مرة واحدة من قبل طلبت فيها أمريكا من مصر الإفراج عن شخص يهمها، كان هذا الشخص هو الجاسوس الإسرائيلي عزام عزام، وهذه هي المرة الثانية التي تطلب فيها أمريكا الإفراج عن شخص آخر، وهو محمد مرسي، ذلك الرجل الغامض الذي ظهر علينا بصورة الغبي، وهو في الحقيقة متغابي، وكان تغابيه سبب وصوله إلى رئاسة مصر، أما إصرار أمريكا على الإفراج عنه لدرجة أن يلح في ذلك وليم بيرنز فهذا من الأمور الملفتة للنظر، والنتيجة الوحيدة التي نصل إليها من خلال هذا الطلب هو أن محمد مرسي كان جاسوسا لأمريكا، ليس جاسوسا عاديا ولكنه جاسوس غير عادي إذ أنه هو الجاسوس الوحيد الذي استطاع الوصول إلى موقع رئيس جمهورية، لذلك فهو في عيون أمريكا وفي قلبها. ولكي نفهم أغوار تلك العلاقة فإننا سنشير فقط إلى بعض أشياء ترسم ملامح الجاسوية والخيانة لهذه الجماعة الآثمة. فذات يوم من أيام عام 2007 أخذ عصام العريان يرسل رسائل الطمأنة للحكومة الأمريكية وللحكومة الإسرائيلية قائلا في كلمات ألقاها في السفارة الأمريكية وفي حوار له مع جريدة الحياة: على الحكومة الإسرائيلية أن تطمئن، إذ أننا لو وصلنا للحكم فإننا سنحافظ على كامب ديفيد وعلى كل اتفاقيات السلام. وبعد الثورة وقبل أن يصبح "الحكم قبل الدين أحيانا" لم يعد هناك أي مبرر إخواني لإثارة مظاهرات ضد أمريكا الصهيونية، فقد كان هذا الكلام أيام الجهاد الرخيص، أما الآن فنحن أمام الجهاد الأكبر، جهاد السعي نحو أريكة الحكم، وبالتالي لم يعد هناك ما يستحق الإخفاء، أو الخفاء، أو التنديد والتهديد. وجاءت لحظات التمكين، وهي لحظات لو تعلمون مقدسة، ولحظات التمكين يسبقها في العرف الإنساني حالة غرور إنساني، والغرور يعمي البصر ويطمس على البصائر، بدأت الاتصالات والاتفاقات، والوعود والتعهدات، ثم أخذ الفصل الثاني من حلقة الضغوط يعلن عن نفسه، فأمريكا التي قتلت وأبادت وارتكبت أكبر وأفظع جرائم إبادة في تاريخ البشرية، أمريكا التي لا تبحث إلا على حرية إسرائيل، وديمقراطية نفسها، إذا بها تصبح راعية للديمقراطية والحرية في مصر، ففي هذه الأيام يحل الأخ "كيري" على أرض الإخوان في مصر في محاولة منه لتعديل الدفة وإجراء صلح بين الإخوان والشعب الرافض لهم من باب أن "أمريكا ترعى التحول الديمقراطي في مصر" وبعد أن أسقط الشعب الإخوان ومرسي إذ بأمريكا تتحدث عن انقلاب عسكري، ويا ويح هذا الخزعبلات التي يهرطقون بها، أَنْقلابٌ يتم تحديد موعده مسبقا ثم يقوم بنقل الحكم للمدنيين، إذن كيف كان الحال مع مبارك بعد الثورة عليه عندما تسلم الحكم عسكريون! لماذا لم يصفون ما حدث وقتها بالانقلاب؟ ولماذا لم يطالبوا بالإفراج عن مبارك؟! المهم أن شبكة الجاسوسية انكشفت وليس لنا إلا نقول لهم بالرفاء والبنين، عمر طويل في طاعة الشيطان. ثروت الخرباوي