مصطفى بكري: تعديل وزاري يشمل 15 منصبًا قريبا .. وحركة المحافظين على الأبواب    خلال 24 ساعة.. إزالة 8 حالات تعدي على الأراضي الزراعية وبناء مخالف بالغربية    التنمية المحلية: انتهاء كافة الاستعدادات لانطلاق الموجة الأخيرة لإزالة التعديات    محافظ قنا: بدء استصلاح وزراعة 400 فدان جديد بفول الصويا    «القومي للمرأة» ينظم عرض أزياء لحرفة التلي.. 24 قطعة متنوعة    القوات الأوكرانية تسقط 4 طائرات مسيرة روسية في أوديسا    الأمم المتحدة: تقارير تشير لانتشار الأوبئة والأمراض بين الفلسطينيين في غزة    «التحالف الوطني» بالقليوبية يشارك في المرحلة ال6 من قوافل المساعدات لغزة    استشهاد امرأة فلسطينية إثر قصف طائرات إسرائيلية لرفح    «الجنائية الدولية» تنفي ل«الوطن» صدور مذكرة اعتقال بحق نتنياهو    كيف يعالج جوميز أزمة الظهيرين بالزمالك أمام دريمز بالكونفدرالية ؟    «ليفركوزن» عملاق أوروبي جديد يحلق من بعيد.. لقب تاريخي ورقم قياسي    مرموش يسجل في فوز آينتراخت على أوجسبورج بالدوري الألماني    عاجل.. مفاجأة في تقرير إبراهيم نور الدين لمباراة الأهلي والزمالك    البحث عن مجرم مزق جسد "أحمد" بشبرا الخيمة والنيابة تصرح بدفنه    أحمد فايق يخصص حلقات مراجعة نهائية لطلاب الثانوية العامة (فيديو)    فيديوجراف| صلاح السعدني.. وداعًا العمدة سليمان غانم    تفاصيل اللحظات الأخيرة في حياة صلاح السعدني.. مات على سريره داخل منزله    أسرع طريقة لعمل الشيبسي في المنزل.. إليك سر القرمشة    حصل على بطاقة صفراء ثانية ولم يطرد.. مارتينيز يثير الجدل في موقعه ليل    افتتاح المؤتمر الدولي الثامن للأمانة العامة للصحة النفسية وعلاج الإدمان    محافظة الجيزة: قطع المياه عن منطقة منشية البكاري 6 ساعات    وزارة الهجرة تطلق فيلم "حلقة وصل" في إطار المبادرة الرئاسية "أتكلم عربي"    الحماية المدنية تسيطر على حريق في «مقابر زفتى» ب الغربية    إخماد حريق بمخزن خردة بالبدرشين دون إصابات    ضبط لص الدراجات النارية في الفيوم    الهنود يبدءون التصويت خلال أكبر انتخابات في العالم    مطار مرسى علم الدولي يستقبل 149 رحلة تقل 13 ألف سائح من دول أوروبا    التنسيق الحضاري ينهي أعمال المرحلة الخامسة من مشروع حكاية شارع بمناطق مصر الجديدة ومدينة نصر    مهرجان كان السينمائي يكشف عن ملصق النسخة 77    50 دعاء في يوم الجمعة.. متى تكون الساعة المستجابة    دعاء يوم الجمعة قبل الغروب.. أفضل أيام الأسبوع وأكثرها خير وبركة    11 جامعة مصرية تشارك في المؤتمر العاشر للبحوث الطلابية بكلية تمريض القناة    وزيرا خارجية مصر وجنوب أفريقيا يترأسان أعمال الدورة العاشرة للجنة المشتركة للتعاون بين البلدين    وزير الصحة يتفقد المركز الإفريقي لصحة المرأة ويوجه بتنفيذ تغييرات حفاظًا على التصميم الأثري للمبنى    حماة الوطن يهنئ أهالي أسيوط ب العيد القومي للمحافظة    إسلام الكتاتني: الإخوان واجهت الدولة في ثورة يونيو بتفكير مؤسسي وليس فرديًا    محاكمة عامل يتاجر في النقد الأجنبي بعابدين.. الأحد    مؤتمر أرتيتا: لم يتحدث أحد عن تدوير اللاعبين بعد برايتون.. وسيكون لديك مشكلة إذا تريد حافز    إعادة مشروع السياحة التدريبية بالمركز الأفريقي لصحة المرأة    بالإنفوجراف.. 29 معلومة عن امتحانات الثانوية العامة 2024    "مصريين بلا حدود" تنظم حوارا مجتمعيا لمكافحة التمييز وتعزيز المساواة    العمدة أهلاوي قديم.. الخطيب يحضر جنازة الفنان صلاح السعدني (صورة)    الكنيسة الأرثوذكسية تحيي ذكرى نياحة الأنبا إيساك    نصبت الموازين ونشرت الدواوين.. خطيب المسجد الحرام: عبادة الله حق واجب    انطلاق 10 قوافل دعوية.. وعلماء الأوقاف يؤكدون: الصدق طريق الفائزين    "التعليم": مشروع رأس المال الدائم يؤهل الطلاب كرواد أعمال في المستقبل    القاهرة الإخبارية: تخبط في حكومة نتنياهو بعد الرد الإسرائيلي على إيران    خالد جلال ناعيا صلاح السعدني: حفر اسمه في تاريخ الفن المصري    الصحة الفلسطينية: الاحتلال ارتكب 4 مجازر في غزة راح ضحيتها 42 شهيدا و63 مصابا    4 أبراج ما بتعرفش الفشل في الشغل.. الحمل جريء وطموح والقوس مغامر    طريقة تحضير بخاخ الجيوب الأنفية في المنزل    استشهاد شاب فلسطيني وإصابة اثنين بالرصاص خلال عدوان الاحتلال المستمر على مخيم "نور شمس" شمال الضفة    ضبط 14799 مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    اقتصادية قناة السويس تشارك ب "مؤتمر التعاون والتبادل بين مصر والصين (تشيجيانج)"    تعرف على موعد إجازة شم النسيم 2024 وعدد الإجازات المتبقية للمدارس في إبريل ومايو    ألونسو: مواجهة ريال مدريد وبايرن ميونخ ستكون مثيرة    دعاء السفر كتابة: اللّهُمّ إِنّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ وَعْثَاءِ السّفَرِ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكارم الأخلاق.. الصبر 10
نشر في اليوم السابع يوم 30 - 09 - 2022

