ضرب داعش بالطائرات. وتؤكد هذه الحوادث الجسام مدى الصدق الذى انطوى عليه حديث الرئيس السيسى الفريق فى حينه حين تحدث إليه خيرت الشاطر، فى حضور سعد الكتاتنى، رؤوس الأفاعى فى تلك الجماعة، مهدداً إياه بأن كلاب جهنم سيأتوننا من كل حدب وصوب، ليغرقوا مصر فى بحور من الدماء. بعدها خرج السيسى ليعلن رده على الشاطر وزمرته: "يتحكمونا، يتقتلونا". فى تلك الأيام خرج المرجفون ليقولوا لنا بأن الانقلاب يبرر انقلابه، ويسوغ ما فعل للشعب المصرى. ثم تأتى الأحداث تترى، لتبرهن لكل ذى عينين، صدق الرجل بصفته وشخصه، ودموية وتدميرية وتخريبية الفكر الإخوانى، وأن بدائلنا المتاحة لديهم: إما أن يحكموننا بفاشيتهم، وساديتهم، وأمراضهم النفسية، أو يقتلوننا. وقد وضعونا بجرائمهم، وظهورنا إلى الحائط، وأدخلونا راغمين فى أتون معركة وجود، إما نحن وإما هم. والقيادة المصرية تدرك ذلك منذ البداية، حين طلب السيسى تفويضاً بمواجهة العنف والإرهاب المحتمل، وقد يتعمد البعض خلط الأوراق حين يعمد إلى إرجاع الأحداث التى تمر بها مصر إلى ما يطلقون عليه "الانقلاب"، باعتبار أن الانقلاب سبب، والإرهاب نتيجة. وهو منطق معكوس يدل على قصور فى التسبيب، وفساد فى الاستدلال؛ لأن الإجرام ليس وليد اللحظة، وإنما هو استعداد وتهيئة، وتكوين وتربية، ولا ينتظر سوى التفلت من العقال، حين تنفتح قماقم الشر، ويُؤْمَر الزبانية كلاب جهنم انسياقاً للسمع والطاعة بالإفساد فى الأرض. ومخطئ من ظن، أن استمرارهم فى الحكم، كان كفيلاً بتهذيب وحشيتهم، أو الحد من إجرامهم، أو ترويض أمراضهم، أو التخفيف من غلظة أكبادهم، أو غلواء أفكارهم، أو إشباع ساديتهم، فقد كانت هذه الأمراض مطعمة بالسلطة ستزداد حدة وضراوة واستشراءً، وقد قدموا بجرائمهم وإرهابهم نموذج التعامل مع من يختلف معهم. فالشعب قد اختلف معهم، وانقلب على حكمهم، وها هو يتلقى جزاء اختلافه ورفضه لهم ليل نهار. وذبح المصريون فى ليبيا ما هو إلا حلقة فى سلسلة الإرهاب المدعومة من قوى دولية، ستعقبها حلقات، وقد سبقتها حلقات، وما داعش، وبيت المقدس، وغيرهما من المسميات، سوى أوجه متعددة لعملة واحدة، تغترف من معين واحد. هذه الجماعات بأمراضها، وهوس السلطة التى أطاحت سكرتها بعقولهم، جعلتهم يرتضون، إعطاء الدنية فى دينهم، إن كان لهم دين، وأن يكونوا مطايا لغيرهم، من قوى الشر فى العالم، التى تسعى لتفتيت الدول، وبعثرتها، والعبث بمحتوياتها، والذهاب بها إلى الجحيم. ولعل ذبح المصريين فى ليبيا يمثل صفعة لأولئك المتوهمون الذين وقع فى روعهم، جهلاً، أو انخداعاً، أن مذابح المصريين داخل الحدود، إنما يقوم بها نظام الانقلاب فى زعمهم لتبرير الانقلاب، والبطش بالجماعة، وضرب المشروع الإسلامى، وهنا أقول لهم: ما رأيكم لا أدام الله فضلكم ؟. هل أدركتم الآن من القاتل ؟. لقد وقع الذبح هذه المرة خارج الحدود. قد يقول البعض بأن من ظهر فى الفيديو هم عناصر أجنبية مختارة، تابعة لأجهزة استخباراتية، جاءت إلى الساحة لتصفية الحسابات مع من أفشل المخطط. وقد يكون هذا صحيحاً، فالأجسام أجسام البغال، والأطوال المتقاربة، والزى الموحد، واللغة التى تحدث بها أحدهم، والترجمة المصاحبة، وارتداء الساعة فى اليد اليسرى، بخلاف الإخراج والتصوير الفائق الجودة، كل ذلك قد ينهض قرينة على تورط عناصر أجنبية مختارة، إلا أنه وبفرض صحة ذلك، فلابد أن نعى أن هذه العناصر قد جاءت إلى المنطقة راكبة هذه المطايا، التى لا عقل لها. هذه المطايا قد وفرت الغطاء الشرعى، والتخريجات الشرعية لهؤلاء القتلة، وأمام الذبح والدم المسفوح يصبح الكل سواء. ولا علاج لهذه الظاهرة سوى بالاستئصال لهذه العناصر المتعطشة للدماء، لتكن مصر وهذا قدرها رأس الحربة فى صدر هذا القاتل، ولتحفر فى أرضها قبوراً للخوارج الجدد، وتصبح حائط الصد فى مواجهة المشروع الاستعمارى الجديد.