«حسنة يا بيه.. لقمة يا هانم.. مناديل يا أستاذ» كلها نداءات بات من المعتاد تطاردك أينما وجدت في الشارع، كذلك صار عاديا أن تجد سيدة أو رجلا كهلا يستغل طفلًا صغيرًا أو طفلة للتسول واستعطاف المواطنين لشراء مناديل ورقية أو ما شابه، إلا أن الأمر الذي يدعو للغرابة حقًا أن تجد أطفالًا لم يتخطوا عمر الزهور لديهم من اللباقة والتنوع في طريقة العرض للتسول ما يبهرك ويحزنك. فتاة لم تتخط ال7 أعوام، وفقًا لقولها، تحاول بكل الطرق الممكنة الوصول لما تريد من أموال، قائلة «يا أستاذ اديني حاجة.. والنبي.. جعانة وعاوزة آكل»، وقبل أن تعطيها ما تريد بروح من الدعابة تسألها «معاكي فكة 100»، سؤال غريب ولكن الأغرب أن تجد الفتاة ببراءة الطفولة بالفعل تخرج «فكة ال100 جنيه»، وتزيد الأمر دعابة حينما تسألها «تجيبي نصهم؟»، فترد الطفلة بهلع وذعر «لا لا ماما تكهربني لو الفلوس نقصت» وتتركك مهرولة. دقائق ويأتي طفل آخر يكبرها بعام أو اثنين على الأكثر، ولكن لباقته تزيده من العمر عشرات الأعوام، حاملًا في يديه مجموعة من «المصاحف» لبيعها، قائلًا، «أنا مش شحات أنا ببيع وأكسب من عرقي.. البنت اللي كانت واقفة دي شحاته أنا لأ» وبسؤال الطفل «أنت تعرف البنت دي؟!»، وهنا تأتي الصدمة، مجيبًا «آه دي أختي.. بس هي بتشحت وأنا لأ»، ويستطرد في الحديث قائلًا أنا بكسب في الشهر مش أقل من 1000 جنيه، أو ممكن 100 جنيه في اليوم على حسب اللي بيشتري في واحد يديني 10 وواحد يديني 50 أو 100، وبسؤال الطفل عن إمكانية أن يعمل معه طفل آخر، أجاب بنبرة «ريس أنفار»، آه ينفع يشتغل معايا ونكسب أنا وهو 1000 جنيه في الشهر، وماما تاخد 2000. رغم ما يحمله الطفل أو الطفلة من خفة دم ولكن مشقة السنين التي تجمعت على كاهليهما جعلت منهما مسنين، وزاد الأمر سوءًا أن من تحمل بيدها «الكرباج»، هي من قال عنها رسولنا الكريم «الجنة تحت أقدام الأمهات»، تلك السيدة التي لم تمت للأمومة بصلة إلا ب«الحمل والولادة».