أعتقد أن المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، أول من يعلم أن الثقة التي منحها له مجلس النواب بأغلبية كاسحة، لا تعني الموافقة على برنامج الحكومة الذي ناقشه أعضاء المجلس.. وكان لهم اعتراضات جوهرية على ما تضمنه من خطط لا ترقى إلى طموح الجماهير.. والحقيقة أن اعتراضات النواب بدأت قبل أن يقدم إسماعيل بيان حكومته إلى مجلسهم، بسبب ممارسات وزراء الخدمات الذين ووجهوا بعواصف من نقد النواب، سواء تحت قبة البرلمان أو عبر وسائل الإعلام، لم يستقبل الموطنون حكومة إسماعيل بترحاب، وانعكس هذا الموقف على النواب الذين انتقدوا بشدة بيان الحكومة، رغم التأييد الذي حصلت عليه، وأعرب أخلص المؤيدين على أنهم اتخذوا مواقفهم خشية أن تتعرض البلاد لأزمات قد تدفع بحل البرلمان، وأشار البعض إلى أن الموافقة جاءت على أرضية احترام اختيار الرئيس الذي اختار حكومة إسماعيل. وكان هناك وجهة نظر أخرى، تبناها 38 نائبا، رفضوا إعطاء الثقة لحكومة إسماعيل.. باعتبار أنها لم تثبت كفاءة تذكر منذ تولت المسئولية، وأنها وفق تقديرهم غير قادرة على مواجهة التحديات.. ولم تخف انحيازها للأغنياء على حساب الفقراء، الذين يمثلون أغلبية سكان مصر. يبقي ما أثاره غياب 118 نائبا عن أهم جلسة يعقدها المجلس، وفيها يوافق على منح الثقة للحكومة أو حجبها عنها وتشكيل حكومة جديدة، وهو الإنجاز الذي لم يتحقق للمجالس السابقة، ورغم ذلك تغيب هذا العدد الكبير من النواب.. دون أسباب معلومة. والسؤال.. إذا كانت رسائل النواب التي تتضمن الأسباب التي دفعتهم لمنح حكومة إسماعيل الثقة.. قد وصلت إلى رئيس الوزراء فكيف استقبلها! أعرب إسماعيل على أن حكومته ستضم ملاحظات النواب إلى البرنامج الحكومي باعتبارها جزءا منه، وتعتبرها تكليفات تنفذ، كما تعهد بتقديم تقرير دوري عن الإنجازات كل ست شهور، وأن حكومته ملتزمة بالقضاء على الفساد.. ونقول «أفلح إن صدق» وبقدر حريته في تنفيذ الوعود التي قطعها على نفسه.. والتزم بها أمام مجلس النواب، سيلقي تأييدا ليس من النواب وحدهم.. إنما من المواطنين جميعا الذين طال شوقهم لتخفيف المعاناة الطويلة ولم يعد في مقدرتهم احتمالها أكثر من ذلك. دعم الحكومة في تنفيذ برامجها واجب على النواب، ومحاسبتها على الإخفاقات مسئولية المجلس.