يحتفل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اليوم الخميس، بذكرى مرور 10 أعوام على تنصيبه شيخ للأزهر الشريف، عقدًا كامل مر على تولى استاذ الفلسلة زمام الأمور على رأس أكبر مؤسسة دينية في العالم، استطاع خلال إحداث ثورة على جميع المستويات داخل أروقة المشيخة، وتعدى الأمر الداخلى ونجح فى إعادة المشيخة للتواجد وبقوة على الساحة العالمية. شيخ الأزهر للأطباء: التاريخ سيسجل بحروف من نور جهودكم فى مواجهة "كورونا" الأربعاء 18 مارس 2020 شيخ الأزهر من أوزباكستان: لا يوقِف حمامات الدماء إلا مذهب أهل السنة والجماعة.. التكفير بالكبائر مذهب دموي يتستر بالدين الثلاثاء 3 مارس 2020
“فيتو” بدورها ترصد خلال السطور التالية أبرز ملامح العشر سنوات الأولى للإمام الطيب، من خلال التركيز على أبرز المحاور التى شكلت محور رئيسي فى رحلة الإمام فى العشر سنوات الأخيرة مع الأزهر.
خطوة للخلف. مع الساعات الأولى من يوم العاشر من شهر مارس عام 2010 تفاجا المصريون والعالم الإسلامي بخبر وفاه شيخ الأزهر السابق الدكتور محمد سيد طنطاوي بعد ازمة قلبية فاجأتة في مطار الملك خالد الدولي في المملكة العربية السعودية أثناء استعداداه للعودة إلي أرض الوطن بعد مشاركته في إحدى المؤتمرات الدولية بالمملكة، لينهى معه مرحلة هامه من تاريخ المؤسسة العريقة. رحيل الشيخ "طنطاوي" المفاجئ فتح الباب حينها للتساؤل خول الشخصية التي ستخلفه في الجلوس على كرسي المشيخة، في مرحلة بدأت فيها التغييرات العالمية والأحداث الدولية تتطلب من المؤسسة الدينية في العالم الإسلامي أن تكون أكثر انفتاحا على العالم وأن تغير من ادوات خطابها الداخلي والخارجي حتى تستطيع التواكب مع التطورات الجديدة ولتكون فعالة أكثر في تناول القضايا الجديدة على الساحتين الداخلية والخارجية. المعطيات السابقة التي فرضت نفسها جعلت رئاسة الجمهورية وقتها تراعي أن يكون شيخ الأزهر القادم ليس مجرد رجل دين يحظى بتقدير من حولة، بل فرضت أن يكون الرجل الذي سيتولى قيادة المشيخة في الفترة الجديدة، لدية من الادوات والوسائل التي تمكنه من التعاطي السريع مع مجريات الأحداث اليومية وأن تكون لديه المقدرة على تسريع وتيرة العمل داخل القطاعات المختلفة التي تتبع المشيخة، بجانب امتلاكه الأدوات المطلوبة لفتح قنوات تواصل مع المؤسسات الدينية الدولية. ربما المواصفات السابقة هي التي رجحت كفة الدكتور أحمد الطيب لتولى شؤن المشيخة، وجعلت منه الخيار الأمثل، للجلوس على سده الحكم داخل المؤسسة الدينية العريقة، فالرجل كان يتمتع بثقة المؤسسات الدينية المختلفة، وربما عزز ذلك هو تولية منصب مفتي الجمهورية ورئاسة جامعة الأزهر قبل مشيخة الازهر ونظرا لاتقانه اللغتين الفرنسية والإنجليزية مما يجعلة مؤهلا لقيادة الأمور داخل المؤسسة الدينية العريقة.
كواليس الاختيار وبالعودة قليلا الى ما بعد يوم وفاة الدكتور "طنطاوي" اوضحت التقارير الصحفية أن الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك كان يستكمل رحلة علاجة في ألمانيا بعد إجراءه لعملية جراحية حينها، وطبقا للقانون 103 لعام 1961 المسمى بقانون تطوير الأزهر فإن شيخ الأزهر يتم اختياره عن طريق رئيس الجمهورية، وأشارت التقارير حينها أن زكريا عزمي رئيس ديوان رئاسة الجمهورية في ذلك الوقت عرض على الرئيس الأسبق ملفا به خمسة أسماء لاختيار واحد منها ليتولى رئاسة مشيخة الأزهر الشريف. وحسبما كشفت مصادر مقربة من "مبارك" في وقت لاحق فإن الرئيس الأسبق فضل اختيار الدكتور أحمد الطيب ليتولى رئاسة المشيخة، نظرا للمعطيات التى ذكرناها منذ قليل، ولتمتع الرجل بخلفية ثقافية تجعله قادرا على قيادة المشيخة نحو العالمية، حيث اشارت المصادر أن الرئيس الأسبق اختار الطيب وقال إنه يجيد الفرنسية والإنجليزية، وهذا ما نريده في شيخ الأزهر حتى يقدم صورة الأزهر والإسلام للعالم بلغاته المختلفة ويكون منفتحا على الآخر".