أما عن الأخلاق فقد ذكرت فى المقالات السابقة أنها هى المنظم الأساسى للعلاقات بين الناس، وهى أساس صلاح واستقامة المجتمع ورقيه وتقدمه والذى إن شحت به القيم و الأخلاقيات الحميدة سقط وانهار وتفشت به الجرائم و انعدمت فيه الرحمة واختفى العدل وقلت البركة والمودة بين الناس.

وكما ذكرت أيضاً أن الأخلاق ومكارمها وفضائلها لا تقتصر على ما ورد فى الكتب السماوية الثلاث ولكنها نشأت مع بدايات نشأة الإنسان وظهور العلاقات الاجتماعية بين الناس، أى أنها وُلدت على أقدم وأعرق بقعة على وجه الأرض "مصر" فجر ضمير الإنسانية ومهد الحضارة وأرض الأنبياء ومنبع الأمن والأمان والأخلاق.

أما عن القيمة الأخلاقية التى يختصها مقال اليوم ضمن سلسلة مكارم الأخلاق هى "الصبر".

فقد قال المولى عز و جل
﴿إنى جزيتهم اليوم بما صبروا﴾
لم يقل الله :
بما صلوا
أو بما صاموا
أو بما تصدقوا
بل "بما صبروا"
لأن الصبر عبادة تؤديها وأنت تنزف وجعا!!


