بروتوكول تعاون مُشترك بين غرفتي القاهرة والعربية البرازيلية    البنك التجاري الدولي يختتم برنامج التدريب الصيفي 2025    سلوت يطالب إدارة ليفربول بإيقاف صلاح    السيارة احترقت بالكامل| مصرع 4 أشخاص وإصابة 2 في حادث تصادم مروع بالمنيا    خالد الجندي: برنامج "دولة التلاوة" أعظم هدية قُدِّمت للمجتمع المصري (فيديو)    صبغ الشعر باللون الأسود: حكم شرعي ورأي الفقهاء حول الاختضاب بالسواد    نتنياهو: لن نتخلى عن السيادة الأمنية من نهر الأردن إلى البحر    وزير الخارجية: إسرائيل عليها مسئولية بتشغيل كل المعابر الخمس التي تربطها بقطاع غزة    صحة الشيوخ تدعو خالد عبد الغفار لعرض رؤيته في البرامج الصحية    الزمالك: بنتايج أخبرنا أنه لم يشكو النادي    منافس بيراميدز المحتمل - وصول بعثة فلامنجو إلى قطر لمواجهة كروز أزول    جامعة أسيوط تُكثّف استعداداتها لانطلاق امتحانات الفصل الدراسي الأول    العلاج الحر بالدقهلية يغلق مركزا للصحة النفسية بالمنصورة    محافظة الجيزة: فتح حارة مرورية مغلقة بشارع البحر الأعظم تمهيدًا لفتح الطريق بالكامل    مدبولي: مشروع إحياء حديقتي الحيوان والأورمان يقترب من الافتتاح بعد تقدم كبير في أعمال التطوير    الداخلية تواصل ورش العمل لطلبة الجامعات حول مواجهة الشائعات ومخططات إسقاط الدول    حمدي رزق يدير حوارا ناريا حول "أسرار الحضارة المصرية" ضمن فعاليات مؤسسة زاهي حواس    مؤسستا ساويرس وعبلة للفنون تجددان شراكتهما لدعم المواهب المصرية الشابة    مى عمر: محمد سامى صاحبى والجمهور بيقف فى ضهرى لما بتحارب    استشهاد طفلة فلسطينية بنيران جيش الاحتلال في مواصي رفح    وزير الصحة يستنكر الشائعات التي انتشر حول الأمراض التنفسية الحالية    السمنة تحت مجهر صحة الشيوخ.. اللجنة تتبنى خطة لنشر الوعى حول التغذية السليمة    جمعية مرضى الكبد تنظم قافلة طبية للكشف المبكر عن أورام الكبد بأشمون الرمان    المستشار الألماني: إمكانية زيارة نتنياهو إلى بلادنا غير مطروحة حاليا    اختبار 87 متسابقًا بمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن بحضور الطاروطي.. صور    هيمنة عسكرية روسية.. الجيش الروسي يتحرك ويستهدف منشآت طاقة أوكرانية    هيئة الرقابة المالية تُلزم صناديق التأمين الحكومية بالاستثمار في الأسهم    وفاة طفلة بعد تعذيبها على يد طليقة الأب بالقليوبية    باحث يرصد 10 معلومات عن التنظيم الدولى للإخوان بعد إدراجه على قوائم الإرهاب    بعد نهاية مهلة تمديد العقد .. الأهلي ينتظر القرار الأخير من أحمد عبد القادر    الأرصاد تكشف خرائط الأمطار اليوم وتحذر من انخفاض درجات الحرارة في عدد من المحافظات    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الأحد 7-12-2025 في محافظة الأقصر    وزارة التضامن: فريق التدخل السريع تعامل مع 519 بلاغا خلال شهر    روجينا تعلن انطلاق تصوير مسلسل حد أقصى رمضان 2026 .. "بسم الله توكلنا على الله"    واحد من الناس يكشف كواليس أعمال الشريعي الموسيقي وسر خلافه مع الابنودي.. اليوم وغد    وزير الصحة يعلن اليوم الوضع الوبائى لإصابات الأمراض التنفسية .. اعرف التفاصيل    حزب العمال البريطانى يمنع المتحولات جنسيا من حضور مؤتمره النسائى فى 2026    ارتفاع الشركات الرابحة وتطوير خطوط الإنتاج.. تفاصيل اجتماع رئيس الوزراء ووزير الإنتاج الحربي    وزير الري: التحديات المائية لا يمكن التعامل معها عبر الإجراءات الأحادية    البورصة تواصل ارتفاعها بمنتصف التعاملات مدفوعة بمشتريات عربية وأجنبية    ثنائي الأهلي يدعم محمد صلاح ضد مدرب ليفربول: أسطورة كل العصور    الجزار: كأس العالم للأندية سبب تعثر انتقالي إلى الأهلي.. ووقعت للزمالك من قبل    ضبط 69 مخالفة تموينية متنوعة