ضحايا الحروب التى مرت بها مصر عبر القرون لا يساوى ضحاياها من الحوادث على الطرق السريعة المتزايدة كل يوم عن الذى قبله، بسبب الطرق غير المطابقة ولا يوجد بها مواصفات الأمان المطلوبة أو رعونة السائقين واستهتارهم، أو المشاة الذين لم يجدوا مفراً من عبور طريق مزدحم بالسيارات لعدم وجود نفق أو كوبرى مشاة فى هذه المنطقة. تعد مصر من أكثر دول العالم فى معدلات الحوادث وضحاياها، ومع تعديل قانون المرور لأكثر من مرة، ثم وضع قانون آخر منذ عدة سنوات أكثر صرامة وشدة، من حبس وغرامة، ولكن كالعادة المهم هو تحصيل الغرامات وليس توعية الناس (لتصبح وزارة البترول) أقصد (إدارة المرور) التابعة لوزارة الداخلية من أغنى الإدارات فى مصر، وقد تتساوى مع الضرائب ومع أموال التأمينات قريباً، ومع ذلك مازالت الطرق كما هى شديدة السوء، ومازال من أولويات رجال المرور لم الغرامات وتوبيخ السائقين. فمنذ زمن قريب كان خبراء المرور يتهمون المقطورات النقل بأنها السبب الرئيسى لحوادث الطرق السريعة ونجحوا بالفعل فى إصدار قانون يمنع بسيرها وترخيصها. ولكن عندما أضرب ملاك وسائقو هذه السيارات عن العمل أدى بالطبع إلى ارتفاع أسعار السلع نتيجة زيادة تكلفة النقل، لأن الوسيلة التى تحمل أكثر من 80% من تجارة مصر الداخلية هى هذه السيارات، ولم نفكر فى البديل من قطارات البضاعة أو استخدام النيل والصنادل فى هذا. بعد هذا الإضراب تراجعت الداخلية عن تنفيذ قانون منع المقطورات وأمهلتهم سنتين أخريين، ويبدو أن السنتين ستبقى سنين، وستظل الأمور كما هى دون أن تتغير. ونأتى لمافيا الميكروباصات هذه الوسيلة التى يستخدمها أكثر المصريين، نظراً لسوء حالة وسائل النقل العامة، اللهم إلا حديثاً الأتوبيسات الحمراء الجديدة، ولكن كالعادة يتفنن السائق والكمسرى فى جعل الأتوبيس علبة سردين، والسير بسرعة السلحفاة والوقوف كل متر لأحد، ليستغرق الكثير من الوقت فى الرحلة الواحدة، وهذا تضاد الميكروباص الطائر الذى يتخطى البشر والسيارات وكل شىء فى طريقه، ويقف فى الإماكن الممنوعة دون أن يبالى بعقاب، وبين هذا وذاك يضيع المواطن ويصبح هو الضحية، سواء كان داخل وسيلة للمواصلات، أو وهو يسير على قدميه أو حتى صاحب المركبة الذى يفقد مركبته نتيجة طريق غير جيد أو رعونة الآخرين أو سلوكيات سيئة، وربما يفقد نفسه مع مركبته، لتصبح عناصر الطريق المصرى، من طرق ومركبات وسلوك أفراد سمك - لبن - تمر هندى.