سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
روح "لوثر كينج" تعود لأمريكا بعد عقود من اغتياله.. والسود يشكون وطأة العنصرية.. دراسة أمريكية: العلاقات العرقية ازدادت سوءًا منذ انتخاب أوباما.. ومركز "بيو": اتساع فجوة الدخول بين البيض والسود
نقلا عن اليومى.. فى الخامس عشر من يناير مرت ذكرى مولد مارتن لوثر كينج، مؤسس حركة الحقوق المدنية بالولاياتالمتحدة، التى كانت تهدف إلى منح الأمريكيين من أصل أفريقى حقوقا مساوية للبيض فى الوقت الذى كانت فيه الولاياتالمتحدة تعانى من العنصرية والتمييز الشديد ضد السود. العنصرية لا تزال تسود المجتمع الأمريكى فى الذكرى ال86 لمولد لوثر كينج ولم يكن مارتن لوثر كينج ناشطا عاديا، بل يعتبر واحدا من أهم الشخصيات التى ناضلت فى سبيل الحرية وحقوق الإنسان، وحصل بفضل جهوده على جائزة نوبل للسلام، بل كان أصغر من حصل عليها حتى هذا الوقت فى عام 1964، لدعوته السلمية، وهو صاحب العبارة الشهير «لدى حلم»، والتى أصبحت شعارا للمظلومين وأصحاب الحقوق فى العالم فيما بعد. لكن بعد عقود من هذه الحركة الرائدة التى أسسها مارتن لوثر كينج لا تزال العنصرية تسود المجتمع الأمريكى، بل عادت إلى الواجهة كواحدة من المشكلات التى تهدد هذا المجتمع الذى طالما افتخر بقدرته على تقبل الآخر. حادث فيرجسون يكشف أحد أبرز مشكلات المجتمع الأمريكى وأبرز دليل على ذلك مجموعة من الحوادث العنصرية التى شهدتها أمريكا فى الآونة الأخيرة، أبرزها حادث مقتل الشاب الأسود الأعزل مايكل براون على يد رجل شرطة أبيض فى مدينة فيرجسون، وهو الحادث الذى أثار موجة من الاحتجاجات غير المسبوقة بعدما رفضت هيئة المحلفين اتهام الضابط.نفس الأمر تكرر فى حادث مقتل رجل أسود آخر على يد الشرطة، بعد أن توفى مختنقا أثناء محاولة إلقاء القبض عليه لبيعه السجائر دون ترخيص.. وتحولت الجملة التى لفظ بها قبيل وفاته «لا أستطيع أن أتنفس» إلى شعار فى المظاهرات التى تكررت فى عدة مدن أمريكية أبرزها نيويوركوواشنطن. أوضاع السود ازدادت سوءا منذ انتخاب أوباما وبحسب دراسة أجريت بالشراكة بين جامعة مونماوث وقناة الجزيرة أمريكا، فإن قرابة نصف الأمريكيين يعتقدون أن العلاقات العرقية فى الولاياتالمتحدة ازدادت سوءا منذ انتخاب الرئيس باراك أوباما، حيث قال %15 ففقط من المشاركين فى الاستطلاع إن العلاقات تحسنت فى ظل إدارة أول رئيس أسود للبلاد. ورأت %40 من الأجوبة غياب أى تغيير فى وضع العلاقات العرقية فيما قال %43 إن الأمور ازدادت سوءا. وبحسب الاستطلاع الأمريكى الذى أجرى مطلع 2015، فإن المشاركين من البيض كانوا أكثر ميلا لوصف العلاقات بأنها أصبحت أكثر سوءا، بينما انقسم الأمريكيون من أصل أفريقى بالتساوى بشأن القضية.لكن كان الأمريكيون من أصل لاتينى أكثر ميلا للقول إن الأمور ازدادت سوءا منذ انتخاب أوباما. و يرى أغلبية البيض، الذين شكلوا قرابة نصف عدد المستطلعين، جنبا إلى جنب مع مواطنيهم من أصول أفريقية ولاتينية، أن التمييز العنصرى والعرقى «مشكلة كبيرة». وطالما هيمنت العنصرية والعرقية على السياسات الأمريكية وعناوين الأخبار، منذ تولى أوباما منصبه فى البيت الأبيض عام 2009. 2014 عام من الظلم والعنف وحتى قبيل تولى أوباما منصبه، حيث ألقت أزمة سوق الرهن العقارى والانهيار الاقتصادى فى الولاياتالمتحدة عام 2008، بظلال قوية على ثروات الأمريكيين الأفارقة.