من القواعد الأساسية لصلاح المجتمع المدنى، وتهيئته لمستقبل أكثر إشراقاً.. يقود شعلته أجيال غرست فى وجدانهم مبادئ الأخلاق والقيم، وثقافة العطاء والانضباط هو المعلم! نعم .. إنه المعلم الذى تبني علي سواعده لبنة المستقبل وتغرس علي يديه جذور الأصالة والصلاح. فصلاح المجتمع يبدأ بمن يغرس فى أطفالنا المبادئ والأخلاقيات منذ نعومة أظافرهم فى مراحل التعليم الأساسية وخاصة الابتدائية، والتى هى أهم وأخطر المراحل التعليمية، لأنك تغرس ما تشاء فى تربة خصبة لم يفسدها الآخرون، فكل ما تغرسه الآن يبقي فى وجدان المتلقى كالنقش علي الصخر لا يمحي بتوالى السنين. وقد أدرك العالم كله وخاصة فى الغرب أهمية مهنة "المعلم"، فكانت من الأهمية بأنها جعلوها تعادل مهنة وزير، وأعطته تلك المجتمعات جانبا كبيرا من الاهتمام والتقدير، فذللت له العقبات، ومهدت له سبل العيش الكريم، ولم تبخل عليه فى معاشه ومتطلباته، حتي يكون متفرغاً لإعطاء أفضل ما عنده لتلاميذه دون أن يعكر صفو حياته هم وفكر وحاجات تشغله عن الواجب المنوط للقيام به. ولكن حال المعلم فى مجتمعنا يشعرنا بالحزن بسبب ما وصل إليه، من إهمال المؤسسات الحكومية لدوره العظيم، وتراكم مسئوليات الحياة، فأصبح مثقلاً بالهموم والأفكار فى سعيه لتوفير متطلبات أسرته المختلفة، والبحث عن بدائل توفر له دخلاً يغطى احتياجاته، والتى لا يكفى ذلك المرتب لها، مما سبب ضغوطاً عليه انعكس سلباً علي عطائه العلمى، فأصبحت المهنة تحتوى علي من لا تتوفر فيهم صفات المعلم الناجح، وتغيرت غايات مهنة التعليم من الرقى والتحصيل العلمى إلي التحصيل المادى، فكانت المهنة عند الكثيرين مجرد وسيلة لتحصيل المال، وهذا كله يؤثر سلباً فى عدم تلقى التلاميذ المعلومة الشافية والكافية. فلابد أن تدرك الدولة جيداً الدور الهام الذى يلعبه المعلم فى المجتمع، وأن تذلل له العقبات، وتزيح عن كاهله الأحمال حتي يعطى أفضل ماعنده، ولا يضطر إلي البحث عن بدائل إضافية تساعد علي تحسين وضعه إلى جانب مهنته، فتؤثر علي عطائه وقدراته. ولابد للدولة أن تشعر المعلم بأهميته، وتعزز ثقته فى ذاته بأن تتخذ بعض الإجراءات التى تساعد علي تحسين نظرة المجتمع له، وإعطاء الهيبة علي شخصيته، وفرض احترام الجميع له بأن تضفى الدولة ذلك بسلسلة من الإجراءات التى من شأنها أن تعيد للمعلم هيبته وقدرته ونظرة المجتمع له. فإن المعلم لا يقل أهمية عن رجل الشرطة الذى يفرض النظام فى مجتمعه، لأنه بكل بساطة.. هو من يغرس النظام والمبادئ فى المجتمع .. ويكفى أنه كاد أن يكون رسولاً !!