محل صغير مُحاط بالألوان المبهجة من كل جانب.. تمامًا مثل كل تفاصيل وأرجاء قرية غرب سهيل بأسوان، يجلس فيه شاب ثلاثيني بشرته تحمل لون طمي النيل.. صامتًا منصتًا لصوت الطبيعة الساحرة من حوله، يغزل بالنول اليدوي "شال نوبي" لا تقل بهجة ألوانه عن جمال الألوان والطبيعة في كل أنحاء ومنازل البلدة الطيبة. يبدو لمن يتابعه من بعيد كأنه يعزف على آلة موسيقية بأنامل خبير وبتأنِِ وصبر ودقة متمرس في هذه المهنة، "تعلمت المهنة من والدي وماليش مهنة غيرها.. هي مصدر رزقي"، هكذا قال محمد الذي لا يملك سوى خيوطه وما ينتجه من "الشيلان".. وأسرة صغيرة تعيش على "لقمة العيش" التي يحصل عليها الأب من منتجاته اليدوية تلك.. والتي تخرج إلى النور بعد عمل شاق ومرهق " أنا ممكن أقعد يوم كامل أعمل فيه شال واحد أو اتنين بس". السياح والمصريون على حد سواء هم زبائنه.. لا يخرجون من "غرب سهيل" إلا وهم مسحورون بكل تفاصيلها ودون أن يحملوا من أرض الطيبة والألوان والجمال تذكار.. لذا فإن مشروع "محمد" ناجح ومضمون "على الرغم من كده إلا إن في أوقات كتير مش بكسب حاجة". "أنا نفسي في مصدر رزق ثابت عشان أقدر أعيش أنا وأسرتي في أمان".. هكذا أكد صاحب الأنامل الذهبية الذي لا يأمل في هذه الحياة سوى استقرارا ماديا وتشجيعا من بلاده لما ينتجه هو وأهل قريته من منتجات يدوية إن أحسن استغلالها وترويجها ستجلب لهم وللدولة الخير الوفير.