لكن كان عام 2014 نقطة فارقة فى مظالم السود داخل الولاياتالمتحدة، فلقد كان مقتل إريك جارنر، وهو أب لستة أطفال يبلغ 43 عاما، ف على يد الشرطى جاستن داميكو الذى قام بطرحه أرضا بينما كان يحاول مقاومة الشرطة التى ذهبت للقبض عليه بسبب بيعه سجائر غير خاضعة للضريبة، ثم من بعده فى ال6 من أغسطس مصرع الشاب الأسود مايكل براون برصاص شرطى اتهمه بمحاولة سرقة، سببا كافيا لإشعال غضب السود فى البلاد، خاصة أن الضحيتين كانا أعزلين ولم يسببا أى خطر على من حولهم. وفى شريط مصور للحادثة الأولى التى وقعت فى 17 يوليو الماضى يظهر رجل الشرطة يضغط على رقبة جارنر، الذى اشتكى أكثر من مرة أنه لا يستطيع التنفس قبل أن يغيب عن الوعى ويلفظ أنفاسه. وطالما ردد المحتجون فى تظاهراتهم خلال النصف الثانى من عام 2014، آخر كلمات جارنر «لقد انتهى اليوم» «لا أستطيع التنفس». لكن الأمر لا يتوقف عند عنف الشرطة، فالعرقية داخل البلد، المدعى الأكبر للديمقراطية والحريات وحقوق الإنسان فى العالم، فثمة أدلة أخرى فى 2014 على عدم المساواة فى الدخل وهى مشكلة متنامية داخل الولاياتالمتحدة، وفقا لمركز بيو للأبحاث، الذى يظهر فى بحث حديث أن متوسط ثروة العائلات البيضاء يزيد 13 مرة عن مواطنيهم من العائلات السوداء. الأوضاع لم تتغير من 1968 ويقول وليام دارتى، أستاذ السياسة العامة بجامعة دوك فى نورث كالورينا، فى تصريحات لقناة الجزيرة أمريكا، «من ينظر إلى الوضع الاقتصاد النسبى يجد أننا لم نحقق تقدما كبيرا يذكر منذ 1964»، وهو العام الذى حصل فيه كينج على جائزة نوبل للسلام، ثم تم اغتياله بعدها بعامين. ويضيف أن المدارس تزداد انقساما على صعيد العرق والطبقة الاجتماعية، حيث يعيش طلاب أكثر من %50 من المدارس العامة فى فقر لأول مرة من 50 عاما. وتقول ليبيرو ديلا بيانا، المسئولة فى تحالف من أجل مجتمع عادل، وهى شبكة وطنية تضم منظمات خاصة بالعدالة الاقتصادية والعرقية، إن مقتل مايكل براون يمثل أزمة أعمق فى الولاياتالمتحدة تتعلق بالشرطة والسجون والعدالة الجنائية، فأكثر ما أثار غضب السود وجدد احتجاجاتهم هو قرارات هيئات المحلفين بعدم توجيه اتهامات لرجال الشرطة فى قضيتى جارنر وبراون. وقال كيلى بونجى، 50 عاما، من جورجيا، والذى كان بين مئات الأشخاص ممن احتفلوا بذكرى لوثر كينج: «يجب أن نتذكر جميعا هذا اليوم لأننا ما زلنا لا نتمتع بالحرية الكاملة»، وتحدث الرجل الأسود فى تصريحات لوكالة رويترز، عن مظالم السود مما يتعلق بحقوق التصويت والمعاملة التمييزية من الشرطة ضدهم. ويكافح الرئيس أوباما لدفع إصلاحات شاملة لقوانين الهجرة عبرة الكونجرس، حتى وإن سجلت إدارته رقما قياسيا جديدا لعدد من عمليات الترحيل التى أجريت فى عهده. وأصدر الرئيس الأمريكى، العام الماضى، مرسوما تنفيذيا يسمح بتسوية الوضعية القانونية لخمسة ملايين مهاجر غير شرعى أنجبوا أطفالا على الأراضى الأمريكية، وحمايتهم من الترحيل وحصولهم على تصريح إقامة لمدة ثلاث سنوات.وهو القرار الذى أثار رفض وانتقاد الجمهوريين الذين اتهموه بمحاولة تعزيز إرثه السياسى من خلال كسب الأقليات. رجال شرطة فلوريدا يستخدمون صور السود كأهداف أثناء تدريبات إطلاق النار وكشفت صحيفة التليجراف البريطانية مؤخرا أن رجال شرطة ولاية فلوريدا يستخدمون صورا للسود المشتبه بهم كأهداف أثناء تدريبات إطلاق النيران، وهو ما أثار حالة من الجدل لما يتضمنه من عنصرية تفسر نفس الأخطاء الأخيرة لقوات الشرطة فى قتلهم لعدد من المواطنين السود، حسبما قالت الصحيفة. وقد كشفت الأمر الشرطية «فاليرى دينت» التى اتجهت إلى مركز تدريب إطلاق النار من أجل تقييمها السنوى لتفاجأ بصورة شقيقها «وودى دينت» ضمن صور المشتبه فيهم التى تستخدم لإطلاق النار عليها من قبل أفراد الشرطة.