قال يوسف بن علوى الوزير المسئول عن الشئون الخارجية فى سلطنة عمان، من أهمية التهديدات الإيرانية بين الحين والآخر والمتعلقة بإغلاق مضيق هرمز، معتبرا إياه مضيقا دوليا وفقا لقانون البحار وعلق عن ذلك بأنها تصريحات تنم عن خلافات بين الدول، ولكنها لا تعكس سياسة إيران بالتوجه الفعلى أو العملى نحو إغلاق المضيق لأنه لم يصدر عن حكومة طهران بيان واحد تقول فيه إنها قررت إغلاق مضيق هرمز. وذكر بن علوى، فى حوار تنشره وكالة الأنباء الألمانية "د.ب.أ" اليوم الأحد بالتنسيق والتعاون مع جريدة الوطن القطرية، أن الجميع يعلمون بأن إيران غير قادرة على إغلاق المضيق. وقال "طالما أن هذا المضيق دولى فمسئوليته دولية، ولكن الشىء الجديد فى هذا والذى لا يعرفه أحد أن ممرات الفصل المائى بالنسبة للدخول والخروج من الخليج، تقع فى الجانب العمانى، بسبب أن البحر فيه عميق، بينما فى الجانب الإيرانى، فالمياه ليست مجرد ضحلة، ولكن ليست عميقة صالحة للملاحة البحرية، ولكن شمال المضيق بحوالى 50 ميلا هناك فصل آخر بين السفن ولا يقع فى المياه الإيرانية، إذا حماية هذا هى دولية، بمعنى أنه لن يسمح العالم بأن تغلق هذه المضايق فهذا أمر حيوى ومحسوم، ولكن فى ظل الأزمات، والخلافات، تصدر تصريحات إيرانية تقول لوأنهم حاصرونا، فسوف نغلق المضيق". وتابع الوزير "نحن نعلم أنهم لن يستطيعوا إغلاقه، لأنه من الطبيعى ألا تستطيع إيران أن تفعل ذلك، فتضع ألغاما لتضر نفسها، وتنقطع عن العالم ولو فعلت هذا فلن يصل لهم ولا حتى كيس أرز، وبالتالى فلا منطق فى هذا، ونحن كحكومات، ودول، لابد أن يكون عندنا منطق، ولا يمكن أن نأخذ عن الناس التى تقلب عنا الحقائق، فهذا أولا، ثم ثانيا فى الحرب العراقية - الإيرانية، عندما هددت إيران باعتراض السفن الكويتية، أتذكرون ماذا حدث؟!.. لقد رفعت السفن الكويتية العلم الأمريكى مع أنهم كانوا قبل ذلك يرفعون الأعلام الروسية، ولكنهم فى مرحلة لاحقة، قرروا أن يرفعوا الأمريكية، ومن ثم فإن هذه الملاحة، وطالما عليها أعلام دول كبرى هى مسئولة عن هذا الشىء". وذكرت جريدة الوطن أن الوزير العمانى صرح تعليقا على ما نشرته مجلة "ديفينس نيوز" الأمريكية أن سلطنة عمان تقوم بوساطة بين الإماراتوإيران عبر محادثات سرية لإيجاد تسوية للجزر الثلاثة المحتلة، قائلا: "نحن مشكلتنا أننا ننظر إلى ما يأتى من أمريكا ونعتبره مقدسا، وأنه صحيح، بينما هذه "كذبة فى كذبة"، لأن إيرانوالإمارات دولتان متجاورتان، وبينهما من الاتصالات ما يكفى، وهما لا يحتاجان للوساطة، لأنك حينما تتوسط بين ناس، تكون العلاقات مقطوعة، ولا يعرف شىء، فتقوم بتوصيل المفهوم الصحيح.. وبالتالى فهى كذبة، وإن كانت صدرت فى الأصل من الخليج". وفى الإطار ذاته لم ينف بن علوى الدور الذى قام به الجانب العمانى فى خصوص الاتفاق النووى الجديد الذى يمهد فى المستقبل لحصول إيران على تكنولوجيا أمريكية، ولعب دور الوساطة بين واشنطنوطهران، قائلا "نحن لا ننكر أننا قمنا بدور، كما قام آخرون بذلك، ولكن للخصوصية بيننا وبين الطرفين، ربما كان الدور الذى قمنا به أكثر تأثيرا، وإن كان الأصل أن كلا من إيرانوالولاياتالمتحدةالأمريكية، يريدون الوصول إلى حل، يعنى أن يصلوا إلى مخرج من هذه الأزمة، وما قاله الرئيس أوباما فى خطابه الأخير داخل الكونجرس، كان واضحا، أنهم كانوا يريدون الوصول إلى حل على قاعدة "لاضرر ولا ضرار"، لأنه لو وقع شىء بعيدا عن هذا الاتفاق فكان سينتج عنه ضرر وضرار. وأوضح بن علوى "ينبغى ألا يكون لدى أحد إحساس بأن دورنا كان فيه مساندة لطرف على الآخر، فهذا لم يكن، ولكنها كانت الإرادة