لعلَّ الدافع الأول وراء كتابة هذا المقال ما شاهدته بعينى.. رجل قد بلغ من العمر أرذله، يلتحف السماء ويفترش الأرض - فى هذه الأجواء - فلما اقتربت منه بكى حتى أجهشت بالبكاء.. فما رفعت عينى عنه حتى رأيت أطفاله قد شحبت أجسامهم وتغيرت ألوانهم.. وتمزقت ثيابهم.. حفاة الأقدام عراة الأذرع.. فزرفت الدموع منى دون وعى، عندما رأيت زوجته تلملم قطع الخبز المتناثرة على الطريق، وقد ملأته القمامة حتى غطت رائحتها على رائحة المكان. لم يكن هذا المشهد إلّا واحدًا من مشاهد البؤس، والفقر، والتردى، والحرمان، التى يعيشها البعض من أفراد المجتمع المصرى، وتزداد دهشتنا عندما نعلم تلك الحقيقية القائلة: إن معدلات الفقر تصل إلى أكثر من 40 % منها حوالى 26% يعيشون تحت خط الفقر، وبالتبعية فهؤلاء محرومون من أبسط الحقوق، بلْ إنهم يفتقدون السعادة التى ينبغى أن تكون متوافرة لديهم، وبتعبير آخر يعيشون على هامش الحياة، وانشغل تفكيرهم وهمهم فى شراء رغيف خبز دون غموس، وتوفير قطعة قماش تستر عوراتهم فى هذا البرد القارس، ولأن الدولة لم تقدم لهم الرعاية المطلوبة، بات أكثرهم يمتهن التسول، وذهب آخرون فى طريق الانحراف طريق اللاعودة، ليس هذا فحسب فهناك أكثر من 4% يعيشون فقرًا مدقعًا، وهذه النسبة دون مبالغة فى اطراد، ففى الوقت الذى تُصالح فيه الدولة الفاسدين، تضغط على هؤلاء لدرجة أن أصواتهم لم تعد ذات قيمة، فسئموا الحياة برمتها!! الغريب يا سيادة الرئيس؛ أنَّ هناك من يتشدقون ويتاجرون بهؤلاء، بكل الطرق الممكنة فى وسائل الإعلام المختلفة، ليبدو فى نظر البعض المدافعون عنهم، والأمَرْ من ذلك هناك من يجمع تبرعات باسمهم ولا نعلم أى شىء عن هذه الأموال، ولا أين تذهب وقد غابت الشفافية، ويظل الفقراء فقراء.. ويزداد الأغنياء غنى، ولا يخالجنا شك إذا توقفنا عند المقولة التى تنعت الفقراء بأنهم: قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة، ساعتها تكتسح كل من يقف أمامها مهما كان حجمه. أنت يا سيادة الرئيس أمل فقراء مصر.. فرحوا عندما أصبحت رئيسًا لهم، يدعون لك بالتوفيق والسداد، لا تنساهم فى زحمة الأمور، فما أجمل عبارتك المقتبسة: "بهم ترزقون وبهم تنصرون" وددنا لو تُرجمت هذه الكلمات على أرض الواقع، حتى تَخِف المعاناة عنهم، ويشعرون بالدفء المفقود، فليساعدك الله على أن تنال هؤلاء برعايتك، ضمن القافلة المحملة بالهموم.