تتعامل حكومة الدكتور مصطفى مدبولي مع المصريين بمنطق الأرض المحروقة، وتتمسك بأن تجعلهم على الحديدة، حتى آخر مواطن وحتى النفس الأخير وكأن بينها وبينهم ثأر قديم، وربما تذهب بهم إلى مرحلة أبعد بكثير من الحديدة. وبهذه المناسبة أقترح على رئيس الوزراء استحداث وزارة جديدة اسمها وزارة تنظيف الجيوب، على غرار وزارة العزلة التي تأسست في إنجلترا أيام كورونا، أو وزارة السعادة في الإمارات وفنزويلا أو وزارة الأبقار في الهند، أو وزارة المراحيض في اليابان، فالوزارات تنشأ تماهيًا مع الحالة العامة لكل شعب. وكما كنا نتحدث عن ترزية القوانين أيام مبارك، فإننا الآن بصدد ترزية الجباية الذين يعكفون ليل نهارعلى تأدية مهمتهم على أكمل وجه، وكلما أنجزوا ملفا يبدأون فتح ملف جديد، ويبدو أن ملفات الجباية في مصر ليس لها نهاية.
أحدث قرارات تنظيف جيوب المصريين، أصدرته الحكومة مطلع الشهر الجاري بإمهال كل من اشتري بموجب توكيل شقة أو أرضا تابعة لها 6 شهور لتوثيقها باسمه في الشهر العقاري وهيئة المجتمعات العمرانية باسمه في الشهر العقاري والهيئة، إلا سيتم سحبها منهم .
لست بالمناسبة ضد القرار، بل أحترم فيه عدم تطبيق التخفيضات التي منحتها الهيئة على أراضي الساحل الشمالي والعلمين الجديدة الساحل الشمالي والعلمين الجديدة ورأس الحكمة باعتبار أن ملاكها من أثرياء الساحل الشرير ويستطيعون الدفع ب التي هى أحسن.
ولكن القرار -الذي يتماهى مع كثير من قرارات الحكومة التي اعتمدت الجباية شعارًا في كل معاملاتها مع المواطنين- بصيغته المنشورة بالصحف، أوقع الناس في حيرة شديدة وترك الباب مفتوحا لتكهنات وشائعات عديدة، منها ما زعمه البعض بأن المشتري سيدفع 15 % من قيمة الشقة أو الأرض، وأن البائع سيدفع 2.5 من قيمة البيع كضريبة عقارية حتى لو مضى على البيع والشراء عشرات السنين.
ما لا يعلمه الكثيرون أن البيع بالتوكيل يمثل نسبة كبيرة جدا قد تفوق ال 50% من عمليات بيع الشقق التابعة للدولة، حيث يقوم البائع بتحرير عقد صوري مع المشتري، ويصدر له توكيلًا بالتصرف في الشقة أو الأرض في الشهر العقاري أولًا للهروب من أي التزامات على الطرفين ومنها رسوم التوثيق والتي تبلغ 2.5% من قيمة الشقة أو الأرض المباعة، والتهرب ثانيًا: من الضريبة العقارية التي تفرضها الدولة.
هذا القرار يذكرني بقرار الحكومة منذ سنوات بإلزام كل من يشتري شقة أو أرضًا بتسجيل عقد البيع في الشهر العقاري، وهددت كل من لم يوثق العقد الجديد بالشهر العقاري ويدفع 2.5% من إجمالي سعر الشقة، بعدم إدخال المرافق له من مياه وكهرباء وغاز وخلافه، وأحسنت الحكومة صنعًا وقتها بعدم تطبيق قرار إلزام التسجيل بأثر رجعي ورفعت شعار «إحنا ولاد انهارده».
