من منا لم يشعر أنه يُكفر عن كل سيئاته وهو يمر ذهابًا وإيابًا أمام سوق الهانوفيل؟! من منا لم يفكر ويعمل حساب ضياع وقته وهو يمر ذهابًا وإيابًا أمام سوق الهانوفيل؟! من منا لم يخف من التحرش بنسائه وهن يمررن ذهابًا وإيابًا أمام سوق الهانوفيل؟! من منا لم يقلق على أولاده من البلطجية وهم يذهبون إلى المدارس التي حول سوق الهانوفيل؟! نعم، نحن أمام أخطر بؤرة في حي العجمي.. نعم، نحن أمام دولة داخل الدولة! لا تتعجب من ذلك التشبيه، ف"لدولة سوق الهانوفيل" كل مقومات الدولة: لها جيشٌ من البلطجية يدافع عنها طوال ال24 ساعة، وجامعون للضرائب، عفوًا "الإتاوات" من أجل الحماية، بل لديها أيضًا قناة أشبه بقناة السويس أو قناة بنما للعبور من منطقة "قبل السوق" إلى منطقة "بعد السوق"!.. بل إن لديها نشيد قومي هو «أبجني تجدني»! ولدى دولة «سوق الهانوفيل» أيضًا علمًا يرفرف إناء الليل وأطراف النهار، أسود بلون الضمائر التي ماتت وبيعت في سوق نخاسة رخيص لمن يدفع أكثر! لديها متحف هو مبنى الصحة ونقطة الشرطة القديمين والتي تم احتلال مبانيهما بأقفاص الفاكهة وصناديق الخضار! وشاهد عيان على جبروت وتحكم من بالسوق! لديها "رجال أعمال" مستفيدون هم بعض موظفي الحي معدومي الضمير الذين باعوا أنفسهم ووطنهم للشيطان من أجل حفنة من النقود فسخَّروا أنفسهم وطوَّعوا القوانين من أجل منفعة التجار وضد المواطن المطحون! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة في الجمهورية التي قام رئيس الحي بتقنين تجاوزاتها وأذعن لها، وقام بالموافقة على احتلال رصيف المشاة بالكامل وحارتين من نهر الطريق، وعمل حواجز معدنية للباعة الجائلين قبل السوق وبعده! ويا ليتهم اكتفوا بهذا، بل رويدًا رويدًا زحفوا على باقي الحارات، فتقلص نهر الطريق من 5 حارات إلى حارة يتيمية تجعل من يسوقه حظه العثر أن يمر من هناك مهددًا بضياع سنوات شبابه وعمره قبل أن يتخطي هذا المكان المنيع! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة في الجمهورية التي تسببت في غلق مكتب صحة الهانوفيل بعد أن تحولت الوحدة - بالبلطجة - إلى مخزن لكل أنواع المنتجات التي تباع بالسوق، وبدلا من مجابهة ذلك تم نقل الوحدة!.. ولا عزاء لصحة المواطن! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة بالجمهورية التي تعمل طوال ال24 ساعة وأصوات البائعين وضوضاؤهم لا تتوقف ليل نهار! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة في الجمهورية المضاءة بمصابيح قادرة على إنارة استاد كرة قدم كبير لإقامة مباراة دولية عليه ليلًا، والأعجب أن هذه الإضاءة "مسروقة"، لكن الأدهش أنه لم يُدون محضر يتيم لسرقة التيار لأي شخص هناك! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة في الجمهورية التي يعمل بها أطفال دون سن العمالة، وتُغتال براءتهم دون أن تهتز أي هيئة معنية بالطفل أو منظمة من منظمات المجتمع المدني! سوق الهانوفيل هي السوق الوحيدة في الجمهورية التي تقام فيها المزادات عن قطع من أراضٍ بعرض الطريق لا تتجاوز الأمتار اليتيمة! أسعارها تفوق أسعار شقق على كورنيش الإسكندرية نفسه! ورغم كل ما سبق، والذي يعلمه القاصي والداني، ورغم الرائحة "النتنة" التي تزكم الأنوف من مستعمرات قوى الشر وفساد الذمم، رغم كل ذلك لا يحرك الحي ورئيسه مقدار أنملة تجاه كل ذلك! والخلاصة عزيزي المواطن.. للأسف الشديد، سوق الهانوفيل مثال صارخ وواضح على تحالف قوى الشر من أجل المصالح الخاصة وضعف الضمير وخنوع الأجهزة الرقابية والتهاون وغض البصر والاستهانة بحقوق المواطن البسيط! نعم يا سادة، نحن في دولة سوق الهانوفيل!. ولا عزاء لدولة القانون!!