ليس خافيا على أحد أن فى ليبيا الجارة والشقيقة تيارا قويا لجماعة الإخوان المسلمين، هذا التيار حزين على خلع إخوانهم فى مصر من السلطة بعد ثورة 30 يونيو التى أطاحت بحكم مرسى، كما لا يخفى على أحد أن عددا من المنتمين للتنظيم الدولى للجماعة الإرهابية يحاولون العبث بأمن كل من البلدين، وإحداث الفتن بينهما، ولن تكون واقعة اختطاف أعضاء البعثة الدبلوماسية المصرية بطرابلس الأخيرة فى المحاولات المشبوهة التى تقوم بها هذه الجماعة وامتداداتها بالخارج، فهم لا يعرفون للدولة قيمة ولا للمؤسسات احتراما.. يتعاملون دوما بلغة الغابة. شىء لا يصدقه عقل أن تقوم جماعة باختطاف دبلوماسيين أو إداريين مصريين لإجبار القاهرة على إطلاق سراح شخص مشتبه فى انتمائه لتنظيم القاعدة وتورطه فى بعض الأحداث التى شهدتها مصر مؤخرا.. والأغرب أن تساند الخارجية والحكومة الليبية مطالب هذه الجماعة التى اختطفت المصريين وتطالب القاهرة بإطلاق سراح شعبان هدية الملقب بأبو عبيدة، الرئيس السابق لغرفة ثوار ليبيا.. من حق ليبيا أن تعرف أسباب الاعتقال وظروف التحقيق معه، لكن ليس من حقها أن تصدر بيانات تدين من خلالها الاعتقال وتعطى الشرعية لخاطفى الموظفين المصريين. نعم استغل أنصار الجماعة الإرهابية فى ليبيا واقعة اعتقال أبو عبيدة للتسخين السياسى والإعلامى ضد مصر، وإرسال تهديدات متواصلة ضد المصريين، لكن يجب ألا نخضع لهذه التهديدات، وعلينا أن نلزم الحكومة الليبية بالعمل على إطلاق سراح موظفى البعثة المصرية، لانه حتى وإن كانت الميليشيات المسلحة هى صاحبة القوة فى ليبيا فهذا لا يعنينا فى شىء، لأننا لا نتعامل مع ميليشيات وإنما مع دولة. كان الله فى عون الخارجية المصرية التى تقف حاليا موقفا لا تحسد عليه، فهى مطالبة بالتعامل والتفاوض مع ميليشيات أقوى من الحكومة، كما أنها تخشى فى نفس الوقت على أرواح المصريين الستة المختطفين، وهناك ضغوط داخلية لتصعيد الموقف ضد الجارة ليبيا.. كلها ضغوط وقعت فجأة على عاتق مسؤولى الدبلوماسية المصرية، وعليها أن تحسن التصرف البعيد عن الانفعال.