لكن المشكلة في قرار حظر البيع بتوكيلات أنه غامض ولم يوضح ما إذا كان سيطبق على حالات البيع بأثر رجعي؟ ومنذ متى؟ أم أنه سيكون على غرار إلزام التوكيلات من تاريخ صدوره؟
وأظن أن هيئة المجتمعات العمرانية مطالبة بالإجابة على الأسئلة الخمسة التالية لإزالة الغموض والحيرة التي أحدثها القرار لدى الناس وهم بالملايين وهى: *هل سيتم تطبيق هذا القرار بأثر رجعي على كل من باع شقة أو أرضا بتوكيل، أم أن القرار يسري على حالات البيع التي ستتم بتوكيل بعد صدوره في أول سبتمبر 2025 الجاري؟ *ماهي النسبة التي سيدفعها من باع ومن اشتري من ثمن الشقة أو الأرض بعد تطبيق الخصم الذي حددته الهيئة؟
*ماذا ستفعل الهيئة لو قام البائع والمشتري بتحرير عقد صوري جديد لتقديمه للجهات المختصة بسعر أقل لتخفيض الرسوم المستحقة، خصوصا أن العقد الأول صوري بينهما أيضا ولم يتم تسجيله؟ *لماذا اقتصرت تخفيضات الأراضي على 5 مناطق فقط هي العاشر من رمضان وحدائق العاشر وأكتوبر الجديدة والعبور الجديدة ومدن الصعيد دون غيرها من المناطق من باقي أنحاء الجمهورية؟ * لماذا لم يحدد قرار الهيئة ما هى المشروعات التي ينطبق عليها القرار؟ فالمعروف أن الدولة تطرح شققًا وأراض تحت مسميات عديدة منها سكن مصر ودار مصر وجنة مصر وسكن المصريين والإسكان الاجتماعي وغيرها.
منطق الجباية الذي دفع الحكومة لاتخاذ مثل هذا القرار، هو مادفعها أيضا للتراجع عن تطبيق قانون اشتراطات البناء بعد سنوات طويلة من تطبيقه، ففي عام 2021 أصدرت الحكومة قرارًا بمنع البناء ووضع اشتراطات صارمة له.. ثم عادت وقررت العام الماضي وبعد 3 سنوات إلغاءه والعودة لتطبيق أحكام قانون البناء رقم 119 لسنة 2008 في جميع المناطق والمدن، لتفتح شهية الفوضويين للعودة للوضع السابق بتجاوز كل الضوابط، ولا يعرف أحدًا إلى الآن لماذا منعت البناء وحددت له اشتراطات، ولماذا عادت للقانون القديم والذي سمح بالتجاوز مجددا؟.
منطق الجباية هو الذي جعل الحكومة تستحدث قانونًا للتصالح بهدف جمع عدة مليارات مع كل مواطن مارس البلطجة وبنى بيتًا بالمخالفة للقانون، ثم أجرت تعديلات عليه، بل وأمدت مهلة التصالح بتسهيلات جديدة نحو 5 مرات لمزيد من تحصيل الأموال منهم ومنحت خصمًا كبيرًا لمن يدفع كاش وفورى.
بالتزامن مع مكافأة مخالفي البناء، ظلت الحكومة ترفض إضافة متر واحد للأحوزة العمرانية منذ عام 2008 لاستيعاب التمدد العمراني، بل وترفض فتح الأحوزة أمام المجاورين للمخالفين الذين احترموا القانون بعدما فقدت أراضيهم الزراعية مقومات الزراعة وبارت، فمن احترم القانون وهيبة الدولة يعاقب، ومن بلطج وخالف يكافأ لأنه باختصار سيدفع إتاوة مخالفته للدولة. عمارات لم يسكنها أحد عن الغلاء والحياة وأشياء أخرى وبالمناسبة يحضرني هنا الفقرة الغريبة التي كانت الحكومة أضافتها لتعديلات قانون البناء الموحد الذى تقدمت به لبرلمان الدكتور على عبد العال لإقرارها، ويندرج ضمن منهج الجباية أيضا، وكانت الفقرة تلزم كل مواطن تدخل أرضه الحيز العمرانى بأن يدفع نصف قيمة الفرق بين سعرها قبل وبعد دخولها، وكأن الحكومة ترفع شعار «فيها لخفيها». أتمنى أن يكتفي ترزية الجباية بهذا القدر.. فقد أخرج الناس جيوبهم الخاوية ولم يعد لديهم شيئًا. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار ال 24 ساعة ل أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري ل أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية. تابع موقع فيتو عبر قناة (يوتيوب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر قناة (واتساب) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (نبض) اضغط هنا تابع موقع فيتو عبر تطبيق (جوجل نيوز) اضغط هنا