رغم تحذيرات "التعليم" من إقحام التوجهات الحزبية فى المدارس.. الخلافات السياسية تنتقل من "الميدان" إلى "الامتحان".. أسئلة الامتحانات أظهرت انتماءات واضعيها.. والطلاب ضحايا سجال المعلمين السياسى

بينما يحاول الطلاب النأى بأنفسهم عن الخلافات السياسية التى تهيمن على الميادين، للتركيز فى موسم الامتحانات، فإن هذه الخلافات تلاحقهم داخل أوراق الأسئلة، وهى الظاهرة الجديدة التى تشهدها مصر بعد ثورة 25 يناير 2011.
ورغم أن وزارة التربية والتعليم حرصت على تجاوز هذه الظاهرة عبر توجيه تحذير شديد اللهجة إلى مديريات التعليم بالنأى بأسئلة الامتحانات عن السياسة، إلا أن ذلك لم يحد من انتشارها هذا العام، وعكست الأسئلة بشكل واضح الانتماءات السياسية لواضعيها فى الكثير من الحالات التى أثارت جدلاً داخل المجتمع المصرى.
وشهدت محافظة كفر الشيخ السؤال الأكثر إثارة للجدل فى امتحان اللغة الإنجليزية لطلاب الصف الثانى الثانوى الصناعى، وفيه عمد واضع الأسئلة إلى تخيّل حوار بين الرئيس السابق حسنى مبارك، وزوجته سوزان، وبين الرئيس الحالى محمد مرسى.
وبحسب صور الامتحان الذى تناقلته مواقع الإنترنت وصفحات مواقع التواصل الاجتماعى، يطلب مبارك خلال الحوار المتخيل من مرسى العفو عنه، بينما يطلب منه الأخير إعادة الأموال العامة، فترد زوجة مبارك، سوزان ثابت، على مرسى بالقول إنها ستحتفظ بالمال بينما يمكنه هو الاحتفاظ بمبارك.
ويبدو فى هذا السؤال الساخر، الانتماء السياسى المؤيد للرئيس محمد مرسى، وهو ما ظهر نقيضه بسؤال فى التربية الفنية للصف الثانى الإعدادى بإحدى مدارس مدينة الواسطى شمال محافظة بنى سويف جنوب البلاد.
السؤال الذى وضعته مدرسة التربية الفنية كان يطلب من الطلاب رسم علم مصر بطول 20 سم، وكتابة عبارة "يسقط النظام" داخله.
وأحدث السؤال ضجة كبيرة بين الطلاب الذين رفضوا الإجابة عن السؤال، حيث تعد محافظات الجنوب الأكثر تأييدا للرئيس مرسى.
ويأتى الرد على امتحان التربية الفنية ببنى سويف فى امتحان اللغة العربية بمدرسة الزرقا الإعدادية بنات، التابعة لمحافظة دمياط، حيث أظهر واضع الأسئلة تأييدا للرئيس محمد مرسى فى سؤال "النحو".
وجاء فى القطعة: "حفظ الله مرسى وأعانه على الذين يريدون الدمار لمصر من أجل تحقيق مصالح ذاتية، وهم يدّعون أنهم يعملون لمصلحة الوطن، ولكنهم سيغرقون فى بحر التاريخ وتغوص أجسادهم فى أعماق البحار، عاشت مصر بأبنائها المخلصين حرة تشيّد وتعمّر، وليذهب هؤلاء الخونة إلى الجحيم، ولن تسقط هيبة الدولة لأن مصر بلد الحضارة والتاريخ، ونقول لهم إذا نطق السفيه فلا تجبه فخير من إجابته السكوت".
وبلهجة أكثر صراحة وتعبيرا عن التوجه السياسى المؤيد للرئيس مرسى، كان سؤال "النحو" فى مادة اللغة العربية لطلاب السنة الثانية الإعدادية بمدرسة "أبيس" بمحافظة الإسكندرية، حيث وصف واضع الأسئلة جبهة الإنقاذ الوطنى المعارضة فى "قطعة النحو" ب"قطيع من اللصوص".
وجاء فيها: "لقد خرج علينا قطيع من اللصوص ممن تجرعوا مرارة الهزيمة والفشل زاعمين أنهم جبهة الإنقاذ الوطنى، فأى إنقاذ هذا الذى يتشدقون به؟ أولئك الذين عاثوا فى الأرض فسادا".
واختار واضع الأسئلة امتحانات الفصل الدراسى الأول، للصف الثانى الثانوى بالقليوبية موقفًا مشابها لسابقيه، حيث دافعت قطعة سؤال النحو عن الدستور الجديد وموقف الرئيس والقوى السياسية منه.
وجاء نص القطعة "من المسائل المهمة التى اختلف عليها الناس كثيرا، مسألة الدستور، وظلت كل فرقة تنادى بحقها، والأحزاب محشو كلامها بأسباب لا الوطن يريدون ولا الله، إنما هى الأهواء والمصالح العليا لهم، فما أعجبهم".
وإذا كانت الحالات السابقة قد تم عقاب أصحابها، سواء كانوا من المؤيدين للرئيس مرسى أو المعارضين له، وذلك لمخالفتهم التحذيرات التى سبقت الامتحانات، فإن واضع الأسئلة فى امتحان اللغة الإنجليزية للصف الثانى الإعدادى بإدارة غرب المنصورة بمحافظة الدقهلية هو الوحيد الذى أفلت من العقاب، رغم الجدل الكبير الذى أحدثه سؤال قطعة الفهم فى الامتحان.
وتحكى القطعة عن "حاكم ظالم" لا يستمع سوى لكلامه فقط، ومن يعترض عليه يقوم بقطع أصابعه، ويسمى حشمت، وقامت ضده مظاهرات، ووصف المتظاهرون أنصاره بالخرفان، وطالبوه بالابتعاد إلى الصحراء ليدير خرافه ويبتعد عن الشعب.
ورغم أن القطعة تحمل إسقاطا واضحا على اتهامات توجهها المعارضة – حاليا - للرئيس مرسى وأنصاره، إلا أن واضع الأسئلة هرب من المسئولية، حيث تبين بسؤاله أن القطعة تعود إلى الأدب الإنجليزى، ولا تحمل أى دلالات سياسية.