اختتم الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، زيارته الرسمية للفاتيكان شارك خلالها في عدة فاعليات مهمة، استهدفت تصحيح صورة الإسلام التي تتعرض إلى تشويه متعمد في الفترة الأخيرة، ومثلت هذه الزيارة مهمة قومية تأتي في إطار الاستخدام الأمثل للقوة الناعمة لمصر. لقاء البابا فرانسيس استهل مفتي الجمهورية جولته بلقاء قداسة البابا فرانسيس في مقر الكرسي البابوي بالفاتيكان، وأوضح مفتي الجمهورية خلال اللقاء أن مصر قيادة وشعبًا تثمن ما يقوم به البابا فرانسيس من جهود كبيرة لنشر السلام والمحبة حول العالم، مؤكدًا على أهمية تعاون القيادات الدينية في حل الأزمات العديدة التي تتعرض لها الإنسانية في الفترة الحالية، وأعرب مفتي الجمهورية عن تطلعه لرؤية البابا فرانسيس في القاهرة تلبية لدعوة الرئيس عبدالفتاح السيسي له لزيارة مصر. من جانبه أكد البابا فرانسيس لمفتي الجمهورية اعتزازه بمصر قيادة وشعبا، باعتبارها من أهم دول المنطقة، ومشددًا على أهمية تعزيز التعاون الديني بين الفاتيكان والمؤسسات الدينية في مصر محاضرة بالجامعة البابوية وأكد الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ضرورة التركيز على القواسم المشتركة بين الأديان، مشيرًا إلى أهمية إدراك أتباع الأديان المختلفة هذه القواسم المشتركة إدراكًا واعيًا والتمسك بها، وأضاف مفتي الجمهورية في محاضرة ألقاها أمام ممثلي الأديان في الجامعة البابوية بالفاتيكان أن التمسك بالقيم الدينية، وفي مقدمتها الرحمة والسلام والمحبة سينزع فتيل أي نزاعات تنشأ بين البشر بسبب الدين. وشدد مفتي الجمهورية في كلمته أمام القيادات الدينية أن المسئولية المشتركة تحتم علينا جميعًا أن نعمل سويًا لاجتثاث جذور التطرّف والإرهاب باسم الدين، مشيرًا إلى أن الإسلام يحظر الاعتداء على أي نفس بشرية بغض النظر عن دينها أو معتقدها أو عرقها، وأوضح مفتي الجمهورية أن العالم أحوج ما يكون إلى منتديات تعين على حوارٍ حقيقي نابع من الاعتراف بالهويات والخصوصيات، "الحوار الذي يظل محترمًا ولا يسعى لتأجيج نيران العداوة والبغضاء أو فرض الهيمنة على الآخر؛ الحوار القائم على أساس التعددية الدينية والتنوع الثقافي، الحوار الذي أبدًا لا ينقلب إلى حديث أحادي" على حد قوله. وأشار المفتي في كلمته إلي أن الإسلام نسق عالمي مفتوح لم يسع أبدًا إلى إقامة الحواجز بين المسلمين وغيرهم؛ وإنما دعا المسلمين إلى ضرورة بناء الجسور مع الآخر بقلوب وعقول مفتوحة. وشدد مفتي الجمهورية على أن الفتوي الصحيحة تهدف إلى بيان صحيح الدين وتصدر بضوابط ومعايير وشروط محددة وهم من نطلق عليهم أهل التخصص. وأضاف المفتي أن المتطرفين موجودون في كل الأديان، وليسوا محصورين في الإسلام فقط، ويجب الاستجابة العاجلة والعمل الجماعي للتصدي لجرائم الإرهاب ومنع وقوعها ضد المدنيين الأبرياء باسم الدين أو العرق أو أية ذريعة أخرى. سفير الاتحاد الأوروبي والتقى الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية، جان تومبينيسكي سفير الاتحاد الأوروبي لدى الفاتيكان، موضحًا خلال اللقاء أن دار الإفتاء حريصة على نشر صحيح الدين، وتبذل جهودًا كبيرة لتقديم إرشاد ديني صحيح، يؤهل المسلم في العالم أجمع لأن يتعايش مع غيره. وقال مفتي الجمهورية: إننا نسعي من جانبنا في دار الإفتاء على التواصل مع الجاليات المسلمة في أوروبا، ودعمهم من الناحية الشرعية سواء في جانب التدريب أو الإصدارات أو في الفضاء الإلكتروني، ونحن على أتم الاستعداد لمناقشة أي تعاون مثمر يصب في مصلحة جميع الأطراف". وأشار المفتي خلال اللقاء إلى أن دار الإفتاء المصرية ترفض كل أشكال العنف والإرهاب باسم الدين، مشددًا على أن ما يحدث من قبل التنظيم الإرهابي الذي يطلق على نفسه مسمى الدولة الإسلامية لا يقره شرع ولا دين. وعرض مفتي الجمهورية ما تقوم به دار الإفتاء من جهود كبيرة لتفكيك الأفكار المتطرفة والرد عليها بشكل علمي لتحصين الشباب من الوقوع في براثن هذا الفكر المنحرف. نائب وزير الخارجية بالفاتيكان كما التقى مفتي الجمهورية، القس أنتونيو كاملاري، نائب وزير خارجية الفاتيكان، وأكد المفتي خلال اللقاء أن فهم الدين على النحو الصحيح يحتاج إلى متخصصين يفهمون النص الشريف ويدركون الواقع المعيش ويعرفون كيفية الوصل بينهما. وأوضح المفتي أننا في مصر نعالج قضايا التطرف الديني من منطلق رسالتنا الأساسية بأن الهدف الأسمى لكل الأديان هو تحقيق السلم العالمي، وأشار المفتي خلال لقائه أن الانتصار في حربنا الفكرية ضد التشدد هو انتصار للقيم الإنسانية بشكل عام وتحقيق للاستقرار العالمي. وشدد مفتي الجمهورية على أن الإسلام أقام حضارة إنسانية أخلاقية وسعت كل الملل والفلسفات والحضارات وشاركت في بنائها كل الأمم والثقافات، مضيفا أننا كمسلمين استوعبتا تعددية الحضارات. وأكد أننا فخورون بحضارتنا لكننا لا نتنكر للحضارات الأخرى، فكل من يعمل على التنمية البناءة في العالم شريك لنا.