لم يكن عام 2013 السينمائى مزعجا للدرجة التى جعلت بعض التقارير الصحفية تصفه بأنه الأسوأ فى تاريخ السينما المصرية، بل أظن أنه يحمل من الإيحابيات ما يجعله مقدمة صحيحة لسينما قادمة ننتظرها.. وسوف أستعرض فى عجالة سلبيات وإيجابيات هذا العام، وأترك لكم تقدير هذا الأمر. أول الظواهر التى يراها البعض سلبية هى الانخفاض فى عدد الأفلام، وفى حصيلة الإيرادات، ولكن الأرقام - التى لا تكذب - تؤكد أن هذا ليس صحيحا.. فمثلا هناك انخفاض واضح فى عدد الأفلام خلال السنوات الأربع الأخيرة «أى قبل ثورة 25 يناير»، لأسباب أهمها أن السينما لم تعد تجدد نفسها، وأن الدراما التليفزيونية جذبت معظم النجوم، حيث تحقق لهم أجورا تزيد على السينما مرتين أو ثلاثا، ونرجع للأرقام فى عامى 2008، 2009 كان عدد الأفلام 47 فيلما ثم 39 فيلما.. وفجأة انخفض فى 2010 إلى 29 فيلما - 2011 «26 فيلما» - 2012 «31 فيلما»، و2013 «27 فيلما».. والمعنى أن هذه الظاهرة ممتدة منذ خمس سنوات، وليست وليدة هذا العام. وبنفس المنطق أو القياس فإن الإيرادات كان يجب أن تنخفض، وذكاء المنتجين جعلهم يتجهون للأفلام الأقل تكلفة والأكثر استهلاكية لتعويض هذا النقص، وبالتالى فإن الإيرادات نقصت، لكن أرباحهم زادت !! ونجحت صالات العرض فى التغلب على هذا النقص بعرض مزيد من الأفلام الأمريكية، التى كانت فى الماضى تحقق أكثر من %20 من إجمالى الإيرادات، وزادت هذا العام لتصل إلى %45 من الإيرادات، أى أن صالات العرض أيضا لم تخسر، ولكنها لم تحقق ما تريد من أرباح تتفق وزيادة افتتاح مزيد من صالات العرض الفاخرة !! عرض عام 2013 27 فيلما كان أولها «على جثتى» لأحمد حلمى، وآخرها «فيلا 69» لآيتن أمين، ومن بين هذه الأفلام فيلم تسجيلى واحد عرض بصالات العرض هو «عن يهود مصر» إخراج أمير رمسيس وحقق حوالى نصف مليون جنيه. بعد 6 سنوات من اعتلاء قمة الإيرادات تراجع أحمد حلمى، حيث لم يحقق فيلم «على جثتى» سوى 15 مليونا من الجنيهات، بينما جاء فى المركز الأول «قلب الأسد» للمنتج أحمد السبكى ب17 مليونا من الجنيهات، ومن الصعب أن ننسب هذه الإيرادات لمحمد رمضان، أو اعتباره نجم الشباك، لأن توليفة الفيلم الاستهلاكية سبكية %100، وجاء فى المركز الثالث فيلم محمد سعد «تتح» ب13 مليونا من الجنيهات، وحققت ثلاثة أفلام إيرادات متقاربة تدور حول 9 ملايين، وهى: «الحفلة» لأحمد عز، و«سمير أبوالنيل» لأحمد مكى، و«عش البلبل» لسعد الصغير.. وقد بلغ الإيراد الإجمالى حوالى 115 مليونا من الجنيهات، بنقص حوالى 70 مليونا عن العام الماضى، ولكن التكلفة الإنتاجية لأفلام العام نقصت بنفس المبلغ تقريبا، حيث لم يظهر أى إنتاج ضخم أو مميز.. ولكن الثابت أن أحمد حلمى أزيح من القمة لحساب السبكى !! أما المفاجأة الحقيقية والإيجابية فهى مولد 10 مخرجين جدد لأول مرة، ويرتفع هذا الرقم إلى 13 مخرجا إذا التزمنا بتقليد متبع يعتبر العمل الأول والثانى يعنى أن مخرجه جديد.. ولما كان عدد المخرجين الذين قدموا أفلاما هذا العام 24 مخرجا، فإن أكثر من نصف المخرجين جدد، وهذا لم يحدث فى تاريخ السينما كثيرا. والغريب ورغم قلة الأفلام فإن 3 مخرجين هم: أكرم فريد وحسام الجوهرى وإسماعيل فاروق، قدم كل منهم فيلمين. لكن لماذا لم تظهر بصمات هؤلاء المخرجين العشرة أو الثلاثة عشر على سينما 2013، والإجابة هى أن أكثر من نصف هؤلاء المخرجين جاءوا من التليفزيون، بعد أن أخرجوا مسلسلات، وبالتالى فإن همهم وأدواتهم لم تكن سينمائية تماما، وخرجت أفلامهم أقل من التقليدية بحكم التجربة الأولى وهم: محمد بكير، وحسنى صالح، وأحمد شاهين، ووائل عبدالقادر، ومحمد شاكر خضير.. أما المخرجون الذين يمثلون إضافة فعلا وننتظر أعمالهم القادمة، ويملكون روحا وبصمة سينمائية حقيقية فهم: نادين خان، وماجى مرجان، وآيتن أمين، وهذه خطوة هائلة لتواجد المخرجة المرأة ولم تحدث من قبل، ويمكن أن نضيف إليهن: هالة لطفى «الخروج للنهار» الذى لم يعرض هذا العام. هذه بعض ملامح سينما 2013، وأظنها سينما استثنائية إيجابية، وتمثل مقدمة لسينما مختلفة تولد من جديد بظهور عدد من المواهب الحقيقية، ولكن للأسف مازالت أصوات السينما الاستهلاكية هى الأعلى والأكثر صخبا، ولا تجعلنا نرى الثمين والمهم فى سينما 2013.