سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أوروبا تواجه أزمة الغاز من جديد.. استنزاف الاحتياطى بسبب برودة الطقس وزيادة الاستهلاك.. تقرير: رغم حرب أوكرانيا والعقوبات الدول الأوروبية زادت من استيراد الغاز الروسى.. والتحول نحو الطاقة المتجددة أبرز الحلول
تواجه أوروبا أزمة غاز من جديد وذلك بعد أن فقدت أكثر من ثلثين الاحتياطى لديها بسبب زيادة الاستهلاك نتيجة لبرودة الطقس خلال أشهر الشتاء مع التحدى التى تواجهه لإعادة ملئ خزانتها من جديد خلال فصل الربيع مع استمرار حرب أوكرانياوروسيا، وتوقعات بارتفاع الأسعار. وأشارت صحيفة الإسبانيول فى تقرير لها إلى أن أوروبا مرت بأسوأ شتاء لها منذ سنوات وهو ما عكس ارتفاع الاستهلاك للغاز من أجل التدفئة، وذلك منذ أن فقدت أوروبا الجزء الأكبر من إمدادتها عبر الأنابيب من روسيا وهو ما أدى إلى استنزاف المخزونات بوتيرة أسرع من المعتاد، وزاد الوضع سوءا حين توقفت التدفقات المتبقية عبر أوكرانيا فى يناير، وقد أدى نقص العرض إلى بقاء أسعار الغاز الصيفية أعلى باستمرار من أسعار الشتاء المقبل، وهو ما يُلغي، بشكل أساسي، الحافز المالي لعمليات التخزين. وأشار التقرير إلى أن قواعد المفوضية الأوروبية تنص على أن تكون مواقع التخزين ممتلئة بنسبة 90% بحلول الأول من نوفمبر. لكن المقترحات الأخيرة والنقاشات الجارية بشأن إمكانية التخفيف من صرامة توقيت هذه الأهداف، قد أثارت قدراً كبيراً من عدم اليقين بشأن كيفية تطبيق هذه القواعد، ما تسبب بتقلبات في الأسعار وأبقى المتداولين في حالة ترقب. ومن ناحية أخرى ، قال تقرير صادر عن مركز أبحاث الطاقة "إمبر"، إن أوروبا زادت وارداتها من الغاز الروسي في عام 2024، مما قدم مساهمة مالية كبيرة لموسكو في سياق الحرب في أوكرانيا، حيث قدمت 21.9 مليار يورو العام الماضي، متجاوزة 18.7 مليار يورو المخصصة كمساعدات مالية لأوكرانيا. وكان الاتحاد الأوروبي، الذي تعهد بتقديم أكثر من 194 مليار دولار كمساعدات لأوكرانيا منذ بداية الحرب، قد حدد هدفًا للتخلص التدريجي من الغاز الروسي بحلول عام 2027. ومع ذلك، زادت الواردات بنسبة 18% في عام 2024، مما أثار تساؤلات حول فعالية استراتيجيته في مجال الطاقة. وأكد إمبر أن الاعتماد على الغاز الأحفوري لا يزال يشكل تحديًا لأمن الاتحاد واستقراره الاقتصادي وأهداف التحول في مجال الطاقة. وحثت المنظمة الاتحاد الأوروبي على وضع خطة ملموسة لتقليص مشترياته من الغاز الروسي وتسريع انتقاله إلى مصادر الطاقة المتجددة. انخفاض إمدادات الغاز الروسي إلى أوروبا وفي حين تشير الاتجاهات الأخيرة إلى زيادة في الواردات، فقد انخفض تدفق الغاز الروسي إلى أوروبا بشكل كبير منذ حرب أوكرانيا في فبراير 2022. وبحسب معهد أكسفورد لدراسات الطاقة، استورد الاتحاد الأوروبي 142 مليار متر مكعب من الغاز الروسي في عام 2021، بينما انخفض الرقم في عام 2024 إلى 31 مليار متر مكعب، مع توقع انخفاض إلى 16-18 مليار متر مكعب في عام 2025. ويأتي هذا الانخفاض نتيجة تعطل عدد من خطوط أنابيب الغاز الرئيسية، وتعرض خطا أنابيب نورد ستريم 1 و2 لانفجارات في سبتمبر 2022، مما أدى إلى إزالة 110 مليارات متر مكعب من الطاقة السنوية، توقف خط أنابيب يامال، الذي ينقل الغاز عبر بولندا، عن العمل في مايو 2022، وانتهى عقد العبور مع أوكرانيا في ديسمبر 2023 دون تجديد. في الوقت الحالي، خط الأنابيب الوحيد النشط الذي ينقل الغاز الروسي إلى أوروبا هو خط أنابيب ترك ستريم، الذي تبلغ طاقته القصوى 20 مليار متر مكعب سنويًا. استراتيجية سياسية أم ضرورة اقتصادية؟ ويرى إمبر أن زيادة الاستثمار في البنية التحتية لاستيراد الغاز يمكن أن تولد فائضاً قدره 131 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، وهو ما يحول الموارد عن التحول إلى الطاقة المتجددة، فى الوقت الذى يعتبر التحول للطاقة المتجددة أبرز الحلول حتى الآن. ومع ذلك، يزعم خبراء مثل جوناثان ستيرن، مدير المعهد الأوروبي للسياسات البيئية، أن الاستثمار في الغاز لا يزال ضروريا في الأمد القريب: "بينما قد تكون الاستجابة مختلفة بحلول عام 2050، فإن معظم الحكومات الأوروبية لا تزال تنظر حاليا إلى الغاز باعتباره استثمارا قابلا للتطبيق"، كما قال ستيرن. وأشار خبير الطاقة ميلتياديس أسلانوجلو إلى أن "أوروبا أرسلت رسالة واضحة إلى روسيا: نحن لسنا معتمدين عليكم"، ومع ذلك، فإن خفض تجارة الغاز إلى الصفر أمر معقد، لأن روسيا تظل جارة يجب إجراء مفاوضات معها". ويبقى السؤال الرئيسي هو ما إذا كانت أوروبا ستعطي الأولوية لأمن الطاقة على المدى القصير من خلال الغاز الروسي، أو ستختار التحول الهيكلي نحو الطاقة المتجددة لتقليل ضعفها في المستقبل؟.