للقيادتين فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وإيران، أنهم يسعون للخروج من هذه الأزمة، والتى يكون البديل عن الوصول إلى اتفاق فيها، بمثابة الكارثة، مما يعنى أنها لم تكن خيارا للإيرانيين، ولا حتى للأمريكان، ومن هذا المنطلق، كانت السلطنة حريصة على توصيل هذا المفهوم للطرفين، وأن يكون التوافق بين الطرفين تحكمه قاعدة لا ضرر ولا ضرار". وعلى جانب آخر تطرق يوسف بن علوى إلى قمة مجلس التعاون الأخيرة التى عقدت فى الكويت والضجة التى سبقتها وأعقبتها، وقال "قمة الكويت كانت موفقة وناجحة بكل المعانى والمقاييس، وأنتجت قرارات سوف تتم دراستها وتحويلها إلى واقع جديد، يحقق مصالح وتطلعات المواطنين فى دول مجلس التعاون الخليجى، ومن أهمها الربط المائى، وهو من أهم الموضوعات التى ستتحقق، ولكنه سيخضع لدراسات، حتى يكون مشروعا يحقق الاكتفاء الذاتى، وأنتم تعلمون أنه لا حياة بلا ماء.. "وجعلنا من الماء كل شىء حى"، وفيما يتعلق بمياه الخليج، بالفعل هناك كثير منها، ولكن فيها شيء من التلوث، ونحن حينما نتكلم عن منظومة محطات التحلية باستخدام التقنية النووية، فسوف تستخدم فى ذلك أعلى أنواع التقنية فى عمليات تحويل مياه البحر إلى مياه صالحة". وأضاف بن علوى "فيما يخص مسألة التقنيات فى هذا الجانب فإنه لن تكون هناك محطة تحلية على الطاقة النووية إلا وهى تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية فهذا أمر حتمى، فلا تملك حتى القوى العظمى نفسها، أمريكا، أو روسيا، أو بريطانيا، أن تنشئ أى محطة دون أن يكون هناك إشراف من الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما توجد هناك تقنيات الأمان فيها عال جدا، إلى درجة يستطيع أن يجزم الإنسان من خلالها أنه لن يحدث شىء، من باب التقنية والحماية، ولكن الخطأ وارد، ولكن إذا حدث فسيكون كارثة، ومن هذا المنطلق، فإن دول الخليج، لا تريد أن تترك هذا الأمر إلى الخطأ البسيط، الذى قد يكون نادرا، ولكنه إذا حصل فهو كارثة". وفى رده عن السؤال المتعلق بوجود أزمة سياسية أو إعلامية بين عمان والسعودية على خلفية دور السلطنة فى ترتيب الاتفاق النووى، قال "هذا الكلام ليس حقيقة، ونحن نعلم أن الإخوان فى الرياض، فى إطار الخلافات التى بينهم وبين طهران، عندهم بعض التحفظات، ونحن نقدر ذلك، وهم كما نعلم حريصون على الاستقرار فى منطقة الخليج.. ليس بالضرورة أن يكون هناك تطابق فى سياستنا داخل مجلس التعاون، ونحن نؤمن إيمانا راسخا بوجوب تحقيق الاستقرار، وليس أكثر، لأن أى شىء عكس تحقيق ذلك الاستقرار، فكلنا فى الخليج سوف نخسر ونحن حريصون ومتمسكون بأنه ينبغى لمجلس التعاون الخليجى أن يتطور، ويستجيب لحقائق الأمور، ولكن فى نفس الوقت أحيانا نقول إن هناك ظروفا موضوعية جدا فى كل دولة، ولذلك أدخل فى كثير منها ما نعتبره القوانين الاسترشادية، وهذا الموضوع كنا نقترحه فى مجلس التعاون ونحن فى سلطنة عمان أكثر الناس رغبة فى تقوية مجلس التعاون ومجمل القول إننا مستمرون فى دعم وتقوية مجلسنا التعاونى بكل الوسائل". وعن حقيقة أن الشاحنات العمانية تتعرض للتعطيل فى بعض المراكز الحدودية الأمر الذى يعرض منتجاتها إلى التلف بما يتعارض مع مفهوم التعاون الخليجى الحقيقى، ذكر: "هذا ليس صحيحا، ويمثل تجنياً، وكما نعلم جميعا، فإننا وغيرنا نواجه تحديات أمنية، وينبغى أن تكون الأولوية فيها للاحتراز الأمنى، وفى هذا الإطار تحدث بعض الحالات تنفيذا للإجراءات الأمنية المتبعة، ولكن فى الغالب يتم حلها بالاتصال المباشر بين الوزراء، والجهات المختصة، وبالتالى فنحن ليست لدينا شكوى، أوامتعاض