انتبه المعلم فتلة إلى أن زبائن قهوته مندمجين في تصفح جريدة حكومية وكل منهم يناولها للآخر ويكتم ضحكة تكاد تنطلق منه ويخشى أن يراه أحد وكأنها ممنوعات، أثار الأمر فضول المعلم فتلة وانتهى الأمر بأن سلموه الجريدة مع تحذيره بأن لا يراها أهل بيته لأن فيها ما يخدش الحياء، اعتبر الأمر مجرد مبالغة من زبائن يستخفون دماءهم عليه فالجريدة حكومية بامتياز فكيف يكون فيها ما يخدش الحياء وما إن تداعت السطور تحت عينيه حتى غليت الدماء في نافوخه وانتفض كمن لدغه حنش، وانتظر على أحر من الجمر اجتماع شلة الأنس في نهاية كل مساء.. فتوح: يا معلم فتلة شكلك سخنت وبتقول كلام مجانين إزاى كلام السطل دا يبقى أدب وتفانين.. دا كلام حوارى وقلة أدب عايزنى إزاى أصدق أنه منشور في أخبار الأدب.. لو جبت لى عقل فوق عقلى لا يمكن يخش النافوخ.. دا كلام مهيس يودى صاحبه جهنم بصاروخ.. زينهم: يا معلم أنا عرفت إنه اتسجن سنتين وفى ناس كتير بتدافع عنه مش عارف طلعوا منين.. فتلة: خلاص اللى بيدافع عنه يدينا عنوانه وإحنا نبعت اللى كتبه دا لعياله ونسوانه.. فتوح: إحنا لسه شعب عنده خشا بيكمل حياته نوم بدل العشا، عنده من المشكلات اللى تخلى العقل يجن مش هيبقى ناقصة حد يفرض ذوقه العفش باسم الأدب والفن.. بقينا متحوطين بأصحاب الأذواق المريضة.. يصبوا في عيونا وودانا العفن وكأنه فريضة.. زينهم: بس متأخذنيش يا معلم في اللى هقوله ولازم يتقال.. السجن بيعمل من الناس دى أبطال ومش كل حد هيهلفط بكلمتين نقوم نحبسه.. كفاية بس إن إحنا نجرسه.. فتلة: دا لما يكون فكر وكلام له قيمة.. مش ناس بتبيع لنا الأونطة وشغل سيما.. وما تلعبش البخت في رأسي.. أنا هنا ماشى ورا إحساسي.. فتوح: الحكاية عاملة زى الفرخة الأول ولا البيضة.. أحترم عقل الناس ولا أعمل دماغهم ميضة.. الواحد من دول يكتب كلام عفن أو يقدم لحم أبيض والاسم فن.. هيقع تحت القانون الأزلى اللى اسمه الأخلاق.. هب ساعتها يعيط ويقول واء واء.. طب من الأول يا ابن الناس ولا أنت غاوى شهرة ومنظرة.. وتصرخ وتقول بتحاكم علشان رأيى وعملولى مجزرة.. وهنا صرخ فتلة وقال: بس بقى يا عم أنت وهو كفاية هزار، وطفوا بقى النار، دى الدماغ بقت ملحوسة، وكلامنا كله هلوسة.