سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
«البنتاجون» يضع خطة ما بعد تفكك "سوريا .. إنشاء منطقة عازلة لإيواء اللاجئين هو الحل.. و"السيسي" ل "هاجيل": الانهيار كارثة ضخمة لمصالح أمريكا .. وتزايد المخاوف من تسليح المعارضة
تعمل وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاجون" على تسريع وضع الخطط لخطر امتداد تداعيات الأزمة السورية اقليميا مع انهيار سوريا وتفككها، وهو سيناريو كان مستبعدا حتى وقت قريب، بما فى ذلك مقترحات لإقامة منطقة عازلة داخل الأردن للاجئين السوريين تعمل على حمايتها قوات عربية، وفقا لما أفاد به مسئولون أمريكيون مطلعون على المناقشات الجارية. وتسعى هذه الخطط إلى التقليل من التورط المباشر للولايات المتحدة فى الصراع، ولكنها تعكس عملية إعادة تقييم لنهج عدم التدخل الذى يتبناه البنتاجون.. ويأتى هذا التحول بعد رحلة وزير الدفاع تشاك هاجيل الأخيرة إلى منطقة الشرق الأوسط، التى التقى خلالها مع عدد من القادة العرب الذين دعوا الولاياتالمتحدة إلى التركيز على خطر تفكك سوريا إلى قطاعات طائفية متحاربة. وقد ظهرت الأزمة السورية بقوة خلال جولة هاجل الأخيرة كما تمثل الآن الموضوع الرئيسى لجولة وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى الحالية التى بدأها فى موسكو ولقاء الرئيس فلاديمير بوتن.. والجميع متخوفون ولا يعرفون إلى أين تتجه الأمور فى سوريا. ويتمثل القلق الأمريكى فى أن سوريا يمكن أن تتفكك ويمتد القتال خارجها وينتقل المزيد من اللاجئين إلى الأردن، وهى حليف للولايات المتحدة وشريك فى السلام مع إسرائيل، وهو ما يهدد الأردن ومصالح الولاياتالمتحدة فى المنطقة. ويشير المراقبون إلى أن إقامة منطقة عازلة على طول الحدود السورية الأردنية سيوفر وسيلة لإيواء اللاجئين السوريين الذين نزحوا وينزحون إلى الأردن بأعداد هائلة. كما أنها يمكن أن تكون قناة ووسيلة يمكن للولايات المتحدة وللأوروبيين تقديم المعونات من خلالها، بما فى ذلك الأسلحة إلى الثوار السوريين. وقد تأكدت فى الأيام الأخيرة بعض السيناريوهات الأمريكية الأكثر تشاؤما لمسار الحرب، فى ظل التقارير التى ظهرت حول استخدام أسلحة كيميائية فى سوريا والضربات الجوية الإسرائيلية المباشرة لأهداف داخل سوريا، إضافة إلى تقارير مطلع هذا الأسبوع بأن عدة آلاف من المسلحين من حزب الله الموالى لإيران يقاتلون إلى جانب قوات النظام السوري، حيث قامت جماعة متمردة سورية باختطاف 4 أفراد من قوة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة فى مرتفعات الجولان. وقد أثار وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى احتمال تفكك سوريا أمس الثلاثاء فى موسكو مع نظيره الروسى سيرجى لافروف فى محاولة لتحريك الأطراف المتحاربة فى سوريا تجاه التوصل إلى حل عن طريق التفاوض. وقال كيري: "البديل هو المزيد من العنف.. واقتراب سوريا نحو الهاوية أو على الأقل إلى حالة من الفوضى.. البديل قد يكون حتى تفكك سوريا". وفى إطار تكثيف التخطيط للطوارئ من قبل البنتاجون، سيعمل فريق أمريكى يتم نشره هذا الشهر مع العسكريين الأردنيين بشأن خيارات تشمل التخطيط لإقامة منطقة عازلة، وكان البنتاجون قد أعلن الشهر الماضى أنه سيقوم بإرسال فريق من العسكريين لتعزيز تواجد القوات الأمريكية فى الأردن ولكنه لم يحدد دور هذا الفريق. وقد ناقش مسئولون أمريكيون وأردنيون بشكل خاص فكرة أقامة المنطقة العازلة لمدة أشهر، وفقا لما ذكره مسئول بارز فى الإدارة الأمريكية. واقترح قادة من الجيش الأمريكى أيضا زيادة عدد المدربين الأمريكيين العاملين مع القوات الأردنية وفقا لما ذكره مسئولون أمريكيون.. ومن الممكن أن يقدم العسكريون الدعم الجوي، بما فى ذلك مراقبون تكتيكيون من القوات الجوية الأمريكية ضمن الوحدات البرية الأردنية، حسبما ذكره المسئولون. وأفاد مسئول أمريكى كبير بأن مسئولين مصريين قد افادوا نظرائهم الأمريكيين بأن القاهرة ستكون على استعداد لأن تكون جزءا من قوة استقرار دولية فى سوريا "فى ظل ظروف معينة". ويبحث البيت الأبيض على مدى أشهر خيارات تعزيز