مرسى أطلق الرصاصة الأولى على «شحاتة» مظاهرات 30 يونيو ستعيد ترتيب البلاد «والنهاية تمشي إلى السور واثقة من خطاها فوق هذا البلاط المبلل بالدمع»، بهذه الكلمات المعبرة من قصيدة «رسالة إلى ملك الاحتضار» للرائع «محمود درويش» وصف الدكتور أحمد راسم النفيس، المفكر البارز، وضع نظام جماعة الإخوان المسلمين ورئيسها الدكتور محمد مرسي. النفيس تحدث ل«فيتو» وهو في مطار القاهرة قبل رحيله عن مصر بدقائق قليلة محافظا على حياته بعد محاولة فاشلة لاقتحام منزله بالمنصورة وتكرار سيناريو «زاوية أبومسلم». يصف «النفيس» المشهد بالقرب من منزله قائلا: «في الوقت الذي كانت فيه المنصورة تشهد اشتباكات بين مؤيدي ومعارضي حكم الإخوان الأربعاء الماضي، تم إبلاغي أن مجموعة مدججة بالأسلحة تتوجه إلى منزلي، وكانوا يحاولون إخلاء الشوارع بكل قوتهم للوصول إلى منزلي بسهولة حتى لا يمنعهم أحد من ذلك وينفذوا ما يريدون، واتصل بي أحد الشباب ليبلغني أن هناك مجموعة تصر على تجاوز الاشتباكات لتصل لمنزلي وأن هذه المجموعة وضعت «سيناريو» خاصًا لتفعل ذلك، بل إنهم تحدثوا عن أني سألقى نفس مصير الشيخ حسن شحاتة -رحمه الله-، فلملمت ما أستطيع جمعه من أغراضي في غضون دقائق قليلة ورحلت من منزلي أنا وأسرتي إلى مكان آمن. يسترجع «النفيس» تاريخه مع التهديدات ومحاولات الاغتيال الفاشلة التي تعرض لها سابقًا في استدعاء لذكريات مريرة عاش فيها سابقًا وكانت هذه الذكريات شاخصة أمام عينيه وهو ينهي إجراءات سفره للخارج؛ قائلا: «منذ عام 2005 أو قبل ذلك بقليل والتهديدات بقتلي لا تتوقف طيلة الليل والنهار منها ما يكون مجرد تلويح وتخويف ومنها ما تثبت الأيام أنه خطة محكمة للنيل مني. وبضيف: «بعد غزو العراق جاء لي تهديد محدد مفاده أن أبومصعب الزرقاوي قرر ذبحي وأنه كلف مساعديه في مصر بالقيام بذلك، وقتها قمنا بإبلاغ الأجهزة المختصة وعلى رأسها جهاز مباحث أمن الدولة، وتم التحقيق في الأمر وبعدها بسنوات تم الكشف عن خطة الزرقاوي لاغتيالي التي وضعها الرجل وأرسلها لمساعديه في مصر على بريد إلكتروني كان معدًا للتواصل بين الزرقاوي ومجموعته في مصر. ويبدو أن «النفيس» قرر أن يترك ذكرياته وينحيها جانبًا حينما تذكر أن طائرته قاربت على الإقلاع وعليه أن ينهي إجراءات السفر؛ فقال: وجدت نفسي مضطرًا للسفر للخارج في هذا التوقيت لأنه مهما حاول البعض أن يطمئنك ويخبرك أن كل شيء على ما يرام لكنك تقرأ المشهد وتدرك أن هذا الكلام لا يعتد به وأنه لا يستطيع أحد أن يسيطر على الأمور وسط هذه الحالة من الجهل والتوجه إلى تكفير الآخر ومعاداته وقتله فلن يصبح أمامك إلا أن تحاول أن تحافظ على حياتك، ببساطة لقد وجدت أنه لا أمان في الوقت الحالي مع وجود هذه التهديدات، فقد تم تهديدي سابقًا وتم تحطيم سيارتي في 2009 