يستبعد خبير شئون الأمن والدفاع جايلز ميريت، أن تقدم الغارات الأمريكية على معاقل "داعش" في سوريا حلا طويل الأمد. الحل السياسي هو السبيل الوحيد للخروج من هذه الأزمة المعقدة، كما يقول ميريت في حوار مع قناة "DW عربية: سيد ميريت، هل ترى أن الغارات الجوية الأمريكية على معاقل تنظيم "الدولة" في سوريا يمكن أن تكون ضربة حاسمة ضد تهديدات التنظيم الإرهابي؟ جايلز ميريت: من الصعب التنبؤ بهذا الأمر لاسيما وأننا لا نعرف ما يحدث هناك بالضبط الآن، أعتقد أنه لا يوجد من يتوقع السيطرة على حرب أهلية معقدة كتلك التي تحدث في سوريا، عبر الجو. من الصعب تصور كيفية حل المشكلة في النهاية، أنا على قناعة بأن الغارات الجوية الأمريكية ضد قوات "داعش"على الأرض سيئة للغاية بالنسبة للأخيرة، لكني أتشكك في أن هذه الغارات يمكن أن تشكل حلا طويل الأمد. هل تعتقد إذن أن حل المشكلة ممكن من خلال الاستعانة بقوات برية سواء من عناصر مقاتلة محلية أو قوات أجنبية أمريكية؟ أعتقد أن المرء بحاجة فعلية لحل سياسي يمكن أن ينطلق من العلاقة بين نظام الرئيس السوري الأسد وروسيا، السؤال المطروح في هذا الصدد هو: هل يمكن الموازنة بطريقة أو بأخرى بين التأثير الروسي فى سوريا من ناحية وعلاقة روسيا المتدهورة مع الغرب بسبب الأزمة الأوكرانية من ناحية أخرى، بهدف بدء مباحثات دبلوماسية على الأقل؟ أعتقد أن الاستعانة بقوات غربية، أي قوات أمريكية وقوات من التحالف الداعم لها، سيزيد من تعقيد المسألة، ناهيك عن الصعوبات العسكرية الخاصة بإنزال قوات أجنبية في سوريا وتوفير الإمدادات الخاصة بها.. السؤال المهم الآن هو، كيف يمكن حل الأمر بطريقة سياسية؟ تتولى الولاياتالمتحدة المهمة كلها الآن مع خمسة من الحلفاء العرب في ظل غياب مشاركة الحلفاء الأوربيين، باستثناء المشاركة الفرنسية في العراق.. هل تعتقد أن الأوربيين وحلف شمال الأطلسي (الناتو) سيواصلون الجلوس طويلًا على مقاعد المتفرجين؟ العنصر "الإنساني" هو الذي سيحدد هذه المسألة، فالسياسة في الغرب بما في ذلك الولاياتالمتحدة، تعتمد بشكل قوي على الرأي العام الذي يتأثر بدوره بالصور القادمة من أماكن الصراعات والتي تعكس المعاناة الإنسانية، أخشى أننا لسنا بصدد عملية سياسية عاقلة فالأمر يعتمد بشكل قوي على المشاعر، أما العنصر الآخر فهو تركيا التي تلعب دورا مزدوجا فهي من ناحية عضو في الناتو. ومن ناحية أخرى فإن الصراع في سوريا يؤثر فيها بشكل مباشر، ثمة الكثير من الصعوبات والتعقيدات التي لا أعتقد أنه من الممكن حلها عسكريًا، يتعين على الأطراف المختلفة الجلوس سويًا ومحاولة بحث المشكلات الكبرى أولا. لكن الولاياتالمتحدة اختارت الآن الحل العسكري، كم من الممكن أن تستغرق هذه الغارات الجوية؟ لن أسمي ما ذهبت إليه الولاياتالمتحدة بالحل العسكري فهو أقرب للرد العسكري، يتعين علينا التعلم من الدروس المستفادة من ليبيا.. لم تشارك الولاياتالمتحدة وقتها بشكل مباشر لكن الأوربيين اختاروا الحل العسكري وتسببوا في إشعال حرب أهلية جديدة، الوضع السوري أكثر غموضًا من ليبيا ولا يمكن التنبؤ بأبعاده. من الصعب أن أحدد المدة التي يستغرقها الأمر حتى ينقل البنتاغون للبيت الأبيض خبر تحقيق النصر.. هنا لا يمكن سوى التكهن، وأنا أعتقد أن هذه الضربات لن تستمر طويلا فبمجرد انتشار الصور الخاصة بتداعيات هذه الغارات الجوية في الكرة الأرضية كلها، ستتوالى ردود الفعل سريعًا ولن تكون إيجابية. كيف ترى دور أوربا في هذه القضية كلها؟ أليس من مصلحة الأوربيين أيضا وقف تهديدات داعش التي يمكن أن تطالهم أيضًا؟ يتعين علينا التعامل مع "الجهاديين" العائدين إلى أوربا والواضح أن أعدادهم تقدر بالآلاف، لا أعتقد أن "داعش" ستشن موجة هجمات في أوربا، لا أرى الفكرة واقعية كما أن الإجراءات الأمنية جيدة للغاية، أما أوربا نفسها فهي ليست في وضع يسمح لها بالتحرك السياسي في الوقت الراهن بسبب وجود تغييرات في قيادات المؤسسات الأوربية وأقصد هنا المفوضية والبرلمان الأوربي، الاتفاق على موقف سياسي موحد هو ما تحتاجه أوربا بالفعل. ثمة الكثير من الأمور التي لم تضح بعد ومن بينها على سبيل المثال تأثير الرفض الألماني للمشاركة العسكرية، وهل ستقتصر المشاركة العسكرية الأوربية في سوريا على الفرنسيين والبريطانيين وحدهم كلها أمور مازالت غامضة. يرأس جايلز ميريت مؤسسة "أجندة الأمن والدفاع" في بروكسل المعنية بالقضايا العسكرية في أوربا والعلاقات العابرة للأطلسي، عمل الخبير الأمني البريطاني لسنوات طويلة كمراسل لصحيفة "فاينانشيال تايمز" في بروكسل. هذا المحتوى من موقع دوتش فيل اضغط هنا لعرض الموضوع بالكامل