دور الولاياتالمتحدة فى دعم الفصائل الأكثر اعتدالا التى تقاتل الرئيس السورى بشار الأسد فى سوريا، وقد اشتكى زعماء فى المنطقة من عدم قيام الولاياتالمتحدة بدور حاسم بالقدر الكافي، وحثوا الولاياتالمتحدة على تحديد مسار وسياسات توقف دور دول لعبت دورا مزدوجا فى كثير من الأحيان. وفى الأسابيع الأخيرة، قام عدد من القادة وكبار المسئولين العرب بزيارة واشنطن لطرح أفكارهم مباشرة على الرئيس باراك أوباما، حيث قال العاهل الأردنى الملك عبد الله الثانى إن سوريا يمكن أن تصبح ملاذا أمنا جديدا للقاعدة، وفقا لما ذكره مسئولون أميركيون. وفى الشرق الأوسط، استمع وزير الدفاع تشاك هاجيل لما أبلغه به وزير الدفاع المصرى عبد الفتاح السيسى وهو أن تفكك سوريا سيكون "كارثة ضخمة" لجميع الأطراف، ليس فقط للأردن ولكن لمصالح اللولايات المتحدة فى المنطقة، طبقا لمسئولين أميركيين. وبعد أن عاد هاجل من جولته، التى شملت إسرائيل والأردن والسعودية والإمارات، كان هو أول مسئول أميركى يقول إن الإدارة الأمريكية تدرس تسليح الثوار السوريين. ويوضح التخطيط الحالى للطوارئ إلى أى مدى أصبح قادة البنتاجون يرون أن تفكك سوريا يمثل تهديا حقيقيا للمصالح الأمريكية فى المنطقة، كما أن تقديم الدعم إلى الثوار يحمل فى طياته مخاطر تسليح القوات المتحالفة مع تنظيم القاعدة دون قصد.. كما أن الابتعاد عن التدخل يمكن أن يؤدى إلى انهيار سوريا على نحو غير نظامي، بما فى ذلك إمكانية وصول الميليشيات الجهادية إلى حكم سوريا.. وقد أثارت فكرة امتداد الفوضى أفكارا وقضايا كان البيت الأبيض والبنتاجون يستبعدانها فى السابق. ولازال البيت الأبيض حذرا بشأن الالتزامات التى يمكن أن تجر الولاياتالمتحدة إلى الحرب، ولازال يبحث أفضل الخيارات.. وقد أعلن الرئيس أوباما أمس التزام بلاده الأخلاقى بوقف إراقة الدماء فى سوريا ومراعاة مصالح الامن القومى الأمريكي، إلا أنه حث على المزيد من الحذر بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية فى سوريا والتأكد منه يقينا وليس بناء على اعتقادات. وقال مسئولون أمريكيون إنه يمكن أن يكون من الأسهل كسب التأييد لتوسيع المشاركة العسكرية الأمريكية لدعم الجهود المبذولة من أجل الإغاثة الإنسانية، ويعتقد المسئولون الأمريكيون أن تنامى مشكلة اللاجئين تمثل مبررا قانونيا للتدخل فى سوريا إذا قررت الولاياتالمتحدة أن حلفاء رئيسيين لها مثل الأردن يتعرضون لخطر التهديد. وفيما يتعلق بإقامة المنطقة العازلة المثيرة للجدل، فقد أعلنت سوريا مرارا وتكرارا أن إنشاء مثل هذه المناطق فى شمال أو جنوب البلاد يعتبر عملا من أعمال "العدوان الأجنبي".. كما أن انشاء منطقة آمنة داخل الأردن يمكن أيضا فى نهاية المطاف أن يؤدى إلى تزايد أعداد اللاجئين إلى الأردن التى تعانى بشدة. وتواجه الولاياتالمتحدة معادلة صعبة، حيث أنها تريد دعم الملك عبد الله الثانى ولكن بدون إضعافه، حيث أن التواجد العسكرى الأمريكى بشكل كبير فى الأردن يمكن أن يأتى بنتائج عكسية ويشعل فتيل الاضطرابات ضد الملك، حيث يرى الإسلاميون أن المملكة أصبحت بالفعل ذراعا للحكومة الأمريكية وإسرائيل، وقد شهدت الأردن عدة احتجاجات ضد تدخل الولاياتالمتحدة فى سوريا. وقد بدأ رؤساء الأركان بالقوات الأمريكية فى تقديم الخيارات العسكرية للبيت الأبيض فى يوليو 2012 التى تراوحت من تدريب وتسليح الفصائل المقاتلة المعتدلة وحتى القيام بضربات جوية على أهداف للدفاع والقيادة الجوية السورية. ومن بين هذه الخيارات، فضل الرئيس أوباما تقديم الدعم غير القتالى عن طريق وزارة الخارجية الأمريكية، وبرنامج محدود للتدريب من وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وعمليات نشر أفراد من الجيش الأمريكى لتدريب القوات الأردنية على كيفية التعامل مع التهديد بأسلحة كيميائية فى سوريا. وفى الآونة الأخيرة، اختار الرئيس أوباما الموافقة على تزويد الولاياتالمتحدة للثوار بدروع واقية للجسد ونظارات الرؤية الليلية، وأشار إلى أمكانية دراسة تبنى خيار تسليح بعض الفصائل المتمردة، وهو اقتراح كان قد رفضه فى العام الماضي.