الصبر فى المفهوم العام ببساطة هو الحبس والمنع، وهو حبس النفس عن الجزع، و قد أثبت العلم الحديث ان للصبر فوائد جمة.
الصَّبْرُ - صَبْرُ: التجلُّد وحسن الاحتمال.
الصَّبْرُ عن المحبوب: حَبْسُ النفس عنه.
الصَّبْرُ على المكروه: احتماله دون جزع.
شهر الصَّبر: شهر الصوم، لما فيه من حَبْس النفس عن الشهوات.. المعجم الوسيط[1]

فالصبر بمجمل أنواعه ومجالاته: تعبير عن قوة إرادة الإنسان، وكمال عقله، وبُعده عن التسرع والطيش والرعونة، وتعامُله مع أمور الحياة ومشكلاتها بحكمة وتحمُّل ومسؤولية.

فما أحوجنا الآن إلى هذه الفضيلة العظيمة التى إن تحلى بها المرء فاز فوزاً عظيماً فى الدنيا والآخرة .
فلم يعد هناك للأسف فى تلك الآونة معنى للصبر و لا تعريف له فى قاموس لغويات الأجيال الحالية!

فعلى سبيل المثال:
ما يمر به الوطن منذ الثورة على الفساد و الإستبداد ثم الجماعة المحتلة الخائنة و حتى الآن من تحديات و عثرات و حروب خفية و أخرى مُعلنة سياسياً واقتصادياً ودينياً و ثقافياً ، و الذى كان يستلزم الصبر ثم الصبر دون نفاذ لدى جميع المصريين لننجو به و نخرجه سالماً من بين فكى الشر ذوو الأنياب الزرقاء فى الداخل و الخارج، و لكن الكثير منا بكل أسف لا يقو على الصبر الجميل بل و يختزل الأزمة برمتها فى مسألة غلاء الأسعار، والتى أعلم جيداً مدى صعوبتها ولكنها إن دققنا النظر جيداً سنجدها أخف وأيسر مئات المرات عن غيرها من الشدائد والتى كدنا نسقط بها مرات لولا عناية الله التى لا تغفل عن مصر بحفظها كلما اشتدت الأزمات .

فهل لنا أن ننظر من حولنا نظرة تأملية أكثر عمقاً من تلك التى لا تتخطى الأقدام، لنرى هذا الكم الهائل من النعم التى ننعم بها دون أن نسعد ونشكر الله كثيراعلى هذا الَقدَر الذى منحه إيانا، إذ نجانا من الغم وأخرجنا من حلق الضيق إلى أوسع الطريق و أرسل لنا من يحمينا و يحنو علينا ويتصدى لعدونا بكل ما آتاه الله من قوة بقيادة جيش عظيم من خير أجناد الأرض ، هذا غير البناء الذى لم يتوقف يوماً منذ ولاه الله علينا و حتى يومنا هذا ليسابق الزمن ويتحدى عقارب الساعة التى لا ترحم فيقطع الوقت قبل أن يقطعه كالسيف، لنرى بأعيننا منشآت ومدنا وطرقا ومزارع لم نكن نحلم بوجودها فى هذا التوقيت القياسي، والتى كانت لتستغرق عشرات السنوات بالحسابات المعتادة ، فضلاً عن الأمن و الامان و الإطمئنان الذى كاد أن يُسرق منا بين ليلة وضحاها، لكن الله سلم.

ولكن للبعض أعين لا يرون بها، وآذان لا يسمعون بها، وعقول لا يفقهون بها، و صدور تضيق حتى بأنفاسها، ولا تعرف للصبر أية معنى أكثر من عدد حروف الكلمة!

"يا صبر... أيوب!"
إليكم أعزائى هذه القصة التى تضرب المثل الأعظم فى الصبر، وعدم اليأس من رحمة الله تعالى, تلك الفضيلة التى تظهر ساعة المحن..

فنبى الله أيوب أعطى درسا عظيما فى الصبر والاحتساب والرضا بقضاء الله تعالى، ليصفه المولى عز وجل بقوله:
" إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ "[ص:44] .

