رحل الزعيم الخالد جمال عبد الناصر، فقال نزار قبانى "قتلناك يا آخر يا الأنبياء"، واليوم بعد سنوات طويلة من رحيله، عادت ذكرى "ناصر " العطرة أكثر زهوا من سنوات مضت فيها ك"سحابة صيف"، الرئيس عبد الفتاح السيسي، جاء ليؤكد أن مصر، ومن بعدها المؤسسة العسكرية يحملان في رحمهما "مليون ناصر"، يخرجون في "الليلة الظلماء"، ليمنحو البسطاء "دفء البدر" وروعة "الليالي الصيفية". صورة "ناصر" ظلت حاضرة في المشهد السياسي المصري طوال السنوات التي تلت رحيله، عدد من الساسة لم يكن غرورهم يقبل وجود "صورة زعيم" في صدارة المشهد، فبدءوا ضد "الصورة" حربهم الباردة، التي يعلم "القاصي والداني" أنهم كسبوا جولات عدة، لكن جاءت الأيام القليلة الماضية لتؤكد أن راية "الشعب" ارتفعت في النهاية، وأن صورة "ناصر" المرتفعة فوق الرؤس لم تكن سوي تعبير عن رغبة البسطاء في إيجاد "رجلهم" الأول، المتحدث الرسمي باسم أحلامهم، المنفذ الأول لأوامرهم – دون أن يكل أو يمل-، وجاءت صور "السيسي" لتعانق "ضحكة ناصر"، و"تأملات الزعيم"، في مشهد راهن على وجوده بسطاء "المحروسة" فقط، وكان لهم ما أرادوا، فتعانقت صورة "ناصر" مع "السيسي" والعامل المشترك الوحيد كان " مصر.البسطاء..والأمل في الغد الأجمل" بعد مرور 44 عاما على رحيل "ناصر" يأتي الرئيس عبد الفتاح السيسي ليصبح "ناصر الجديد". الكاتب الصحفى عبد الله السناوى قال: إعادة إنتاج شخصية الزعيم الخالد عبد الناصر من خلال السيسي تعود إلى عدة أمور، لعل أهمها هو صدق "السيسي" الذي وصل إلى الشعب المصرى الذي لم ير حتى الآن مسئولا في الدولة يخبره بما يحدث بصدق سوى السيسي، وهو ما ظهر في كلماته للشعب عندما أخبره بما حدث مع مرسي وبالتفصيل، وكيف تم اتخاذ القرار. وأكمل "السناوي" بقوله: من يلاحظ الكلمات التي يوجهها السيسي للشعب يراها متجردة تماما من الكلفة ومن الديباجة التي تجعل بينه وبين الشعب حاجزا، وهذا كان أسلوب الزعيم عبد الناصر، فقد شاهد المصريون أول مسئول يقول لهم "أقسم بالله العظيم "، ونحن أمام شعب حُرم كثيرا من ذلك الحديث، ومن تقرب للشعب وضعه المصريون في مكانة لا تضاهيها مكانة، كما أن ما ميز الفريق السيسي أنه يمثل الوطنية المصرية الخالصة، ويتعامل بمقتضى المصلحة العامة لمصر، وكان السيسي واضحا، خاصة أن العدو لم يكن سهلا، فهم الإخوان ومن وراءهم الولاياتالمتحدةالأمريكية. الدكتور عماد جاد - أستاذ العلوم السياسة- أكد أن السيسي هو القائد الوحيد بعد "عبد الناصر " الذي قال للأمريكان "لا " وقضى على أهم حليف إستراتيجي لهم في المنطقة، والأمر لم يكن سهلا، والسيسي نفسه يعرف كم التغيرات الإستراتيجية التي تحدث بسبب سقوط الإخوان، ولكنه فضل أن يتحداهم من أجل مصلحة الشعب، وقد التف المصريون حوله، تماما كما التفوا حول عبد الناصر وهو يواجه دول العدوان الثلاثي. وأضاف "جاد" إن " السيسي بعد موقفه البطولى لو أراد من المصريين فعل أي شيء سيفعلونه، وهو ما فشل فيه كل من جاءوا بعد عبد الناصر، لأنهم لم يتقربوا من الشعب ولم يفهموه، لذلك رأينا رؤساء قتلوا وخلعوا وعزلوا ولم يحزن عليهم أحد، لأنهم صنعوا فجوة كبري بينهم وبين المجتمع المصرى، والأمر الآخر هو سياسة الاقتراب من روسيا التي ظهرت في الآونة الأخيرة، واشتعال الأزمة السورية، وعدم تأييد مصر لأى ضربة عسكرية لسوريا، وهو أمر يعيدنا إلى زمن عبد الناصر، فالصراع العالمى الحالي يحتم الاقتراب من روسيا، لإحداث توازن بين القوى العالمية، لأن روسيا لها مكانة خاصة بين المصريين، فكل تلك العوامل جعلت من السيسي "عبد الناصر الجديد" عند كثير من المصريين. الدكتور محمود العلايلى - القيادى بحزب المصريين الأحرار- أكد أن السبب الأساسى في محاولة البحث عن العوامل المشتركة بين الرئيس السيسي والرئيس الراحل جمال عبد الناصر الجديد وقوف "السيسي" أمام الإخوان، وتحديهم من أجل مصلحة الشعب المصرى، وهو أمر قد يكلفه حياته، ولكنه لا يخافهم، وهذه الجماعة –على مدي تاريخها- تتخذ من الاغتيال وسيلة للتخلص من معارضيها، وقد وصلت إلى حالة من القوة قبل عزل مرسي تمكنها من اغتيال خصومها، ومن وقف أمام هذا كله هو السيسي، وبالتالى استحق أن يكون لدى الجميع عبد الناصر الجديد. وأكمل قائلا: هناك أمرا آخر يتمثل في وطنية السيسي، فهو لا يتحدث إلا عن مصر، ومن شاهده يدرك جيدا أن الرجل مخلص لوطنه ولدينه، ويكره أن يتاجر أحد بالدين، ولم يتصرف سوى من أجل المصلحة العامة، وكل تلك صفات كانت في عبد الناصر، بالإضافة إلى الصراع العالمى الذي يقوده السيسي، وهو ما يؤكد أن السيسي فعلا تلميذ عبد الناصر النجيب.