فى هذا الشأن، بل نتفهم الأمر، وهذه الإجراءات ليست معمولا بها فى دول الخليج الشقيقة ، بل حتى نحن، قد نقوم بالتدقيق الأمنى لبعض الشاحنات، وهذا الأمر لا يمكن المساومة عليه، أو التضحية به تحت مبررات المصالح التجارية. وحول موقف سلطنة عمان من طرح فكرة توسيع دائرة دول مجلس التعاون الخليجى، بانضمام كل من الأردن والمغرب قال بن علوى "المسألة ليست فيما إذا كنا من المؤيدين أم المعارضين، بل المسألة تكمن فى الضرورات الحتمية التى تقتضى هكذا، وفى هذا الصدد نوضح بأنه لا ينبغى أن نكون بديلا عن الجامعة العربية، فهى بيت العرب، والمظلة التى ينبغى أن نقوم دائما بدعمها، وألا نسعى إلى خلخلة هذا الكيان، على الرغم من كل المساوئ التى فيه، ولكن ينبغى أن نطور هذا البيت العربى، ونعطيه من الإمكانيات التى تمكنه من أن يتطور، ولكن هناك اتفاقاً بأن بعض الدول العربية ينبغى أن يكون لها، ميزة مع مجلس التعاون لخصوصيات ولأهمية معينة، والأردن، والمغرب، فى ذلك الوقت، كانا بحاجة لمثل هذا الدعم، فى ظل ما اثير حول الربيع العربى، والمخاوف، والحراك فى كل مكان، ليس فقط فى صالح دول مجلس التعاون العربى، وإنما فى صالح المجموعة العربية، فكانت هذه الدول من الدول التى تحتاج إلى معاملة ذات طبيعة خاصة لكى تستطيع ترتيب نفسها بطريقة سلمية، وهذا ما حصل". وعن السر وراء عدم اعلان سلطنة عمان لأى موقف واضح مما يجرى على الساحة المصرية أجاب بالقول "لماذا نقحم أنفسنا فى أمور الآخرين، ولماذا يكون لنا رأى فيما يريده الآخرين لأنفسهم، وبصراحة هذه هى مشكلة العرب، فلا ينبغى لنا أن نلغى شخصية المصريين، ونكون حكام أو قضاة فيما يكون بينهم، فنحن يا أخى ما نتعامل مع أفراد، سواء كانوا فى الحكم أو خرجوا منه، بل نحن نتعامل مع بلد، وهم لهم الخيار، أن يقرروا ما يريدون، وعلينا إذا طلبوا شيئا نساعدهم كأشقاء فى مصر أوسوريا، وغيرها، المهم ألا ننصب أنفسنا قضاة، على هذا وذاك، وما ينبغى أن يكون لنا هذا، ولا يجوز لأحد أن ينصب نفسه قاضيا على الآخر؟". وعلى صعيد آخر، اعتبر يوسف بن علوى أن القمم العربية صارت بروتوكولية أكثر منها مؤتمرات عمل وقال "هذا الخطأ ليس من القادة ولكنه خطؤنا نحن وزراء الخارجية، والأمانة العامة للجامعة العربية، بمعنى أننا غير منظمين، وبالتالى تنعقد القمم، وتصدر عنها القرارات، ولكنها لا يتم تنفيذها، لغياب التنظيم، ويكفى أن لدينا من مشاريع القرارات التى كانت حاضرة على أجندة كل القمم، منذ الستينيات من القرن الماضى، ومازالت حتى الآن لم تنفذ، ولم تر النور، ومنها القرارات المتعلقة بالقضية الفلسطينية، التى تصدر قرارا وراء قرار، والمحصلة النهائية لا شىء، وكأن المسألة بروتوكولية". وفيما يتعلق بالاستضافة القطرية للقمة العربية بدلا عن سلطنة عمان التى اعتذرت، قال "لقد كانت قطر متحمسة وعندها مشاريع كبيرة والشيخ حمد كان متحمسا لإحداث نقلة فى الجامعة العربية والدفع بالأمور نحو الأفضل، ونأمل أن تتم مراجعة أداء الجامعة وتفعيله، بعد عواصف "الربيع العربى" التى حدثت، وحرصا على ترسيخ مفهوم العمل العربى المشترك، لا ينبغى أن نستمر بهذا الأسلوب، ولكن لابد أن تكون هناك روح جديدة، ولننظر إلى مستقبل العالم العربى، حتى نعرف هل نحن مجرد مجموعة دول فحسب، أم هناك تعديلات جوهرية لابد وأن تكون فى أدائنا، وفى محيطنا العربى، ويبدو أن جزءاً من المشكلة الحقيقية تكمن فى التمويل، حيث إن ميزانية الجامعة العربية لا تزيد على 60 مليوناً، ربما كان هذا الرقم مناسبا فى الماضى، أما الآن فهذه الموازنة أظن أنها لا تكفى سوى لصرف مرتبات الموظفين".