منذ سنوات قليلة هبت رياح الربيع العربى، والذى ظهر وكأنه مفعم بأريج الحرية والتغيير. وفى الحقيقة لقد استنشقنا نحن الشعوب المطحونة هذا العبير الرائع من عبق الثورات العربية وانتظرنا ما ستؤدى اليه نتائج هذا النجاح المبهر فى إسقاط الأنظمة العربية والتى كانت تتهم من شعوبها بالفساد والطغيان والاستبداد واحتقار السلطة فبذلت الشعوب كل ما هو غال ونفيس من دماء الشباب وإرادة الأبناء والمثابرة والصبر حتى نهاية المشوار ليتحقق المراد فى القضاء على الأنظمة العربية.. ولكن فجأة وبدون مقدمات تظهر لنا أيدى خفية تتلاعب بالأمور فى البلاد لتذهب الأحداث لمحنى آخر. فبعد توحد جميع الطوائف فى مشاهد متشابهه فى ميادين وساحات البلدان العربية صاحبة الثورات إلا أنهم تفرقوا وتصارعوا بطريقة سريعة لم نكن نتوقعها أو ننتظرها وهنا تأتى الفتن الطائفية الخامدة لتدلى بدلوها فى تغيير الأحداث مرة أخرى وتجعلنا نتعاطف مع الأنظمة البائدة رغم فسادها بحثا عن الأمن والأمان لا الحرية والتغيير بسبب تحريك هذه الفتن الخامدة بين جميع الطوائف والعشائر فى بلادنا الثائرة. ففى السودان تفرق الجنوب المسيحى عن الشمال المسلم، ولم يهنأ الجنوب بانفصاله حتى الآن، وباتت الأحداث تعود للخلف فى العراق لنجد تمرد إقليم الأنبار السنى ونرى الأكراد يلمحون بأنه من الأفضل تقسيم العراق لعدة أقاليم وفى اليمن انشقاق الحوثيين عن الزيديين لتتوالى الأحداث والصراعات وفى ليبيا تظهر الفتنة بصورة قبائلية وعشائرية ليتردد محاولة استقلال إقليم برقه وفى سوريا حدث، ولا حرج عن المثال الواضح للفتنة الطائفية والصراح الدامى المدمر للأرواح والمرافق بين الجيش الحر الدخيل والظاهر بشكل مسلمين سنة والجيش النظامى التابع للنظام الفاسد لنراه مصبوغا بصبغة شيعية لتختلط الأوراق وتتوه العقول حتى أصحبنا لا نعرف الفرق بين الثورة والنظام والخطأ والصواب لذلك فالتقسيم الحادث الآن سيكون بصورة رسمية لا محالة أما فى مصر المحمية والمحروسة على مر التاريخ فلها رب يحميها وجيش يحرسها ويكشف المستور بها رغم ما بها من صراعات إسلامية حزبية سياسية متداخلة والقادم لها أفضل لا شك.. ومن هنا نلاحظ أن أهم الحلول لكى نشعر بقيمة التغيير والحرية هو توحيد الصف وإخماد جميع الفتن الطائفية من خلال الضرب بيد من حديد لكل من يساهم فى إشعال الفتن سواء من الخارج أو الداخل لتنفيذ أجندات معينة بالتمويل أو بالاشتراك لتحقيق أهداف خاصة ضد مصلحة البلاد والعباد.