ونحن نحتفل اليوم، بذكرى مولد رسول الرحمات "محمد بن عبدالله" صلى الله عليه وسلم، وهذه الذكرى العطرة التي تمر علينا كل عام لتذكرنا باليوم الذي ولد فيه أشرف خلق الله، تمر عليّ شخصيًا بمزيد من الحزن والأسى نظرا للإساءة التي يتعرض لها النبي الكريم على يد تنظيم الدولة اللاإسلامية "داعش". جلست كثيرًا أفكر في كتابة هذا المقال للرد على الجماعات والتنظيمات، الذين يدخلون " محمد رسول الله " في كل تحركاتهم وأفعالهم، سواءً أكان يوضع على علم من إعلامهم أم يجاهرون به عند قتل النفس، ووجدت أننى شخص غير مؤهل للكتابة عن هذا الرجل العظيم، لكن قررت أن أكتب ما بداخلى وداخل الجميع. توغلت في مجتمعاتنا في الآونة الأخيرة، العديد من التنظيمات والجماعات المسلحة، ومنهم من أطلق على نفسه تنظيم الدولة الإسلامية "داعش" تحت راية " لا إله إلا الله - محمد رسول الله "، ونصرة رسول الله وتطبيق الدين الذي نزل به. وقامت هذه الجماعات بنشر المجازر في كل مكان تتواجد به، ونشر الخراب والدمار والتفجيرات والاعتداء على النساء، وأخذهن سبايا لهم كما يزعمون، وذبح غير المسلمين، وأيضًا المسلمين الرافضين لفكرتهم، تحت راية تزعم انتمائها ل" محمد رسول الله ". ومن المؤسف ما وجدته في الآونة الأخيرة، من أناس ليسوا في تنظيمات أو جماعات، ويؤيدون أفكار الدواعش ويناصرونهم من داخلهم، بحجة تطبيق الإسلام وتنفيذ تعاليم رسول الرحمات "صلى الله علية وسلم". فالرسول الكريم بريء من كل هذا، من قتلكم الأنفس ومن نشركم الخراب والدمار والتفجيرات، ومن تطاولكم على النساء وأخذهن سبايا لكم ومن ذبحكم لغير المسلمين. وهنا أخاطب هذه التنظيمات والجماعات ومن يناصرونهم، وأخاطب أيضا من ظن أن الإسلام دين رق وعبودية ودين عنف ودم، وأضعكم أمام مواقف لرسول الله، واحكموا، هل هذا محمد الذي تقصدونه في كل أفعالكم وتقولون إنكم تنفذون تعاليمه، وأقول للطرف الآخر هل هذا محمد وهذه تعاليم دينه التي تدعو للعنف والدم والرق. فأستعرض أول موقف لرسول الله " صلى الله علية وسلم " مع النصرانى عدى بن حاتم هو رئيس قبيلة طيء وابن حاتم الطائى أكرم وأجود العرب والذي قال في رسول الله "حيث بعث فكرهته أكثر ما كرهت شيئًا قط" وقال عدى عند مقابلته مع محمد صلى الله عليه وسلم: "فخرجت حتى أقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، فدخلت عليه، وهو في مسجده، فسلمت عليه، فقال: من الرجل ؟، فقلت: عدي بن حاتم، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بي إلى بيته، فوالله إنه لعامد بي إليه، إذ لقيته امرأة ضعيفة كبيرة، فاستوقفته، فوقف لها طويلا تكلمه في حاجتها، قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بملك، قال: ثم مضى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا دخل بي بيته تناول وسادة من آدم (جلد) محشوة ليفا فقذفها إليَّ، فقال: اجلس على هذه، قال: قلت: بل أنت فاجلس عليها، فقال: بل أنت، فجلست عليها، وجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأرض، قال: قلت في نفسي: والله ما هذا بأمر ملك". ويأتينى في الذاكرة موقف رسول الله مع الشاب الذي أتى إليه وطلب أن يزنى وماذا كان رد رسول الله عليه فيقول ابن أمامة: "إن فتىً شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم.. فقال: يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه.. وقالوا مه مه ! فقال: اِدنه، فدنا منه قريبًا، قال: فجلس. قال أتحبُّه لأمك ؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأمهاتهم. قال أفتحبه لابنتك ؟ قال: لا والله يا رسول الله ! جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لبناتهم. قال أتحبُّه لأختك ؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لأخواتهم. قال أتحبُّه لعمتك ؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لعماتهم. قال أتحبُّه لخالتك ؟ قال: لا والله، جعلني الله فداك. قال: ولا الناس يحبونه لخالاتهم. قال: فوضع يده عليه، وقال: اللهم ! اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصن فرجه. فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء، وهنا لم يلجأ رسول الله لنهره أو لسبه أو لقتله، كما يفعل من يرددون يوميا أنهم يناصرون رسول الله وينفذون تعاليمه.
ويحضرنى موقف رسول الله مع جاره اليهودى الذي كان دائما يلقى القاذورات أمام بيت رسول الله وذات يوم خرج رسول الله ولم يجد القاذورات أمام بيته فما كان منه الإ أن سأل عن جاره وعلم أنه ملازم الفراش لمرضه فذهب له، صلى الله عليه وسلم، واستأذن منه الدخول فأذن له ودعا له رسول الله بالشفاء، فسأل اليهودى رسول الله: "ما أدراك أنى مريض" فضحك رسول الله وقال له من عادتك التي انقطعت، فبكى اليهودى من شدة خلق رسول الله. فالمواقف كثيرة لا أستطيع أن أحصرها في مقالة واحدة، ولكننى أريد أن أطرح سؤالى على من يتهم دين محمد بالعنف ومن يأخذ من محمد ودينه ستارًا للعنف "هل هذا محمد الذي تقصدونه ؟". سرت بشائر بالهادي ومولده في الشرق والغرب مسرى النور في الظلم تخطفت مهج الطاغين من عرب وطيرت أنفس الباغين من عجم ريعت لها شرف اليوان فانصدعت من صدمة الحق لا من صدمة القدم أتيت والناس فوضى لا تمر بهم إلا على صنم قد هام في صنم والأرض مملوءة جورا مسخرة