فى حملة مكبرة بمحافظة الفيوم    «صحح مفاهيمك».. أوقاف الوادي الجديد تنظم ندوة بالمدارس حول احترام كبار السن    السيطرة على حريق مخزن سجاد وموكيت فى أوسيم    نور الشربيني تتوج ببطولة هونج كونج للاسكواش بعد الفوز على لاعبة أمريكا    نائب رئيس الزمالك: المجلس يريد استكمال مدته    تقرير أردني: الخطيب يكلف عبد الحفيظ لبدء التفاوض مع يزن النعيمات    صحة سوهاج تتابع الانضباط وجودة الخدمات الطبية بمستشفى العسيرات المركزي    رئيس جامعة سوهاج يتحدث عن المبادرة الرئاسية "تمكين" لدعم الطلاب ذوي الهمم    الرقابة المالية تلزم شركات التأمين بسجلات تفصيلية جديدة لضبط السوق    وزير الصحة يستعرض تطوير محور التنمية البشرية ضمن السردية الوطنية للتنمية الاقتصادية    الشرع: إقامة إسرائيل منطقة عازلة تهديد للدولة السورية    قطاع الملابس والغزل يبحث مع رابطة مصنّعي الآلات الألمانية التعاون المشترك    23 ديسمبر، انطلاق المؤتمر الدولي الأول لتجارة عين شمس "الابتكار والتكنولوجيا المالية"    محمد عشوب: نتمنى تنفيذ توجيهات الرئيس نحو دراما تُعبّر عن المواطن المصري    الأحد 7 ديسمبر 2025.. استقرار عام بأسعار أعلاف الدواجن مع تفاوت طفيف بين الشركات في أسوان    دعاء الفجر| اللهم ارزقنا نجاحًا في كل أمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحوار "العربى - الأمريكى"
نشر في اليوم السابع يوم 13 - 03 - 2025

تغييرا ملموس في الخطاب الأمريكي، بدا على مسارين أولهما حديث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حول عدم إجبار سكان غزة على ترك أراضيهم، وهو ما تزامن مع انفتاحه على الاستماع لوجهة نظر القوى العربية، عبر اجتماع مبعوثه لشؤون الشرق الاوسط ستيف ويتكوف مع وزراء خارجية عدة دول بالدوحه، وعلى رأسهم الوزير بدر عبد العاطي، وهو ما يمثل انعكاسا صريحا لنجاعة الدبلوماسية العربية، في إطارها الجماعي، وقدرتها على التعاطي مع محيطها الدولي فيما يتعلق بالقضايا المؤثرة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، والتي أثبتت الأحداث الأخيرة احتفاظها بمركزيتها الاقليمية، ناهيك عن التأثير الكبير الذي باتت تحظى به القوى الاقليمية، في المنطقة العربية، على النطاق الدولي وقدرتها على التعاطي فيما يتعلق بالقضايا الدولية الكبرى.
وتغيير الخطاب الأمريكي، في عهد ترامب، يعد، في جوهره، أمرا صعب المنال، في ضوء رؤيته القائمة بالأساس على فرض إرادة البيت الأبيض على الحلفاء، وهو ما يبدو واضحا في العلاقة المتأزمة في اللحظة الراهنة مع دول أوروبا الغربية، على خلفية موقفه من الأزمة الأوكرانية، بل وقضايا أخرى، منها إصراره الشديد على ضم جزيرة جرينلاند وغيرها، وهو ما يعكس نجاحا منقطع النظير للتوافقات التي تحققت، ليس فقط على المستوى الاقليمي، وإنما تجاوزت ذلك على النطاق الدولي، وهو ما لا يقتصر في واقع الأمر على القمة العربية الطارئة التي عقدت في القاهرة الأسبوع الماضي، وإنما ترجع بالأساس إلى جهود مبكرة بدأت منذ اللحظة الأولى للعدوان على قطاع غزة في أكتوبر 2023، عبر حشد التوافقات الدولية العابرة للقارات، حول ثوابت القضية الفلسطينية، وعلى رأسها حل الدولتين، والذي يتنافى كليا مع مخططات تهجير الفلسطينيين من أراضيهم والذي يجرد دولة فلسطين المنشودة من أهم أركانها وهو الشعب، وهو ما بدأته الدولة المصرية بالدعوة إلى قمة القاهرة للسلام بعد أقل من أسبوعين، من بدء العدوان، وتنسيقها المباشر مع قوى دولية وإقليمية لتعزيز صمود الفلسطينيين على أراضيهم، وهو ما استكملته قوى عربية أخرى في إطار تكاملي وليس تنافسي، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية التي استضافت قمتين عربيتين إسلاميتين لتحقيق إجماع إقليمي على الثوابت نفسها.
