بعد أن استتب له الأمر على أرض فلسطين، كانت الخطوة الأولى للعدو الصهيونى هي تطبيع العلاقات مع أنظمة الحكم العربية.. وقد حرص منذ اللحظة الأولى على أن يؤكد أنه صاحب الذراع الطويلة، وأنه العدو الذي لا يقهر، حيث ضمنت له الإدارة الأمريكية تفوقا عسكريا ساحقا.. ولأن لكل نظام حكم أسلوبه وطريقته، فقد تعددت وسائل العدو الصهيونى في التأثير والضغط على هذه النظم لينال مراده.. وعلى النقيض من نظم الحكم العربية، فشل المخطط الأمريكى الصهيونى في تطبيع العلاقات مع الشعوب العربية، رغم المحاولات الكثيرة التي بذلها.. كانت هناك محاولة عبر محورى الثقافة والإعلام، وذلك لما لهما من تأثير في العقول والأفهام، لكنهما لم يلقيا التجاوب المأمول.. وبعد مناقشات ودراسات قام بها أئمة الفكر الإستراتيجي، ومراكز الدراسات والبحوث والاستخبارات العالمية في أمريكا، عثر المخطط الأمريكى الصهيونى على ضالته، وهى الإخوان؛ فلهم تنظيم دولى يضم عشرات من التنظيمات المحلية في الدول العربية والإسلامية، فضلا عن أمريكا وأوروبا.. أدرك الإخوان أم لم يدركوا هذا المخطط، فإن الشعوب ما كانت لتقبل ذلك أبدا.. في مصر، كانت الظروف مناسبة للغاية، فقد حدثت ثورة 25 يناير، ونحى الرئيس مبارك، وأصبح الطريق ميسرا أمام الإخوان.. وفى يوليو 2012، وقعت الاتفاقية بين حماس والعدو الصهيونى برعاية أمريكية وضمان الحكومة المصرية.. وفى نفس الشهر، حمل السفير المصرى الجديد معه إلى دولة العدو الصهيونى، خطابا من الدكتور مرسي للسفاح «شيمون بيريز»، يقول له فيه «نتمني الرغد لبلادكم»(!!!) وجاءت ثورة 30 يونيو، وأطيح بحكم «المرشد» في 3 يوليو 2013، ومعه أطيح بأحلام الإدارة الأمريكية والعدو الصهيونى في التطبيع مع الشعب المصرى.. وكان لابد من البحث عمن يقوم بإثارة هذا الأمر من جديد... ووجد العدو الصهيونى ضالته هذه المرة في نائب برلمانى قام في لحظة خاطفة باستضافة السفير «الإسرائيلى» في القاهرة في منزله، كى تأخذ قضية التطبيع هذا الزخم الضخم على المستوى الإعلامي.. قال البعض: إن الرجل لم يخالف القانون، فالنظام المصرى يطبع العلاقات مع العدو الصهيونى.. فماذا في ذلك؟! وتناسوا أن الشعب المصرى - عن بكرة أبيه - ضد التطبيع، وأن اتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام فرضتا على الحكومة المصرية فرضا في مقابل تحرير سيناء، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل رجع النائب إلى أهل دائرته الذين انتخبوه ليستطلع رايهم في هذا الموقف قبل أن يتخذه؟ لو كان ذلك حدث، لعرف الرجل حجم الغضب في صدور الناس، ولأدرك أن المسالة ليست بهذه السهولة التي تصورها..