القاعدة الجنائية التى يتبعها رجال البحث الجنائى لتحديد هوية الجانى فى أى جريمة هو إجابة سؤالين: ما الهدف من الجريمة؟ ومن المستفيد منها؟ بالنسبة إلى الهدف من الجريمة، فهو ينحصر فى أحد الأهداف الآتية: أن يقوم به مسلم متعصب بدافع الكراهية للمسيحيين ورغبة فى الانتقام منهم، وهذا الاحتمال مستبعد، لأن المسلمين لا يعانون من أى عدوان من المسيحيين، ولكنهم هم _ المسيحيون _ الذين يعانون ظلم الحكومة وعدوانها. أن يقوم به مسيحى متعصب ممن يعملون على تصعيد دعوى اضطهاد المسيحيين فى مصر، وفى هذه الحالة سيوجه إصبع الاتهام إلى فريق المسيحيين المتعصبين المرتبطين بأقباط المهجر، وفى التاريخ سوابق مماثلة كثيرة حين قتلت عصابات الهاجاناة العديد من اليهود لإلصاق تهمة قتلهم بالعرب حتى تجتذب اليهود المحايدين إلى المعركة، إلا أن هذا مستبعد أيضاً على مسيحيى مصر، الذين ليس فى طبيعتهم ولا ديانتهم هذه الصورة من العنف، الذى يتسم بالكراهية الشديدة. أن يكون الهدف هو زعزعة استقرار وأمن مصر بشق الصف الوطنى وزرع بذور الفتنة والاقتتال بين المسلمين والمسيحيين، وأكبر المستفيدين من هذا الاحتمال هو إسرائيل، مثلما حدث ويحدث فى العراق ولبنان، وبنفس التكتيك الذى استخدمته فى العراق ولبنان.. مسجد للسنة هنا وحسينية للشيعة هناك، مسئول سنى هنا وصحفى شيعى هناك. إن الموساد بعد أن ولغ فى دم الشعب العراقى واللبنانى حتى شبع بحراسة القوات الأمريكية، قد حول عملياته الآن إلى الهدف الأكبر وهو مصر، فى العراق كانت العقيدتان السائدتان هما السنة والشيعة وكان هذا هو المدخل، أما فى مصر، فالعقيدتان السائدتان هما الإسلام والمسيحية فليعمل على إشعال الاقتتال بينهما، وهذا سيكون هو المدخل. وحيث إنى أرى استراتيجية الموساد بوضوح، فإنى أتوقع عملاً جباناً مماثلاً ضد المسلمين فى المستقبل القريب. أما المسارعة باتهام القاعدة بالجريمة، فهذا استسهال وهروب من المسئولية، فالقاعدة لن تستفيد شيئاً من هذا الانفجار، وكما قال شيخ الأزهر "ما حدث مع الأقباط سوف يحدث مع المسلمين حتماً"، وهذا يؤكد ما ذهبت إليه. إن استراتيجية القاعدة من واقع تاريخها هو توجيه عملياتها ضد قوى الاستعمار وفى بعض الأحيان الحكومات الموالية له، لكن ليس من استراتيجياته العمل على زرع الفتنة والاقتتال الداخلى، ليس ترفعاً عنه ولكنه تبديد لمجهودها ولا يحقق أهدافها. ومن المتوقع أن يسارع بعض المسيحيين المتعصبين فى مصر أو فى المهجر - وهم معروفون بالاسم - بالهجوم على الإسلام وكل من يلتزم به أو يدعو إليه أو الهجوم على الحكومة واتهامها بالإهمال وإلقاء اللوم عليها، فهذا أيضاً غير صحيح، فحكومتنا تهمل فى أى شىء إلاّ الأمن، وسوف يكون هذا خطأً وعدواناً - على غير الجانى - لا مبرر له، وسكباً للزيت فوق النار وإيقاظاً للمتعصبين من المسلمين، أرجو أن يترفع عنه الإخوة المسيحيون والمسلمون، تفويتاً على هدف الموساد من التفجير، وحفاظاً على أمن الوطن الغالى واستقراره.