جاءت بداية الابتلاء بأن مات كل أهله إلا زوجته، وابتلى فى جسده بأنواع عدة من الأمراض، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه يذكر بهما المولى عز وجل، وهو صابر محتسب، يذكر الخالق فى ليله ونهاره وصبحه ومسائه، ثم طال مرضه وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته التى ضعف حالها وقل مالها، حتى باتت تخدم فى البيوت بالأجر؛ لتطعم زوجها المريض،
أما الزوجة الوفية فقد عاشت مع زوجها محنته طوال ثمانية عشر عامًا فكانت مثالا للمرأة البارة بزوجها الحانية عليه.
ورغم المرض الشديد والابتلاء القاسى الذى تعرض له نبى الله أيوب عليه السلام، إلا أنه كان ذا قلب راض وصابر، ولم يسخط لحظة
وبعد كل هذه المعاناة توجه أيوب إلى ربه بالدعاء، يطلب منه كشف ما به من بلاء
" أَنِّى مَسَّنِى الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " [الأنبياء:83] و " أَنِّى مَسَّنِى الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ " [ص:41] .
واستجاب الله دعاءه، وكشف عنه بلاءه، و رد عليه عافيته وصحته و ضعفى المال الذى فقده، وضعفى ما كان عنده من الأولاد .
فانظر أيها اليائس وتفكر هل أصابك من الضر مثل ما أصاب أيوب عليه السلام ؟ هل فقدت جميع أولادك وبناتك؟ هل فقدت كل مالك؟ هل فقدت صحتك وعافيتك؟ هل تنكر كل الناس لك؟ هل لبثت فى الابتلاء سنين وراء سنين صابرًا محتسبا مثل أيوب عليه السلام؟

وقد أمر الله تعالى الأنبياء والمرسلين بالصبر ، وخصَّ بالأمر سيدَ المرسلين عليه الصلاة والسلام، فقال له:
﴿ فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [الأحقاف: 35]،
وقال: ﴿ فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ﴾ [القلم: 48]،
وقال: ﴿ وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ﴾ [المدثر: 7]،
بل أمره بالصبر الجميل، فقال: ﴿ فَاصْبِرْ صَبْرًا جَمِيلًا ﴾ [المعارج: 5]، وهو الصبر الذى لا يَصحَبه جزَعٌ ولا شكوى.

وأمر المؤمنين بالصبر والمصابرة، فقال تعالى:
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]،
والمصابرة: بمعنى المغالبة التى تستلزم من المؤمن الثباتَ على منهج الصبر.

قال تعالى: "وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" [البقرة: 155].

قال تعالى: ﴿ إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ ﴾ [هود: 11]، ،

وقال: ﴿ وَلَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الصَّابِرُونَ ﴾ [القصص: 80]


و خير ختام لمقال اليوم عن فضيلة الصبر كلمات النبى الكريم صلوات الله و سلامه عليه :/
عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا مات ولد العبد، قال الله لملائكته: قبضتُم ولد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: قبضتُم ثمرة فؤاده؟ فيقولون: نعم، فيقول: ماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك واسترجَع، فيقول الله: ابنوا لعبدى بيتًا فى الجنة وسَموه بيت الحمد))

و عن محمود بن لبيد رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((إذا أحب الله قومًا ابتلاهم، فمن صبَر فله الصبر، ومَن جزِع فله الجزع))

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال: سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول:
((إن الله قال: إذا ابتَليتُ عبدى بحبيبتيه فصبَر، عوَّضتُه منهما الجنة))، يقصد عينيه

وعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
((يقول الله تعالى: ما لعبدى المؤمن عندى جزاء إذا قبَضت صفيَّه من أهل الدنيا، ثم احتسَبه - إلا الجنة)).

وإلى لقاء مع فضيلة أخلاقية جديدة من مكارم الأخلاق.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.