"البقاء والبناء" هذا هو ما ينبغى أن يعمل له الجميع الآن، ولا يصح أن نرى وطنا يتألم، ويئن من وطأة خلافات ومعارك لا طائل منها.. لم تعش مصر طوال تاريخها مثل هذا الاستقطاب والانقسام.. بعض أبناء الوطن يمضى به في مسار خاطئ لا يتوانى أعداء الخارج عن استغلاله وتوظيفه لتشويه صورة مصر وإرباكها، ودفعها لمزيد من التوتر والاحتقان وشق الصف الوطنى في وقت نحن أحوج ما نكون لإعلاء المصالح العليا للبلاد.. ولا يصح أن نرى نخبة تتصارع هكذا وتتجاذبها خلافات تجرنا للوراء، بعد أن بات التشكيك في كل شيء وأى شيء، ونشر اليأس والإحباط هو عنوان المرحلة.. وأحسب أن الشعب المصرى قد سئم مثل هذه الانقسامات التي يكرسها إعلام منفلت يزرع الفتن ويؤجج الصراعات ويعمق الخلافات في غيبة مواثيق الشرف الإعلامي، وشيوع العشوائية والحروب الكلامية وغياب القانون والالتزام بقضايا الأمة، واندلاع أزمات تمس مؤسسات الدولة، وتضعها في مواجهة غير محسوبة العواقب مع بعضها البعض، لا لشيء إلا لأن البعض فقد بوصلته وغايته، ونسى الهدف والغاية والوظيفة الحقيقية لكل مؤسسة وطنية، فالنقابات مثلا لا ينبغى لها أن تنخرط في نشاط سياسي، أو تجعل نفسها فوق الدولة أو دولة داخل الدولة، بل عليها واجب النهوض بأحوال أبنائها وتحسين مستواهم المهنى والمعيشي.. حتى لا تجد نفسها في مواجهة مع الدولة أو الشعب أو حتى مع نفسها.. المرحلة الحالية تتطلب منا المكاشفة والمصارحة ومراجعة المواقف والاعتراف بالأخطاء والمبادرة بتصحيحها ذاتيًا حتى نستعيد وحدة الصف والموقف، ونتمكن من مواجهة التحديات بجبهة داخلية متماسكة لا تنابز فيها ولا مشاحنات.. فالمتربصون بالدولة يسعون لتفكيك أعمدتها وزرع الفتنة بين مكوناتها، لا سيما الأعمدة الرئيسية، كالجيش والشرطة والقضاء والإعلام. انتبهوا لهؤلاء ولا تعطوا لهم الفرصة لكى يحققوا أهدافهم المريضة وأجنداتهم الخاصة.