الحالة التكاملية، التي تمكنت الدولة المصرية من تحقيقها مع أشقائها العرب، انعكست في الحرص على التحرك الجماعي، في إطار التعامل مع المستجدات التي شهدتها مراحل العدوان على غزة، عبر ثنائيات، سواء مع قطر فيما يتعلق بمفاوضات وقف إطلاق النار، أو الأردن في إطار رعاية أبعاد القضية سياسيا من قبل القاهرة أو تعزيز الرعاية الهاشمية للمقدسات الدينية التي تحظى بها الأردن منذ قرن من الزمان، في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية، ناهيك عما يمكننا تسميته "ثنائية القمم" التي تحققت بين مصر والسعودية على النحو سالف الذكر.
وعلى الرغم من هشاشة الوضع الاقليمي، جراء الاعتداءات الإسرائيلية التي لم تقتصر على قطاع غزة، بل امتدت إلى العديد من الدول الأخرى كلبنان وسوريا واليمن، وحتى إيران، إلا أن المنطقة أبدت قدرا غير مسبوق من الصمود في مواجهة ما أحاط بها من تهديدات تحمل بعداً وجوديا في ظل مخاوف كبيرة من اندلاع حرب إقليمية شاملة جراء التعنت الإسرائيلي، الذي دام لأكثر من 15 شهرا كاملة، هي مدة العدوان الغاشم، وهو ما يرجع فيه الفضل إلى التحول نحو نهج تكاملي على النطاق العربي، عبر التخلى عن مفهوم "الدولة القائد"، لصالح العمل الجماعي.
النهج التكاملي العربي في التعامل مع قضية العدوان حمل إرهاصات على المستوى الاقليمي الأوسع نطاقا عبر حزمة من المصالحات، ساهمت في تعزيز الحشد الدولي، خاصة وأن الصراعات التي شابت العلاقة بين القوى الفاعلة في منطقة الشرق الأوسط قوّضت أي دور للإقليم لسنوات طويلة، خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، إلا في حدود ضيقة للغاية، وهو ما يرجع في الأساس إلى الصراعات البينية من أجل المزيد من النفوذ الاقليمي والتي فتحت الباب أمام بزوغ محاور حملت أسماء رنانة بين المقاومة والاعتدال، دفعت المعسكر الاخر نحو المماطلة لتحقيق أهداف الاحتلال وتمرير انتهاكاته التي مارسها بحق الأرض والأرواح، بينما خلقت الحالة الجديدة، والتي ارستها القوى العربية، معسكرا إقليميا موحدا يعتمد نهجا تنمويا، ويعطي الأولوية للمصالح المشتركة القائمة على التعاون بين جميع أطراف المعادلة الإقليمية.
التغيير في خطاب ترامب، وإرسال مبعوثه لمناقشة الخطة العربية في الدوحة، يمثل في جوهره إرساءً لدور فاعل للدبلوماسية العربية، على المستوى الجمعي، وقدرتها على فرض أمر واقع جديد يعتمد في الأساس نهجا متوازنا بعيدا عن التبعية الكاملة للقوى المهيمنة، ليس عبر خطابات عنترية، وإنما من خلال حوار هادئ من شأنه الوصول إلى توافقات أكبر، لا ترتبط فقط بالقضية المثارة حاليا وهي مسألة إعادة الإعمار، وإنما أيضا يمكن البناء عليها خلال أي مفاوضات مستقبلية من شأنها تحقيق السلام العادل، القائم على الانتصار للحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، بإقامة دولتهم المستقلة على حدود الرابع من يونيو وعاصمتها القدس الشرقية.
تغيير الخطاب الأمريكي في واقع الأمر ليس وليد اللحظة، وإنما ثمرة جهود متواصلة، لعبت فيها الدولة المصرية دورا رئيسيا، تكمن عبقريته في استباقها للمستجدات الاقليمية والدولية، لتكون البيئة في المنطقة مهيأة للتعامل الجدي مع اي تهديد قد يطرأ عليها، وهو ما يعكس قراءة متأنية للمشهد، لتجد واشنطن أن الحوار هو السبيل الوحيد لصناعة السلام في المنطقة، وهو الهدف الذي طالما روج له الرئيس ترامب منذ حملته الانتخابية، بينما كانت الأمور مختلفة في مناطق أخرى من العالم مما ساهم في تعزيز رؤيته تجاه قضاياها.
وهنا يمكننا القول بأن الدبلوماسية العربية نجحت مرحليا في تجاوز محاولات فرض الرؤى التي تتعارض معها عبر الوصول إلى مرحلة الحوار والتي تمثل خطوة مهمة نحو توسيع دائرة التوافقات، وصولا إلى حلول نهائية من شأنها الانتصار للسلام العادل في أكبر وأقدم قضية دولية على الساحة العالمية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.