مع كل عيد أو مناسبة عامة تقترن بالتجمع في الحدائق والأماكن العامة، يتجدد الحديث عن التحرش السافر بالفتيات، وأصبح لسان حال كثير من أفراد المجتمع يقول: "المفروض البنات تقعد في البيت وتبعد عن التجمعات في الأعياد والمناسبات، حتى لا يتعرضن للتحرش". ولكن الفتيات يجدن في هذا الرأي ظلما بيّنا لهن، فبدلا من معاقبة الجاني وتحجيمه، وتعليمه احترام حريات الآخرين، وعدم التعرض للفتيات، لأن هذه جريمة يعاقب عليها القانون، نحبس المجني عليه، ونمنعه من التنفس. وتشير دكتورة عبلة إبراهيم مستشار العلاقات الإنسانية وأستاذ التربية، إلى أن التجمعات في الأماكن العامة أوقات الأعياد والمناسبات المختلفة، والتي تكون إجازة عامة، يستغلها المتحرش في التعدي على الفتيات، نظرا للحشود الغفيرة فيصبح من الصعب الإمساك به، أو التعرف عليه، فالتزاحم الشديد يعد تربة خصبة له، ولذلك يمنع الكثير من أولياء الأمور البنات من الخروج في مثل هذه الأوقات. تضيف دكتورة "عبلة": على الرغم من أن هذا الحل قد يحمي الفتيات من التعرض لتجربة التحرش، إلا أنه يترك في نفسياتهن أثرا آخر سلبيا، وهو الهروب من حل المشكلة، وعدم الدفاع والمقاتلة من أجل الحصول على حقوقهن، فمن حق الفتاة أن تسير آمنة في الشارع، وأن تتنزه في الأماكن العامة التي وفرتها لها الدولة. وتؤكد دكتورة "عبلة" أن الحل في يد مؤسسات الدولة المعنية بتوفير الأمن والأمان للمواطن، مع التكاتف والتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني المختلفة، لحماية الفتيات والضرب بيد من حديد على رأس كل من تسول له نفسه أن يتعدى على فتاة ويتحرش بها، وبالفعل هناك بعض الجمعيات الشبابية والمجتمعية التي تنظم حملات من أفضل الشباب المصري المحترم المتزن، ويجوبون الشوارع في الأماكن التي تتسم بالزحام الشديد في الأعياد والإجازات الرسمية، لحماية الفتيات، ورصد المتحرشين والقبض عليهم، وتسليمهم للعدالة. وتشدد دكتورة "عبلة" على ضرورة معاقبة المتحرش بشدة، وعدم التهاون معه، ولا يجب على الفتاة أن تتنازل عن حقها عندما يتم القبض على من تحرش بها، ولا أن تشعر بالحرج من ذلك، فالمتحرش هو من عليه أن يشعر بالخزي من فعلته. وتوضح دكتورة عبلة أن هناك بعض الأفكار البالية التي يستغلها المتحرشون، والتي يجب أن نتخلص منها، وهو خوف الأهل من فضيحة الفتاة عندما يتم القبض على المتحرش، على الرغم من أن الفضيحة الحقيقية لا بد أن تكون للمتحرش نفسه، ولا بد أن تشعر الفتاة بالفخر والانتصار، لمعاقبة من حاول التعدي عليها، وعلى أسرتها أن تساندها في ذلك، وأن تنشر صور ابنتها وكذلك المتحرش في كل مكان ليكون عبرة للباقين، وأن تكون ابنتهم مثالا يحتذى به.