سنواته الأولي ربما كان قدر الشيخ أحمد الطيب أو قدر للأزهر إن صح التعبير أن يتولى أموره رجل ذو شخصية قوية استطاع الحفاظ على المؤسسة الدينية العريقة ونجح في أن يجنبها مخاطر الانجراف نحو تيار معين بل نجح في اكسابها مزيدا من الاستقلال وعدم التبعية لأي جهة أخري. فلم يمضي عام بعد تولى الشيخ الطيب رئاسة المشيخة حتى اندلعت ثورة الخامس والعشرين من يناير لعام 2011 حينها كان الأزهر يحاط بأصوات مختلفة بين دعوات المتظاهرين في الميادين بان ينجذب الأزهر لصوت الشارع ويدعوا المواطنين للنزول في الميادين، وبين الأصوات التي طالبته بضرورة الوقوف إلي جانب مؤسسة الرئاسة في محنتها التي كانت تمر بها في وقتها. وبين هذه وتلك كان الأزهر وشيخة الطيب مهتما بدعوة كافة أطياف المجتمع إلي التحاور لتقرير مصير المرحلة القادمة، وكان معني في المقام الأول بفظ الأرواح وضبط النفس وعدم إراقة الدماء وهو ما أكدت عليه كافة البيانات التي خرجت من الأزهر الشريف حينها. مضى عهد مبارك وتولى المجلس العسكري قيادة البلاد لفترة انتقالية، وحينها نجح الدكتور أحمد الطيب في الحصول على تعديلات هامة على قانون 103 الخاص بتنظيم الغمل داخل مشيخة الأزهر الشريف، وأقر المجلس العسكري حينها قانون جديد يغير من نظام اختيار شيخ الأزهر ليكون عن طريق الانتخاب من هيئة كبار العلماء كما حصن القانون الجديد شيخ الأزهر من العزل بجانب امتيازات أخرى تمكنه من حريات أكتر لإدارة العمل داخل القطاعات المختلفة التي تتبع المشيخة.
ترتيب الأوضاع القانون السابق مكن الدكتور أحمد الطيب من إعادة هيكلة المشيخة من الداخل بما يجعلها بقطاعتها المختلفة تمتلك من المرونة الكافية لتعاطي بشكل سريع مع مجريات الأحداث اليومية في الداخل والخارج، كما مكن شيخ الأزهر من إنشاء العديد من المؤسسات الداخلية التي تساعد الأزهر على القيام بدورها المطلوب، وهذه المراكز هي: شعبة العلوم الإسلامية: تُعد شعبة العلوم الإسلامية من أولى المبادرات التي اتخذها فضيلة الإمام الأكبر عقب توليه مشيخة الأزهر، انطلاقًا من قاعدة مفادها أن تطوير الأزهر الشريف لا يستقيم إلا بإصلاح العملية التعليمية إصلاحًا شاملًا، ولذا حرص فضيلته على اصطفاء نخبة من طلاب الأزهر المتميزين الذين يفهمون مسائل العلوم الشرعية فهمًا صحيحًا، للالتحاق بتلك الشعبة
في ذكرى ميلاده ال 74.. "أحمد الطيب" إمام الإنسانية وزعيم الإخاء وصانع السلام بيت العائلة المصرية: إدراكًا من فضيلة الإمام الأكبر لقوةِ العَلاقةِ التاريخيةِ بين جناحيِ الوطنِ مُسلميه ومسيحيِّيه، ولقطع الطريق على أي محاولة للعبث أو تعكير صفو تلك العلاقة، طرح فضيلته فكرة إنشاء هيئة وطنية مستقلة باسم "بيت العائلة المصرية" وذلك في عام 2011، بالتعاون مع قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية الراحل، حيث يجمع بيت العائلة المصرية: الأزهر الشريف والكنيسة القبطية الأرثوذكسية، والكنيسة القبطية الكاثوليكية، والكنيسة القبطية الإنجيلية، والكنيسة الأسقفية الإنجليكانية. بيت الزكاة والصدقات المصري: انطلاقًا من