في السنوات الأخيرة كثر الحديث بين العامة عن موضوع الانشقاق عن الإخوان، وتكلم في هذا الموضوع من لا يعرف ومن لا يفهم، وانتشرت مقولة بلهاء بين الذين لا يفهمون من أنه لا يمكن أن ينشق إخوانى عن الإخوان، وبالتالى فإنه وفقا لهذا يطلبون من الناس عدم الثقة في أي شخص كان في الإخوان وخرج عنهم، وقد أصبح هذا الموضوع سخيفا، خاصة أن الذي مرره ونشره هم الإخوان أنفسهم حتى يُسقطوا مصداقية الإخوان السابقين الذين يكشفون شر الإخوان، ومع ذلك فالأمر يجب أن نشرحه بشكل مبسط، إذ يوجد انشقاق ويوجد انفصال، وهذا غير ذاك، المنشق إنما يكون قد انشق عن التنظيم لا عن الجماعة، وهذا النوع يظل يخدم المشروع الفكرى للجماعة دون أن يقصد إذا قام بترويج الأفكار ولو في نطاق ضيق، فالانشقاق في حقيقته يُعتبر رافدا للتنظيم، ومن أشهر المنشقين وكيل الجماعة الأول في زمن البنا الشيخ أحمد السكرى والشيخ الغزالى والشيخ الشعراوى والشيخ سيد سابق والدكتور عبد العزيز كامل ومحمد حبيب، وهؤلاء تقبل الجماعة أن تعود وتتعامل معهم إذا تغيرت ظروف الخلاف، ولكنهم لا يعودون إلى التنظيم أبدا بل يظلون في إطار الجماعة. ولكن هناك شكل آخر اسمه "الانفصال" والمُنفصل يكون قد عمل قطيعة معرفية مع مشروع الإخوان الفكرى وتبنى مشروعا آخر مختلفا، وهذا يكون قد خرج تماما من إطار التنظيم وإطار الجماعة وأصبح حرا بشكل حقيقي، ومن هؤلاء عبر التاريخ المفكر المصرى الراحل السيد ياسين، وأنيس منصور، وجمال البنا شقيق حسن البنا، والدكتور الراحل نصر حامد أبو زيد، ومختار نوح، وشخصيات أخرى كثيرة، والذين عملوا قطيعة معرفية على نوعيتين، مجموعة أخذت على عاتقها كشف دموية هذه الجماعة وفساد أفكارها، وهؤلاء يتعرضون لاغتيال معنوى واتهامات بالعمالة للأمن والردة عن الدين بل طالت البعض اتهامات بالإلحاد، ويتعرضون جميعا لتهديدات مستمرة وبعضهم يتعرض لتضييق في الرزق ومواجهة مجتمعية لا ضمير لها من رفاق الماضي، أما النوع الآخر فهم الذين لم يوجهوا جهودهم لكشف فساد فكر الإخوان، ولكن انصب اهتمامهم بالتبشير لمشروعهم الفكرى الخاص بهم مثل الراحل السيد ياسين ونصر حامد أبو زيد فهؤلاء لم يتعرضوا لأى أذى مباشر من الإخوان باستثناء ما فعلوه مع نصر حامد أبو زيد، أما أنا فقد انفصلت عنهم فكريا وتنظيميا وقمت بعمل قطيعة معرفية مع أفكارهم الفاسدة، وظللت أحاربها وأواجهها بلا توقف منذ 16 عاما وحتى الآن، فهل عرفتم الانشقاق والانفصال؟ إذن قولوا لمن لا يعرفون ولا يفهمون.