في محاولة واضحة لقتلي، وبعدها كانت هناك أكثر من محاولة. الرجل يحمل في مكنون صدره همومًا كثيرة تخرج مع كل تنهيدة منه حتى نظراته تكفي لأن تدرك أن سنوات عمره جعلته يبدو أكثر شيبا لأنه رأى الكثير ولم يكن قراره بالسفر في هذا التوقيت بالسهل؛ لكنه قال ل«فيتو» إنه يتمنى أن يعود قريبا إلى حضن وطنه؛ مضيفا: أعود ريثما تستقر الأوضاع في مصر وأعتقد أن العودة قريبة جدا لأن هذا الوضع لن يطول كثيرا، وأعتقد أن الجولة القادمة ستعيد ترتيب الأوضاع ويحدث خلط جديد للأوراق، فحتى لو بقى مرسي في رئاسة الجمهورية فمن المستحيل أن يبقى هو وجماعته في غيهم ويستمروا فيه». «النفيس» مرة أخرى يعود الحديث عن ثورة 25 يناير والفروق بينها وبين 30 يونيو قائلًا: في 25 يناير كانت الهزة غير مرتبة، لكن الآن الوضع مختلف فكل شيء مرتب فهناك من يمتلك جهازًا عصبيًا ويضع الخطط والبرامج الحقيقية، والأمور هذه المرة غير متروكة للانفعالات وردود الأفعال فقط، وأعتقد أن الأمور ستتحول إلى الأفضل قريبًا جدًا بمشيئة الله ودعمه لعباده المخلصين. وتقمص «النفيس» روح الشاعر الكبير «محمود درويش» -رحمه الله»- مقتبسًا من قصيدته الرائعة «رسالة إلى ملك الاحتضار»: النهاية تمشي إلى السور واثقة من خطاها فوق البلاط المبلل بالدمع»؛ مستطردا: «الآن نقولها بالدمع المبلل بالدم والخزي والعار، وإذا كان مرسي وجماعته يمتلكون قدرًا ضئيلًا من الإنسانية لخرجوا وأقاموا عزاءً للشيخ حسن شحاتة؛ لأن الجريمة نكراء وتجاوزت مذبحة دنشواي والمذابح التي يقترفها الاحتلال الصهيوني في فلسطين، يغالب «النفيس» دموعه وهو يتحدث قبل رحيله عن مصر متذكرا مجزرة زاوية أبومسلم؛ قائلا: الجريمة التي وقعت ضد بعض أفراد الشيعة بمصر» وراح ضحيتها 4 أشخاص، ضمنهم زعيم الشيعة حسن شحاتة، لا تخرج عن «خطاب طائفي تحريضي» للرئيس محمد مرسي اعتبرها بمثابة إشارة البدء لمن بادروا بالهجوم. وأضاف النفيس أن المسئول عن ارتكاب هذه الجريمة في تصريحات خاصة هو «تنظيم معروف بالاسم وحاول منذ عام إحراق بيت أحد الموالين بطنطا، وبمشاركة إحدى الصحف اليومية» على حد تعبيره، مضيفًا أن خطاب مرسي في الصالة المغطاة باستاد القاهرة «كان أسوأ من كونه طائفيا»، واصفًا الحادث ب»الجاهلية المعاصرة». واتهم النفيس أيضًا ما وصفه بأصابع خارجية بالوقوف وراء مقتل 4 من المصريين الشيعة بينهم الشيخ حسن شحاتة بالتعاون مع جهات داخلية من خلال التحريض على هذه المذبحة؛ وقال: «هناك بعض دول الخليج التي تحاول أن تضغط على حزب الله وإيران للخروج من سوريا من خلال استهداف الشيعة في عدد من البلدان العربية. وتابع النفيس بالقول: إن الشيعة «جزء من الشعب المصري وسيكون لهم رد فعل على المستوى السياسي كما سيلاحقون مرتكبي الحادث في الداخل والخارج عبر منظمات حقوقية».