد الآثار، وأشيع من قبل أن رأس الملكة هى من صنعه وليست حقيقية، وقد أشارت الصحفية Kate Connolly والتى تمثل الوكالة الفرنسية أن المؤرخ الفنى الألمانى إدروجان ابريكفان نشر فى كتاب بعنوان الحلقة المفقودة فى الآثار "أن رأس" نفرتيتى تم تصميمها عن طريق فنان لتقدم كهدية لزوجة بورخاردت".
ويقال إن الأمير الروسى يوهان جورج حسب رواية كيت أعجب بهذه الرأس المزيفة لأنه كان من المولعين بالملكة "نفرتيتي"، ولذلك لم يستطع بورخاردت أن يقول للأمير إنها مزيفة، وتشير التحقيقات الصحفية التى نشرت مؤخراً إلى أن بورخاردت أخفى الرأس طيلة 11 عاماً بعيداً عن الأنظار، ولم يعلن عن وجودها إلا فى عام 1924.
أما عن الأدلة التى نشرت فى كتاب ستيرلين وتثبت من وجهة نظره أن الرأس مزيفة.. فقد أشار إلى أن التمثال يفقد العين اليسرى، ويقول أن ذلك يشير إلى أن المصريين القدماء يعتبرونه علامة للازدراء نحو الملكة الجميلة، وهنا يتضح جهل الكاتب بالفن المصرى القديم، خاصة أن الرأس عثر عليها داخل ورشة الفنان تحتمس بتل العمارنة، وهذه الرأس الجميلة تشير إلى أن الفنان صنعها بعين واحدة، وذلك لكى تستعمل عن طريق الفنانين فى رسم البروفيل الخاص للملكة فى نقوشها على جدران المقابر والمعابد وفى تحت صور العائلة الملكية على اللوحات النذرية التى تصور عائلة الملك "إخناتون" يتعبد إلى إله الشمس "أتون"؛ ولذلك لم يكن من الضرورى أن تستكمل العين الأخرى للملكة لأن المراد هو نموذج لوجه الملكة من الجانب أثناء تنفيذ المناظر.
ويقال أن الرأس تم فحصها بالأشعة بمستشفى Chante برلين وأظهرت وجود وجه آخر مخفى من الحجر الجيرى خلف ملامح الوجه الخارجى للملكة، وعارض الكاتب الألمانى أن عملية تاريخ قطعة من الحجر الجيرى مغطى بالجبس صعب جدًا.. ورغم هذه التحقيقات الصحفية المثيرة والتى نشرت فى العالم كله، إلا أننا عثرنا فى الأرشيف على الصور التى التقطت الرأس الملكة نفرتيتى بعد كشفها مباشرة، الصورة الأولى تظهر الرأس من المقدمة، وذلك قبل تنظيفها وبدون أى ألوان، وكذلك العديد من الصور الأخرى التى تظهر الرأس من الخلف والبروفيل، بالإضافة إلى وجود صورة للمكان الذى عثر فيه على التمثال وهو ورشة الفنان تحتمس، وأنا لا أعتقد أن هذه الصورة نشرت من قبل، ولكن هنا سؤال مهم جداً كيف يمكن للمتحف المصرى ببرلين أن يسمح الأطباء أشعة بتحديد عمر رأس نفرتيتي؟ هل يمكن لأحد أن يناقش هذا الإبداع الفنى الجميل أو حتى يمكن لأى فنان فى العصر الحديث أن يقلد رأس تفرتيني؟! وقد شاهدت آلاف النماذج التى تقلد الرأس، ولم أجد فنان واحد حتى الآن استطاع أن يقلد الابتسامة الرائعة الموجودة على وجه التمثال، والتى تظهر براعة الفنان المصرى القديم "تحتمس"، والتى جعلت بورخاردت وفريقه يحاول خداع المسئولين عن الآثار بعد أن شاهد جمالها وكتب يقول: فجأة وجدنا بين أيدينا أكثر القطع الفنية حيوية.. فلا يمكن وصفها بالكلمات.. يجب أن تراها، ولذلك فإن الموضوعات التى نشرت عن رأس الملكة.. هى من القصص البوليسية المثيرة والتى لا يدعمها دليل واحد.. وأعتقد أن هذه الصورة تغلق الملف الذى يقول أنها مزيفة، ولكن ملف عودتها لا يزال مفتوح حيث يوجد دليل على سرقتها.. ومازال الملف مفتوحًا....