وكان «وودى دينت» قد دخل السجن فى عام 2000 لتورطه فى بيع المخدرات فى سنوات مراهقته ليخرج منه فى عام 2004، وقد استخدمت شرطة «فلوريدا» صورة «دينت» بعد إلقاء القبض عليه قبل 15 سنة. وقالت «دينت» إنها تعرفت على صورة شقيقها من ضمن الصور قبل أن تبدأ فى التدريبات، ووجدت أن هناك رصاصة مخترقة لجبهته وإحدى عينيه مما أصابها بصدمة لتنخرط بعدها فى البكاء وتتقدم بشكوى ضد هذا الإجراء الذى يحمل عنصرية ظاهرة. وقد اعتذر رئيس إدارة الشرطة فى فلوريدا «سكوت دينيس» عن أسلوب تدريب القوات، نافيا أن يكون الأمر حاملا لأى عنصرية، مبررا ذلك بوجود العديد من أبناء الأقليات ضمن القوة التى تتدرب، وأهمية وضع صورة لوجه إنسان لتحديد الأهداف بدقة.وقال «دينيس» إنه تم إصدار أوامر بعدم استخدام صور لأى من المشتبه فيهم فى المستقبل، مبديا اعتذاره عن التصرف الذى ترك انطباعًا خاطئًا لدى البعض. كذلك شهد العقد الماضى قضايا مماثلة تكشف العنصرية المتجسدة فى الشرطة الأمريكية التى يفترض بها احترام القانون وتنفيذه وليس خرقه.منها حادث تعرض المواطن الأسود رودنى جلين كينج للضرب المبرح على يد الشرطة فى مدينة لوس أنجلوس. وقتل المواطن شون بيل على يد الشرطة فى نيويورك التى أطلقت النيران عليه قبل زفافه عام 2006. استبعاد «الملونين» من ترشيحات الأوسكار وعلى ما يبدو أن العنصرية لم تقتصر على الشرطة فقط، بل أصبحت تجد موطئ قدم لها فى السينما وصناعة الأفلام الأمريكية.. فقد أثارت ترشيحات هذا العام لجوائز الأوسكار موجة من الانتقادات العارمة بعد استبعاد غير البيض أو من يطلق عليهم «الملونين» من الترشيحات لأهم الجوائز.فقالت صحيفة «ذى أتلانتك» إن جميع الترشيحات لأفضل تمثل سواء دور أول أو ثان للرجال والسيدات ذهبت للبيض فقط فى أول واقعة من نوعها منذ عام 1995. بينما تحدثت صحيفة واشنطن بوست عن تجاهل أكاديمية علوم وفنون الرسوم المتحركة الأمريكية للمبدعين السود هذا العام، ليس فقط فى فئة التمثيل، بل أيضا فى الإخراج مثل أفا ديفيرتاى، مخرجة فيلم «سيلما» التى كانت فى حال ترشيحها، ستكون أول امرأة سوداء تترشح لجائزة الأوسكار عن فئة الإخراج. واعتبرت الصحيفة أن الترشيحات هذا العام تميزت بغياب التعددية، بينما وصفت شبكة «إن بى سى» جوائز الأوسكار بأنها ستأخذ طابع «الذهب الأبيض» فى إشارة إلى أن جميع الفائزين سيكونون من البيض. فيلم «Selma» ونضال لوثر كينج وتناولت صحيفة واشنطن بوست الأمر من خلال فيلم «Selma» الذى يتناول نضال لوثر كينج، وهو الفيلم الذى أنتجته المذيعة الشهيرة أوبرا وينفرى ونجم هوليود براد بيت، وحظى باهتمام خاص من الرئيس باراك أوباما الذى أقام عرضا خاصا له فى البيت الأبيض. فقالت الصحيفة إن الفيلم يعيدنا إلى واحدة من أكثر الأحداث إثارة وأهمية فى القرن الماضى، وهى المسيرة التى ساعدت على تمرير قانون حقوق التصويت عام 1965، ليعطى هذا الامتياز ملايين من الناس الذين كات يفترض أن يحصلوا عليه قبل قرن من هذا الوقت. ورغم الانتقادات التى وجهت للفيلم لأنه نسب الرئيس ليندون جونسون بعض الإجراءات التى لا يوجد دليل تاريخى عليها، إلا أن الفيلم سيظل يشاهد لسنوات قادمة على الشاشات والهواتف والأجهزة التى سيتم ابتكارها باعتبارها قصة ملهمة للقائد الأمريكى العظيم القس مارتن لوثر كينج.