الدور الاجتماعي لمؤسسة الأزهر الشريف، أشرف فضيلة الإمام الأكبر على إعداد مشروع قانون لإنشاء بيت مستقل للزكاة، ليكون مصدرَ ثقةِ المواطنين المتبرعين ودافعي الزكاة وإيصال الأموال لمستحقيها بكفاءة وفاعلية حسب أحكام الشريعة الإسلامية. وفي 9 سبتمبر من العام 2014، صدر القانون رقم 123 لسنة 2014 بإنشاء "بيت الزكاة والصدقات المصري" تحت إشراف شيخ الأزهر؛ بهدف صرف أموال الزكاة في وجوهها المقررة شرعًا، ولبث روح التكافل والتراحم بين أفراد المجتمع. مجلس حكماء المسلمين: قاد الإمام الأكبر، مع عدد من خيرة علماء الأمة وحكمائها، مبادرةَ تأسيسِ مجلسٍ لحكماء المسلمين يكون بمثابةِ هيئةٍ دوليةٍ مستقلةٍ، تهدف إلى تعزيز السلم في المجتمعات المسلمة، وترسيخ قيم الحوار والتسامح واحترام الآخر، وتجنب عوامل الصراع والانقسام والتشرذم، وبالفعل تم إنشاء المجلس في 21 رمضان من العام 1435ه الموافق 19 يوليو من العام 2014، ليضم ثُلَّةً من علماء الأمة الإسلامية ممن يتسمون بالحكمة والعدالة والاستقلال والوسطية.
في ذكرى ميلاده ال 73.. أحمد الطيب رجل الجنوب الذي قاد الأزهر للعالمية مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة: في إطار الحرص على محاربة الأفكار الهدامة والمتطرفة التي تُشَوِّه صورة الإسلام، ومواجهة الفتاوى الشاذة وتفنيدها وضبط فوضى الفتاوى في العالم الإسلامي، جاء قرار الإمام الطيب بإنشاء "مركز الأزهر العالمي للرصد والفتوى الإلكترونية والترجمة"، ليقوم المركز بأذرعه الثلاث: مرصد الأزهر لمكافحة التطرف، ومركز الأزهر للفتوى الإلكترونية، ومركز الأزهر للترجمة، بدور عالمي فعَّال في مكافحة الإرهاب والتطرف. لجنة المصالحات العليا إيمانًا من الإمام الطيب بدور الأزهر الشريف في تحقيق وحدة الصف ولم الشمل، ونبذ الفرقة والخلاف ليس فقط بين أبناء المجتمع المصري وإنما في مختلف المجتمعات التي تعاني من انقسامات داخلية وحروب أهلية، أصدر فضيلتهُ توجيهاتهِ بإنشاء "لجنة للمصالحات" بالأزهر في عام 2014، بحيث يكون نشاطُها داخلَ مصرَ وخارجَها من أجل الحفاظ على الأمن والاستقرار وصيانة النفس والدم، وذلك إعمالًا لمقاصد الشريعة الإسلامية العليا. مركز الأزهر للحوار: في إطار اهتمام فضيلة الإمام الأكبر بضرورة الحوار بين الأديان والحضارات المختلفة، وتفعيل الحوار الحضاري بين الأزهر والمؤسسات الدينية والفكرية والعلمية في العالم، أنشئ مركز الأزهر للحوار عام 2015 ليكون مركزًا عالميًا يسعى إلى ترسيخ العمل على قبول الآخر، ودعم التعايش المشترك، والتأكيد على القيم الدينية والإنسانية المشتركة بين الشعوب.
المنظمة العالمية لخريجي الأزهر: في إطار سعي الإمام الطيب إلى ترسيخ مكانة الأزهر العالمية طرح فضيلته في عام 2007 عندما كان رئيسا لجامعة الأزهر، مبادرة تأسيس رابطة عالمية ينطوي تحت مظلتها جميعُ خريجي الأزهر الشريف في مختلف بقاع العالم، بهدف تفعيل قوة الأزهر الشريف الناعمة المتمثلة في خريجيه المنتشرين حول العالم، والتواصل معهم بما يجعل للأزهر صوتًا مسموعًا في كل ربوع المعمورة.
