قبل إبداعات أُنس جابر.. من هو دروبني الذي خلد اسم مصر في تاريخ جراند سلام؟

بمفاجأة تلو الأخرى، صنعت التونسية أُنس جابر الحدث في منافسات بطولة أستراليا المفتوحة، إحدى بطولات "جراند سلام" في التنس، وأصبحت أول عربية في التاريخ تتأهل إلى ربع نهائي إحدى البطولات الأربع الكبرى.
النجمة العربية المصنفة رقم 78 على مستوى العالم افتتحت مشوارها في بطولة أستراليا المفتوحة بالفوز على البريطانية جوهانا كونتا المصنفة رقم 12 عالميًا في الدور الأول، لتعلن أنها قادمة لتفجير مفاجآت من العيار الثقيل، وهو ما تأكد بإقصائها الفرنسية كارولين جارسيا المصنفة رقم 39 في الدور الثاني.
المشهد الأبرز تمثل في فوز أُنس على الدنماركية كارولين فوزنياكي المصنفة الأولى عالميًا سابقًا، وبطلة المسابقة ذاتها قبل عامين فقط، حيث تفوقت اللاعبة التونسية بمجموعتين مقابل مجموعة وحيدة، لتُنهي مشوار البطلة الدنماركية، التي كانت تلك البطولة آخر محطات مشوارها الاحترافي.
لم تتوقف طموحات أُنس عند التأهل التاريخي لدور الستة عشر، وكانت على قدر الحدث عند الاصطدام بالصينية وانج شيانج المصنفة رقم 29 عالميًا، والتي أطاحت بالأسطورة الأمريكية سيرينا ويليامز، لتفوز الفتاة العربية بمجموعتين نظيفتين، وتضمن تأهلًا استثنائيًا للدور ربع النهائي.
تنتظر أُنس جابر مواجهة تاريخية أمام الأمريكية صوفيا كينين في الدور ربع النهائي، وتأمل في تجاوز المصنفة الرابعة عشرة لضمان تأهل أسطوري إلى المربع الذهبي.
أعادت أُنس التنس العربي إلى الأضواء عالميًا، بعد محاولات عديدة، كان بينها الظهور الشرفي للمصري محمد صفوت، الذي حقق إنجازًا بالظهور في نسخة الرجال للبطولة ذاتها، قبل الخروج من الدور الأول.
لكن ربما لا يعلم كثيرون أن لاعبًا تشيكي الأصل كان له الفضل في وضع العلم المصري بمنصة شرف بطولات جراند سلام، حيث حقق ثلاثة ألقاب في بطولات التنس الكبرى بالجنسية المصرية.
ياروسلاف دروبني، المولود في براج عاصمة تشيكوسلوفاكيا بالثاني عشر من أكتوبر عام 1921 بدأ رحلته مع التنس طفلًا صغيرًا، حيث شارك بين جامعي الكرات في البطولات الكبرى عندما كان في الخامسة من العمر، قبل أن يبدأ مشواره الاحترافي مبكرًا، ليشارك في بطولة ويمبلدون الشهيرة للمرة الأولى عام 1938.
تألق دروبني وأصبح الرياضي الأشهر في تشيكوسلوفاكيا، حيث تُوج بالعديد من البطولات في عالم التنس، وبلغ نصف نهائي بطولة أمريكا المفتوحة للتنس عامي 1947 و1948 إلا أن الحرب العالمية الثانية قلبت حياته رأسًا على عقب.
لم يكن دروبني راضيًا عن انتمائه للنظام الشيوعي الذي حكم تشيكوسلوفاكيا في ذلك الوقت، وقرر مخالفة تعليمات حكومة بلاده بعدم اللعب في بطولة بسويسرا عام 1949، لينشق بصحبة زميله فلاديمير تشيرنيك عن وطنهما الأم، ويصبحان بدون جنسية.
قميصان، فرشاة أسنان و50 دولارًا، كان هذا كل ما امتلكه دروبني في ذلك الوقت، ليبدأ البحث عن جنسية جديدة، وحققت له مصر ذلك، ليصبح مواطنًا مصريًا عام 1950، ويمثل مصر في البطولات الكبرى للتنس.
أبدع دروبني تحت الراية المصرية، ودخل ودخلت مصر معه تاريخ التنس من أوسع الأبواب في خمسينيات القرن العشرين.
تُوج دروبني بلقب بطولة فرنسا المفتوحة للتنس "رولان جاروس" عامي 1951 و1952 قبل التتويج ببطولة ويمبلدون عام 1954 وواصل مشواره كلاعب مصري حتى عام 1959، قبل العيش في الأراضي الإنجليزية التي دُفن فيها عقب وفاته عام 2001.