الانفتاح على العالم جاء الدكتور أحمد الطيب ليحرك المياه الراكدة في علاقة الأزهر بالمؤسسات الدينية الدولية، خاصة فيما يتعلق علاقة الأزهر بالفاتيكان بعد أن قطع الأزهر علاقته بالفاتيكان بعد التصريحات المسيئة ضد الإسلام، لكن بعد تولى البابا فرانسيس منصب بابا الفاتيكان فتحا الشيخ والبابا بابا جديدا من العلاقات التاريخية بين المؤسستين الدينيتين الأكبر في العالم، وتوجت تلك العلاقة بتوقيع وثيقة "الأخوة الإنسانية" العام الماضي لتتوج هذه الوثيقة جهود ومساعي الرجلين ليسطرا معا مرحلة تاريخية من العلاقات، حيث أكدت الوثيقة على أهمية تعزيز القواسم المشتركة بين الأديان وأكدت على أن الأديان بريئة من التجاوزات التي يمارسها بعض المنتسبين إليها. محاربة الإسلاموفبيا عنى الدكتور أحمد الطيب بشكل كبير على محاربة ظاهرة الإسلاموفبيا والتي انتشرت بشكل كبير في المجتمعات الغربية وأصبحت تمثل خطرا حقيقيا على الجاليات المسلمة في بعض البلدان، خاصة بعد ظهور بعض الحركات الإسلامية المتطرفة وعلى رأسها تنظيم داعش الإرهابي، وذلك من خلال إظهار الصورة الحقيقية للإسلام، والتأكيد على أن تعاليم الدين الإسلامي تأمر اتباعها بضرورة صيانه الآخر وتحرم كافة أشكال الاعتداء على أصحاب الديانات الأخرى، وذلك من خلال عقد العديد من المؤتمرات و الندوات التي تتناول هذا المعني ، بالإضافة إلي إظهار الصورة الحقيقية للإسلام من خلال الزيارات الخارجية التي يقوم بها شيخ الأزهر في الدول المختلفة.
تمكين المرأة كانت المرأة والحديث عنها وحفظ مكانتها أحد أبرز الموضوعات التي عمل شيخ الأزهر على الاعتناء بها خلال عقده الأول، وتمثل ذلك من خلال أوجهه وأشكال عده، سواء في خطابات وبيانات الأزهر على مدار السنوات الماضية، كما تجسد هذا الاهتمام في عدد من الخطوات العملية سواء في بنود مقترح قانون الأحوال الشخصية الذي تقدم به الأزهر للبرلمان لمناقشته وإقراره والذي راه البعض يمثل انتصارا هاما للمرأة وحقوقها التي ضيعتها بعض القوانين الوضيعة، خلال العقود الماضية، كما عمد شيخ الأزهر على تعيين الدكتورة إلهام محمد شاهين للتولي منصب الأمين العام المساعد لجمع البحوث الإسلامية وتتولى الإشراف على تدريب وتأهيل الواعظات التابعين للأزهر، ويؤكد الإمام الأكبر في أكثر من مناسبة أن الأزهر يعقد آمالا كبيرة علي واعظاته من أجل نشر فكر الأزهر الوسطى خاصة فيما يتعلق بقضايا الأسرة.
ما هو قادم يدخل الإمام الأكبر خلال ساعات أيامه الأولى في العقد الثاني من فترة توليه رئاسة المشيخة ويضع الرجل على مكتبه عددا من الملفات الهامة التي تتطلب مجهود إضافي من قبل الأزهر الشريف وقطاعاته المختلفة، والتي قد يكون على رأسها الاستمرار في ملف تجديد الخطاب الديني والذي بدأه شيخ الأزهر مع أيامه الأولى داخل المشيخة، والذي بات ورقة تستخدم بين الحين والآخر للهجوم على الأزهر، بجانب الحفاظ على المكانة المتميزة التي بات الأزهر يحتلها سواء على الصعيد الداخلي والخارجي، وربما تعكس الكلمة التي قالها شيخ الأزهر أثناء مناقشة الشهيرة مع رئيس جامعة القاهرة حينما قال" هذا ما يمليه عليا ضميري حتى القا الله وأكون قد قدمت بعض الشيء" تعكس مدى زهد الرجل في المناصب وأنه يسعي لاستكمال مسيرته التي بدأها نحو الصعود بالمؤسسة العريقة نحو العالمية وتثبيت أركانها في الداخل